المنوعات

لماذا لا تصل الكثير من الطيور المهاجرة إلى وجهتها ؟

24 أبريل 2017
24 أبريل 2017

أثينا/‏‏نيقوسيا «د.ب.أ»: امتلأ الهواء برفرفة ونحيب يائسَين يتخللهما صيحات عالية لاثنين من الصيادين، تلك الصيحات التي تجلب عددا متزايدا من الطيور في شبكة منصوبة، ثم يلتقط الرجلان هذه الطيور بقبضات محترفة من هذه الشبكة ذات النسيج الضيق ويضعونها في سلة بلاستيكية.

لا يمكن لأصحاب الأعصاب الضعيفة تحمل مقاطع الفيديو التي التقطتها الجمعية الملكية لحماية الطيور RSPB لهذه الطيور التي وقعت في فخ الصيادين، وهي المقاطع التي التقطت الخريف الماضي في جزيرة قبرص بالبحر المتوسط وهو الوقت الذي يسقط فيه وفقا لبعض التقديرات أكثر من 3ر2 مليون طائر بري ضحية للصيد غير المشروع.

أي أنه عندما تعود الطيور المهاجرة إلى ألمانيا في الربيع فإن عددها لا يكون قد تقلص بشكل طبيعي فقط ولكن أيضا بسبب هذا النوع من الصيد، حيث إن صيد الطيور الصغيرة منتشر كثيرا في جميع منطقة البحر المتوسط، سواء في جنوب فرنسا أو في مالطا أو إيطاليا أو قبرص، ثالث أكبر جزيرة في البحر المتوسط تفضل الطيور المهاجرة الاستراحة فيها أثناء رحلة الهجرة الطويلة، وهو ما يتسبب في هلاك الكثير منها؛ لأن سكان قبرص يعتبرون لحم «طيور الكرم» طبقا شهيا، حيث هناك من سكان الجزيرة من هو مستعد لدفع مبلغ 80 يورو مقابل تناول لحم أحد هذه الطيور التي يبلغ وزن الواحد منها بضعة جرامات فقط رغم أن القانون أصبح يحظر بيع لحوم هذه الطيور.

يؤكد حماة الطيور أن هناك أكثر من 150 نوعا من الطيور تعاني من هذا الصيد المحظور منها 78 طائرا مسجلا على قائمة الاتحاد الأوروبي للأنواع المهددة. من هذه الطيور التي تعرض في عدد من مطاعم قبرص وحاناتها طائر العندليب وطائر أبو قلنسوة و الوروار الأوروبي و أبو الحناء الأوروبي وطائر الشفشافة والسمنة المغردة.

ورغم أن لحوم هذه الطيور لا تقدم بشكل معلن ضمن قائمة الطعام إلا أنها تقدم «تحت المنضدة».

ويدل ذلك وحده على أن هناك ما يمكن تسميته بمافيا الطيور في قبرص حسبما أوضح تاسوس شياليس، منسق منظمة حياة الطيور القبرصية في الحملة القومية لمكافحة الصيد المحظور للطيور مضيفا: «أصبح صيد هذه الطيور عاملا اقتصاديا، وهي جريمة منظمة؛ لذلك فمن الصعب جدا مواجهة هذا الصيد». يبلغ حجم مبيعات هؤلاء الصيادين الذين يعملون في تجارة الطيور المحظورة نحو 15 مليون يورو سنويا، ومن البديهي أن هذه المبيعات لا تتم بشكل رسمي.

تعود هذه التقديرات إلى عام 2010 ومن غير المحتمل أن تكون هذه المبيعات قد تراجعت، ولكن شياليس لا يستطيع التكهن بعدد هؤلاء الصيادين الذين يعيثون في الطبيعة فسادا، ولكنه اكتفى بالقول: إن عددهم يقدر بالآلاف بمن فيهم الصيادون المحترفون والهواة الذين يأكلون صيدهم ولا يبيعونه.

وفقا لتقديرات حماة البيئة فإن هؤلاء الصيادين نصبوا الخريف الماضي شباكا ضيقة بطول إجمالي لا يقل عن 21 كيلومترا بالإضافة إلى أنهم ينصبون فخاخا لا تحصى من البوص المغرى. علاوة على ذلك يقوم الصيادون بتركيب أجهزة خاصة لإطلاق أصوات لاستدراج الطيور. وتقع في هذه الفخاخ الكثير من الطيور التي لا تؤكَل لحومها من بينها طائر الأبلق القبرصي وكذلك الهدهد وعدد من أنواع البوم.

ومن أكثر وسائل غدر هؤلاء الصيادين بالطيور هو أنهم يزرعون أعدادا كبيرة من شجر الطلح ويروونها بمصادر المياه الشحيحة في جزيرة قبرص لاستخدامها في نصب شباكهم.

وبصرف النظر عن استخدام هذه الأشجار في الصيد غير المشروع للطيور المهاجرة فإنها تضر أيضا بالبيئة النباتية والحيوانية في قبرص. وبذلك فإن حماة الطيور بجمعية حياة الطيور القبرصية يحاربون على الكثير من الجبهات دون جدوى.