sharifa
sharifa
أعمدة

وتر: حضانات أم أماكن إيواء؟

26 أبريل 2017
26 أبريل 2017

شريفة بنت علي التوبية -

دخلت يوماً إحدى الحضانات وهي تلك المؤسسات التي تحتضن أطفال النساء العاملات اللواتي اعتقدن أن تلك الحضانات هي المكان الآمن لأطفالهن، توقعت كما تتوقع أي أم أن تكون هذه البيوت هي المكان الأفضل والأكثر أماناً للطفل من أن يكون تحت رحمة عاملة في البيت قد تسيء معاملته وفق ما تم الكشف عنه في أكثر من مقطع فيديو لخادمات يعذبن أطفالاً في غياب أمهاتهم بلا رحمة، ولكن ما لفت انتباهي أن عدد الأطفال في تلك الحضانة كان كبيراً بالمقارنة مع عدد الغرف وعدد المشرفات على الأطفال، إلى درجة أن تكون هناك مشرفة واحدة لعشرة أطفال تقريباً من هم في عمر أقل من سنة، كما أن المشرفات على الأطفال بشكل مباشر أجنبيات، وكما يوحي منظرهن العام إنهن في الأصل عاملات منازل ولا يملكن التأهيل الكافي للتعامل مع الأطفال في مثل هذه المرحلة العمرية المهمة، بدا لي المكان ليس أكثر من مكان إيواء، آلمني المشهد على أولئك الأطفال الذين لا أعتقد أنهم يتلقون الرعاية المتوقعة ولا الاهتمام الكافي الذي ترجوه أي أم لطفلها.

الغريب أن الحضانات الأخرى المنتشرة هنا وهناك ليست أفضل حالاً كما عرفت، فمعظمها لا تتوفر فيها اشتراطات النظافة والأمان للطفل، وأكثرها تخلو من كاميرات للمراقبة، فلا تعلم الأم كيف يتم التعامل مع طفلها، والطفل بحكم سنه الصغير لا يستطيع أن يقول ما يمكن أن يحدث معه، والذي ربما قد يصل إلى الإيذاء غير الظاهر أو حتى التحرش الجنسي في بعض الأحيان.

بكل أسف أمام هذا العدد الكبير من البيوت التي تحولت إلى حضانات لم يعد الأمر أكثر من مشروع تجاري مربح فقط، فهم يدركون حاجة الأمهات العاملات إلى مكان آمن لأطفالهن مع غياب البدائل، ولكن أين الأمان الذي تبحث عنه هؤلاء الأمهات حين ينقلن أطفالهن من يد عاملة في البيت إلى يد عاملة أخرى في حضانة؟ إنها حاجة المضطر أمام قوانين العمل التي لا تمنح الأم إجازة أمومة كافية أو إجازة تفرّغ لتربية أبنائها ولو بنصف راتب مثلاً حتى وصولهم إلى سن المدرسة، وبكل أسف حتى فكرة الحضانات داخل مؤسسات العمل لم تجد طريقها إلى النور، ليبقى الحال على ما هو عليه، فمتى إذن يحصل هذه الطفل على حقوقه، وأبسط حقوقه طفولة آمنة مع أم تمنحه محبتها وحنانها أو حتى مكان مستوفي الشروط في سنوات عمره الأولى .