شرفات

النقد السياسي المسرحي

24 أبريل 2017
24 أبريل 2017

أحمد ضياء/ كاتب من العراق -

يأخذ النقد السياسي المصطلح غير المثبت بتاتاً إلا من خلالنا مفتاحاً أساسياً في الدراسات أو العروض التجريبية الجديدة لذا فأنه يتمحور عبر عرض رئيس أجده باباً راكزاً ومؤثثاً لهذا المصطلح ألا وهو عرض العباءة للمؤلف والكاتب سعد هدابي لأنه من أهم الإعمال التي تناولت في ثناياها المهتمة بمعالجة ظاهرة الحرب وللسياسيين المعتكفين على ممارستها من قبل نفوذهم والتي تحاول توجيه المجتمع ضد ثقافة الحرب من خلال جميع القواعد والقيم التي تخص الفرد نفسه والعالم بشكل عام. فمنذ اللحظة الأولى للعمل نرى الرحى التي تستخدم لطحن الحبوب أخذت وظيفة أخرى غير وظيفتها المعتادة أي أنها بدأت الآن تطحن بلحمنا ومن ثم ترغمنا على تذوقه غير آبهة للدماء التي سالت والتي ستسيل عبر السياسة التي تمارسها عبر منظومتها القمعية التي تحاول أن تبثها في فضاء العرض المهيمن على جميع الأصعدة كونه حمل الكثير من الإشارات والمدلولات التي بدأت الآن تأخذ دورها الكبير أو أن تمثل المفخخات التي انهالت على الوطن. كما أن العرض إضافة لنقدها للسياسة العقيمة التي تمثلت في دور الشخصية (صلاح الربيعي( الذي مثل لنا دور الفحولة المهزومة (السياسة /‏ الحرب) في الوقت ذاته حيث إننا نشاهد أن الشخص كان كثير القلق من معرفة الجيران التي تحيط ببيته عن عقدته كونه لم يستطع أن يتخلص منها أي انه لم يقوم بالدور المطلوب منه في ليلة الزفاف. إضافة إلى المجاميع التي أخذت حصتها من الحرب والدماء التي سالت على أجساد هؤلاء الأبرياء بدءاً من اللوحة الأولى التي تمثل حالة من الزجاج التي أخذ كل من الشخصيتين )صلاح وفاطمة جودات) الرسم عليه، ممثلين بذلك حالة الحب أثناء الأزمات أو أثناء الحروب السياسية التي تفتعلها مجموعة ما تنبري إلى الأخذ الكثير لأدخله في الحروب والسياسة عبر وضعهم في خانات مزججة أشبه ما تكون منكانات (دمى) متحركة الغاية منها بيان الرومانسية التي تحدث وما هي الآثار السلبية التي تحدثها الحروب وبالتالي السياسة ومن ثم بدأ الرسم على الزجاج والتعبير عن الحب. ثم خربشات أو مسرح أو فوضوي الحركة التي يقوم بها بطلا المسرحية ثم أن صفارات الإنذار التي تعودنا سماعها في حالة الأزمة والحروب والتي كثيرا ما كانت تمثل حالة الشؤم والخوف او انها تمثل حالة من اليقظة والتهيُّؤ والاستعداد ومن ثم الارتعاش لدى الفرد ولدى الحكومة السياسية المتمثلة بالسلطة العليا في الدولة وما أن جاءت صفارات الإنذار حتى أنها انبأتنا بالانقلابات السياسية بطريقة فنية.

حتى أن الكاميرا تلك الآلة التي وثقت للجرح والهم العراقي كانت الأخرى أحد المهيمنات الرئيسة التي ضمنتها مناطق العرض المتبلورة ضمن مفاهيم كثيرة تعالت على أرض الواقع إلا أن الكاميرا لم تفعل هذا الشيء فكما أنها وثقت الجوع والقهر وحالات العوز التي مرت على شعبنا ووثقت لنا أفعال أقوال المتعندين من السياسيين الذين اختطوا سبل الأدلجة التي لم تفك عن محمولات القمعية والسادية في ممارساتها إزاء الفرد ومن ثم الجماعة. حيث أنها وثقت الأغاني التي كانت الحافز الأساس والرئيس للسياسيين من أجل تدعيم مشروعهم القمعي. إن المجموعة التي مثلت السفر إلى الحرب ومن ثم إلى الخانات المعزولة كونهم الدرع الأول في مواجه العدو كانت ولا تزال البوابة الرئيسة للدفاع. كل هذا والرحى بدأت تنسف الدم العراقي زاجّة به نحو العديد من الأيقونات والمدلولات التي بثتها إلينا المنظومة العرضية . تعد الآمال الشبابية الفتية والتي ما أن تبلغ ريعان شبابها حتى أنها تزج في الحرب كونها مرغمة من قبل السياسيين ببعض الادعاءات الكاذبة التي تخص الدفاع عن الوطن والأمة هذه الادعاءات أخذت حيزها على جميع الأصعدة السياسية والتي ترغم الشاب إلى القيام بحلاقة رأسه متجها إلى الخدمة التي ملأ السياسيون رأسنا بها. كانت المرأة هي الأخرى ذات اثر بليغ على المجموعة حيث كانت عاكسة إلى الآمال التي وضعها الشباب أمام مفتتح طريقهم الواسع، ومن ثم عكس هذه المرايا إلى الناظرين من الجمهور حتى يقول لهم المخرج أيها الناس انتبهوا إلى ما يحدث على ارض الواقع ومستخدما لغة إيمائية نقدية لكل الأمور والمدلولات التي عرفها المجتمع من خلال فحصه الدقيق لكافة المنظومات وعلى جميع الأصعدة فهو يبين حالتين متناقضتين من خلال العرض.

الروح الوطنية التي يحملها المخرج ساعدت على تبنيه الآراء الحربية التي عانها ربما من خلال تجربته مع الحرب عاكسا تلك المعاناة على (النص /‏ العرض) من ثم العوق الذي شاهده نتيجة الحرب عكسها أيضا على فضاء العرض. فما أن تخرج سالما من المعارك التي خضتها حتى يتبين لك أنك معاق بكل العقد الجسدية منها والعقلية مبنية على نظرة تساهم في قوننة الحالات الافتراضية التي يخوضها الفرد بعد التخلص من الحرب واكتشاف أمور مهولة مبنية على الكثير من أفئدة المجتمع. أتخذ المخرج من النقد السياسي العتبة الأولى والأساس في عرضه العباءة التي أخذت مدلولاتها إلى البروز على أرض الواقع كونها لفت المجتمع بسوادات ليس لها أول ولا آخر. اشتغالات العرض عبر الصورة التي أتت إلينا أوحت لنا بالكثير من المداليل التي من شأنها بيان حالات العنف سواء أكان رمزيا أم إشاريا أم مباشرا عبر الحالات المكونة بالأجساد أو السينوغرافيا فمثلا نرى أن الحقائب تحول إلى تابوت وإن المرايا قد كسرت وهي أدانه صريحة للنظام كونه الرافد المهم ضمن روافد النقد السياسي، أن التحليلات الحركية التي استطاع العرض أن يفضها بها ضمن حافز مهم من حوافز التباين المنظومات للعرض وما آلت إليه الكثير من إرشادات سيطرة الدولة على الفرد. إن الدولة بعكازها تراها تباشر بالتعكز على دماء الأبرياء وما بهم من مكنونات تفشي بالعديد من الأمور التي تبين حالة النقص في الدول العائشة على مثل هذه الأمور. الخطاب الذي بثه العرض كان واضحا في رؤيته عبر وعي المخرج كونه كان يعي العملية الإخراجية التي يقوم بالاشتغال عليها وفق الحياة الاجتماعية التي تتداخل في ما بينها بوصفها نسيجا بين الواقع (الفرد( والسياسة وان الحوارية القائمة بين الزوج والزوجة تبين الفراق والقطيعة التي تحدث لدى الفرد جراء الحروب والويلات والأزمات كون أن الشغل الشاغل الذي يهم الفرد في المعركة هو عملية التخلص من العدو ومن ثم العودة سالما من الأشخاص الذي ينتظرونه (القصف /‏ الخوف /‏ السلام /‏ الألم /‏ الجرح /‏ النزف). ثم محاولة ربط هذا الألم بالواقع الطفولي الذي يكونه عبر أغاني هي في الذاكرة الجمعية مخلصاً بذلك من حالات النكد والضجر الذي ينتاب الكل جراء الواقع السياسي المتأزم في قبو الحياة وهي محاولة لزجنا في كرة القدم مع الكثير من التشويش حيث فضح العرض التوحد الذي يصيب الجميع جراء لعب كرة القدم أن الشعب بجميع طوائفه وتكتله يتوحد تحت هذه اليافطة مقشراً جميع البغضاء الطائفية جاعلاً من الطائفية السياسية أكثر منها طائفيه اجتماعية إي أن العرض أراد أن يبرهن من خلال لعبة القدم الجميع متوحدين إلا أن المتخاذلين هم السياسيين وحدهم لذا لا تدخلوا الشعب بهذه المعمعة التي تصيب أفئدة المجتمع وبالتالي تحوله إلى انتكاسات هائلة.

أبرز لنا العرض الحالة العقيمة التي تأكل السياسيين كونهم يعانون من حالات كثيرة من النقص محاولين إيفادها إلى المجتمع وصبها وفوق رؤوسهم، معلنه الفتاة التي تمثل آلامه على أن الفحولة لا تسطيع أن تفك بكارتها، وبالتالي فإن هذا الأمر ولد لديها الكثير من التراكمات التي ساعدت هي الأخرى على الذهاب نحو الحرب والأمور السياسية الأخرى التي تبين العديد من المنظومات لأنها تفي بالكثير من الأغراض. إن الرافعات التي حمالات الجنود لهي نفس الرافعات التي حملت العراقيين وهي نفس الرافعات التي اتكأ عليها السياسيين من أجل سبر أغوار المجتمع في طين جهنم التي يعشها المواطن عبر بعض الادعاءات التي توفرها الكثير من المنظومات التي من شأنها تكريس مثل هكذا منظومات كانت الكاميرا شاهد العصر فهي دونت الكثير من الأحداث عبر تدوين اللحظات التعسفية التي يتبعها السياسيين في مثل هكذا أمور. حتى إننا نشاهد أن القمصان رفعت وبقت في الأعلى معلنة أن لا عودة إلى الأجساد التي أكلتها الحروب والآفات التي أطلقها العدو من رصاص أكل جسد الأبرياء والأتربة كانت الحافز الرئيس لبيان العدد الهائل من الأمور المتكالبة على رأس المواطن ومحاولين طمس إنسانية وعدم جعله يفكر بشيء آخر غير لقمة العيش وبالتالي الفوبيا من الحرب والفوبيا من السياسيين أنفسهم الذي أصبحوا الآن بمصاف الآلهة. الطحن من خلال الرحى التي زامنت العرض والتي ساهمت في إزعاج المتلقي كون أن هذا الطحن لم يتوقف وإنما ما زال يأكل بجسد الإنسان مستغنيا بذلك عن جميع الأدوات كون الطحن القادم غير معروف وفق أي آلات سوف يقوم السياسيين بطحننا وإبراز بواطن الضجر والرعب في نفوس من قاموا بالانتخاب وهي ذات الطاحونة التي تفتك بجسدنا اليوم من مفخخات.

الضمادات التي أتت بها الشخصية) فاطمة جودات( من أجل تضميد الجرح العراقي العظيم الذي ما أنفك من الزيف . ها أنا أتنفس الحياة ولساني يلهج فحولتي/‏ الفحولة الضائعة التي أخذ الآخر يسخر منها عبر تقنينها ضمن بعض الأشياء النسقية التي يرموها إليه. أخذ العنكبوت يعشش فوق هذا السرير الذي لم يشهد أي صولة منك فوقها وإنما كانت جميع الصولات التي تقوم بها خارج هذا السرير لتستر الانحرافات التي لا يمكن لك القيام بها فوق مكانك الشرعي موغلا الآخرين بأنك الفرد الصمد الفحل الذي يبطح كل ما يعترض طريقة. كان السرير تابوت لا يلف أي شيء إلا الأمور الجنسية إلا أنه وثق كل الأمور التي تحدث على ساحة الحرب معتبراً إياها ؟ رجولة غير أنه لا يستطيع أن يوثق أي شيء فوق السرير، الجرح الذي ينم بالخوف لآن الجيران من النساء التي لا تنعم بالحب والطمأنينة لكونهم أزواجهن ما زالوا على قيد الرجولة. بعد أن علمت زوجات الجيران أصبح لا يقدر الخروج من هذا المكان المترب إلا وهو منكسر العين وغير قادرٍ على أن يرفع عينه بوجه أي احد من الأصدقاء حيث السّر الذي ظل مختبئاً أصبح الآن مباحاً لمن شاء التلصص أو الاستماع عن بعد عن أمور السياسيين أن العرض نقد فاضح لجميع الانتهاكات التي تقوم بها السلطة المتمثلة بجميع الأنظمة الحاكمة. الأشرطة كانت هي الأخرى حاضرة في العرض لكونها إذا أفشت السر عن ذلك الرجل الذي كسر سيفه بسبب تشكيكي واللوم الذي دائما ما تحاولين ان تلقينه علي كون جسدا ينزف ولا أمل في أن يكف هذا الجرح حتى لو ان الضمادات التي أتيت به لا يمكن أن تضمد هذا الجرح لذا ينبغي أن نضع خاتمة لذلك اللغط الذي يقوم من حولي . لذا بدأ يفكر في خطوة يوضح فيها الخطوة الأولى من هذا العناء كونكِ أنت من أذاع سري لتتم مرحلة المطاردة من أجل إثبات رجولته السياسية بالقتل من خلال توظيف) الداتشو) ضمن الفضاء العرضي مستعينا بآلة الكاميرا التي سوف تقوم بتثبيت كل الأمور التي سوف يقوم بعملها على ذلك السرير المصاب بخيبة الأمل جراء عدم فتح بكارة الحياة به ومن ثم يثبت رجولته من القتل والقمع الذي اعتاد السياسيون العمل به من خلال إخراسها بالضمادات التي كانت تحملها إليه كونها بينت انه بلا ذكورة تذكر هذه الحالات المازوخية التي يتبعها الآخرون في القمع ومن ثم تكفينها بفراش السرير الذي طالما ما حلمت بأن تكون امرأة فوقه، معطرا الجثة برواح الزفاف تلك التي تعود أن يتعامل معها بوصفه الفحل المختار راقصاً على جروحه التي ولدها هذا الصمت العنيف.

ثم تحول هذا العرس الذي حولته رائحة البارود كونكِ لم تكفين عن الشكوى وبالتالي فان العديد من الأمور التي ظنَّ انه قام بقتل المرأة التي كانت الوحيدة التي تعرف السر إلا انه تبين أنها لم تقتل وبالتالي أن الجميع بقي يعرف السر ومن ثم لبس العباءة التي طالما اعتبارها أنها عنصر الضعف لدى المرأة لذا كون العرض العديد من المنظومات الاشارية وخاصة عندما وجدها تطحن بالرحى ومن ثم تحول الفضاء المسرحي كله إلى رحى تطحن بدماء الأبرياء الذي كل يوم يحاولون أن يوفروا إليه الأمور الكثير . بين لنا العرض حالات العقم التي تتولد لدى السياسيين جرى العنف المزدوج الذي يمارسونه في سبيل إبراز فحولتهم المزعومة لذا فالعرض جاء ناقد لجميع الأنظمة السياسية منها وغير السياسية ليضعها على طاولة من الأشياء المكشوفة عبر العديد من المحمولات الفكرية الجمالية مبين أن لا قوة فوق المجتمع وانه بحاجة إلى فك الكثير من الشفرات التي تبين انه مجتمع متماسك فيه الكثير من الأمور الواجب أن تثبت له الوظيفة الأدائية التي تقشر الأمور وتجعلها في تماس مع الواقع من أجل الميل بهذا الجمع السياسي حيث يحاولون المتاجرة في جميع الدماء العراقية التي ما لبثت أن تقوم من حرب إلى أخرى وأطاحت بمعالجات المابعد نفسية.