989435
989435
مرايا

مطماطة.. مدينة أمازيغية تحت الأرض

26 أبريل 2017
26 أبريل 2017

ممرات تربط بين كهوفها -

مَطْمَاطَة منطقة في الجنوب الشرقي التونسي، غرب مدينة قابس، وتتميز بأن الهياكل النموذجية للقرية تم بناؤها عبر حفر حفرة كبيرة في الأرض، وحول محيط هذه الحفرة توجد كهوف محفورة لاستخدامها كغرف، وكذلك توجد بعض المنازل التي تضم حفرا متعددة ويربط بينها خندق أو ممر تحت الأرض يسمى “السقيفة”.

اسمها الأمازيغي «أَثْوَبْ» وهي كلمة أمازيغيّة تعني أرض السعادة والهناء، وقيل أنّها سميت مدينة مطماطة على اسم قبيلة أمازيغية قديمة، لم تستطع أن تقاوم جحافل بني هلال، ولم تستطع التأقلم معهم، فهاجر أهلها إلى هذه المنطقة الوعرة، وحفروا بيوتهم في باطنها حتى لا يراهم أحد، وأيضا حتى يتأقلموا مع المناخ، فباطن هذه الحفر كان دوما رطبا في الصيف، ودافئا في الشتاء.

وطرق العيش في تلك المنطقة كانت صعبة، وبما أن تونس تشتهر بإنتاجها الكبير لزيت الزيتون، فكان رجال مطماطة يبحثون عن العمل في شمال القرية كل ربيع، أي عند بداية موسم الزيتون، ويعودون إلى منازلهم في الخريف، عند نهاية الموسم، وكان يأخذون في المقابل الزيت، الذي يبادلونه بمواد أخرى (حاليا بالمال)، ويوفرون طعاما وملابس كافية لتعيش عائلاتهم حياة عادية.

وأثناء قصف الحلفاء لمدينة قابس التابعة للنازيين، فرت العديد من العائلات القابسية للجوء في المساكن التقليدية في مطماطة، كما كانت مطماطة معقل الفلاقة الذين حملوا السلاح ضد الاستعمار الفرنسي تحت قيادة محمد الدغباجي، وكان العديد من زملائه من سكان مطماطة.

ثم بعد الاستقلال في 1956، أعلنت الحكومة بأنها ستحاول نقل سكان الجبال إلى المدن الجديدة الواقعة على هضبة مثل مطماطة الجديدة والزراوة الجديدة وبني عيسى الجديدة، ولكن غالبية السكان فضلوا الاحتفاظ بمنازلهم بالقرب من حدائقهم التي تطفو في الجبال.

كهوف وأنفاق

تختلف بيوت قرية مطماطة التونسية عن باقي البيوت في القرى العربية الأخرى بامتلاكها لساحة أمامية تؤدي إلى العديد من الغرف، إلا أن الغريب في هذه القرية التونسية هو ان جميع بيوتها محفورة في الأرض، وكل حفرة أو منزل مكون من باحة منزل رئيسية تزينها الرسوم، وتتفرع منها حفر أخرى هي بقية غرف المنزل.

كما يوجد في المدينة قلعة قصر جمعة الشامخة والتي تطل على المنطقة الداخلية للمدينة تتبعها الانحدارات الصخرية القاحلة ومن فوقها الشمس الحارقة، وتعتبر الحفر والفتحات الأرضية الموغلة بعمق داخل الجبال مأوى آخر للسكان الأصليين ضد المعتدين.

هذه الكهوف “والتي تستخدم كمنازل” تتكون من فناء واسع وكهوف صخرية تستخدم كغرف للنوم أو مكان لتخزين الحبوب، بالإضافة إلى الممرات التي تتجمع فيها العائلة والتي تشق طريقها بعمق في الصخور اللينة وتصل فيما بينها بممرات. والوصول إلى هذه الكهوف والحياة الكاملة بداخلها من ممرات وما يشبه الغرف يكون عن طريق أنفاق أو سلالم والتي من الممكن أن تزال عند الشعور بالخطر.

أما من الداخل فالبيوت الصخرية أو الكهوف والمدهونة جدرانها باللون الأبيض الخالص تكون رطبة مع شيء من البرودة الخفيفة في الصيف مما يحمي ساكني هذه الكهوف من الشمس الحارقة في تلك الصحراء القاحلة، وبعض من هذه المنازل الجبلية تحول إلى فنادق.

وقد اكتسبت مطماطة شهرتها العالمية من خلال فيلم حرب النجوم، الذي صوّر في بيوتها الغريبة عام 1970، وبدت بيوتها على الشاشة مثل أصداء كوكب خيالي لم يوجد أبدا.