شرفات

كتاب جديد لأحمد خالد توفيق حول تدني الذائقة الأدبية

24 أبريل 2017
24 أبريل 2017

القاهرة «العمانية»: يقدم الروائي المصري أحمد خالد توفيق في كتابه «اللغز وراء السطور: أحاديث من مطبخ الكتابة» صورة لمعضلة تدني ذوق قراء الأدب، مما سمح بانتشار الأعمال الهابطة واتساعها جماهيريا، مقابل انحسار الأعمال الرصينة.

ويشير الناشر (دار الشروق) إلى أن هـذا المؤلف يحاول فك اللغز الذي تحدث عنه في عنوان الكتاب، بأسـلوبه السـاخر والممتع، ليقـدم وصفة سـحرية من عصـارة تجاربه ومن تجارب كبـار الأدباء. إذ يتنـاول في الجزء الأول بعـض التقنيات الأدبية المسـتعصية ويقترح حلولًا لها ببساطة وإمتاع، فيتنقل من سدة الكاتب إلى أسماء الأبطال، ويتوقف عند العمل الناجح المدمر لمؤلفه، ويحل إشكالية الغرور وانعدام الثقة. أما الجزء الثاني فيستعرض فيه المعارك الأدبية المختلفة من تحذلق النقاد إلى متلازمة الطب والأدب، ويحل أزمة الاقتباس من الأدب إلى السينما.

ويقول المؤلف إن الرسالة الكهربية الغامضة المنبعثة من اجتماع الحرف جوار الحرف، لا تقل غموضًا ورهبة عن الطريقة التي تتتابع بها شيفرة الحمض النووي لتصنع لنا حمضًا أمينيًا مختلفًا فى كل مرة، فبالرموز نحصل على بشرة ناعمة أو قامة فارعة أو صوت رخيم.

ويروي في كتابه قصة مؤلِّف يكتب قصصًا قصيرة متوسطة المستوى ويرسلها للمجلات، وفي ليلة سوداء يهبط عليه الإلهام، فيكتب قصة مؤثرة رائعة اسمها «المرحومة أخت زوجته»، عندما قرأتْها زوجته ظلت صامتة بعض الوقت، ثم انفجرت في بكاء حار، وقالت له: «هذه أروع قصة قرأتها في حياتي»، وعندما نُشرت القصة، انهالت رسائل القراء تصف كم هي مؤثرة وكم أن هذا الرجل عبقري، وقد اضطر رئيس التحرير إلى أن يرفع مكافأة المؤلف عن القصة الواحدة، وبعدها كتب المؤلف قصة جيدة وأرسلها للمجلة، فجأة عادت له القصة وقد أرفق رئيس التحرير رسالة يقول فيها: «قصة جيدة.. لكن القارئ الآن لم يعد يقبل هذا المستوى من القصص. لن يقبل بأقل من (المرحومة أخت زوجته)».

ويضيف بأن موهبة التقمص يجب أن تكون متضخمةً لدى الأديب بشكل واضح، بينما «النصب» موهبة أخرى مهمة من مواهب الأديب؛ فعليه أن يصنع جوًا زائفًا محكم التفاصيل يقنع القارئ.

ويتابع: بالنسبة لنوعية أدب «البوب» الذي أكتبه للشباب - حيث يمكن أن تدور الأحداثُ في أيِّ مكان في العالم - كان علي أن أتعلّم «النصب» في أقوى صوره، فبعض القراء لم يصدّق أنني لم أذهب لرومانيا قط. كما أنني كتبت الكثير جدًا عن لندن قبل أن أرى إنجلترا. الفكرة هنا هي أن يمتلئ رأسك بأعمال أدبية من ذلك البلد، تستعين بخريطة جيدة أو بعض مذكرات مَن ذهبوا هناك، تستعين برواية فيها قدر لا بأس به من أسماء الناس، تصنع الجو ببعض اللمسات.

ويتحدث عن عشقه لمتابعة المعارك الأدبية الشرسة التي كانت تدور في العصر الذهبي للأدب العربي المعاصر؛ لأنها تعكس حيوية فكرية غير عادية، وتعكس رقيًا شديدًا. ويقول إن من ضمن معارك العقاد الشهيرة غير المكتملة معركة مع أديب هامس خفيض الصوت، يفضّل أن يصغي ولا يتكلم، ورغم هذا فإن الأديب الخجول هو الذي بدأ الاقتتالَ، ففضّل العقاد الصمت. ويكشف أن هذا الأديب الخجول هو نجيب محفوظ، وأن المعركة دارت عام ١٩٤٥، حيث كتب العقاد في كتاب «في بيتي» بعض آرائه، متصورًا أنه يجري حوارًا مع نفسه، وقد سألَتْه نفسه عن سبب قلة الروايات في مكتبته، فقال لها إن الشعر أنفس من الرواية بكثير، ومحصول خمسين صفحة من الشعر الرفيع أوفر من محصول هذه الصفحات من القصة الرفيعة.

ويضيف بأن العقاد استند بطريقته الصارمة إلى مقياس هو «الأداة مقابل المحصول»، كلما قلّت الأداة وزاد المحصول، ارتفعت طبقة الفن والأدب، وكلما تضخَمت الأداة وقلّ المحصول، مال إلى النزول والإسفاف، وما أكثر الأداة وأقل المحصول في القصص والروايات.