المنوعات

هل كان أشرف مروان جاسوسا خالصا لإسرائيل أم عميلا مزدوجا؟!! «1- 3»

23 أبريل 2017
23 أبريل 2017

سلم الموساد وثائق مصرية ومحاضر اجتماعات .. وموعد حرب أكتوبر -

عاصم الشيدي -

عند الساعة الواحدة والنصف ظهرا يوم 27 يونيو من عام 2007 هوى رجل الأعمال المصري أشرف مروان من شرفة شقته بالدور الخامس ليستقر في حديقة الورود الخاصة بالمبنى في شارع كارلتون هاوس تيراس، وهو المبنى الذي لا يبعد إلا مئات الأمتار عن سيرك بيكاديلي الشهير. كانت لندن منشغلة بالكامل في تلك اللحظة بموكب رئيس الوزراء توني بلير الذي كان متجها في ذلك الوقت بالتحديد إلى قصر بيكنجهام لتقديم استقالته. وعندما وصل المسعفون كان أشرف مروان قد لفظ أنفاسه الأخيرة لتنتهي قصة أشهر جاسوس في القرن العشرين وتختفي أسراره معه.

***

قبل أسبوعين من الآن فيما كانت شبكات التواصل الاجتماعي وبعض الصحف منشغلة بالتعليق على مقطع فيديو ظهرت فيه أرملة أشرف مروان منى ابنة الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر ترقص في حضور «السفير الإسرائيلي في القاهرة» خلال حفل زفاف ابنها أحمد «تم نفي الخبر بالأدلة بعد يوم واحد من نشر المقطع» في ذلك التوقيت بالتحديد كانت الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت قد أصدرت ترجمة عربية لكتاب الباحث الإسرائيلي يوري - بار - جوزيف - والذي حمل عنوان «الملاك.. الجاسوس المصري الذي أنقذ إسرائيل»، وظهرت أخبار خجولة عن الكتاب في بعض الصحف العربية. الكتاب يتحدث عن قصة «جاسوسية» أشرف مروان برواية أجهزة المخابرات الإسرائيلية باعتبار أن مؤلفه هو أحد مؤرخي الموساد الإسرائيلي والذي كتب الكثير من الكتب عن قصصهم وقصص جواسيسهم.. وهذه المرة الأولى التي تصدر معلومات ووثائق بهذا التفصيل عن أشرف مروان ومن مصدر مقرب جدا من أجهزة المخابرات الإسرائيلية كما هو الحال مع كتاب يوري جوزيف.

ورغم مرور عشر سنوات كاملة تقريبا على رحيل أشرف مروان إلا أن الحديث حوله لم يهدأ، والجدل حول فكرة هل كان عميلا خالصا لإسرائيل أم كان عميلا مزدوجا دفعت به المخابرات المصرية لخداع إسرائيل قبيل حرب أكتوبر بشكل خاص قائما لا يكاد يغيب إلا ليحضر في كل المناسبات ومع كل المحللين والمتحدثين حول الصراع العربي - الإسرائيلي.

أول مرة لفتني موضوع أشرف مروان كان عندما قرأت كتاب الأستاذ محمد حسنين هيكل «مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان» حيث خصص فصلا كاملا للحديث عن أشرف مروان وعلاقته مع حسني مبارك، لكن هيكل في ذلك الفصل لم يقل كل ما لديه ربما لغياب الوثائق وربما لأشياء أخرى أجلّها لكن الأجل كان أسرع منه.

يبدو كتاب «الملاك» رواية متقنة وموثقة بالأدلة تنفي أن يكون أشرف مروان جاسوسا مزدوجا خدع إسرائيل، ويدافع الكتاب جيدا عن مروان وعن قدراته للوصول للمعلومة بأسلوب مقنع للقارئ خاصة لذلك القارئ الذي لا يملك معلومات أخرى تفند ما يطرحه الكتاب. وفي تحقيق صحفي «مهم» نشرته جريدة الجارديان البريطانية وكتبه المحقق الصحفي سيمون باركين وترجمته للعربية جريدة الغد الأردنية وحمل عنوان «من قتل الملاك.. أكبر جاسوس في القرن العشرين» نشر عام 2015 أكد التحقيق على أهمية أشرف مروان في دعم إسرائيل بوثائق ولكن بعض المتحدثين في التحقيق قالوا إن مروان كان جاسوسا مزدوجا، لكن هذا لم ينف أهمية مروان حيث ذكر أحد عملاء المخابرات الإسرائيلية متحدثا عن مروان: «كما لو أننا حصلنا على شخص ينام في سرير ناصر».. «هذا أمر لا يتكرر إلا مرة كل ألف عام». في هذا الموضوع لا أقف فقط عند كتاب «الملاك» رغم أنه محور الموضوع ولكن أحاول أن أبحث في بعض الكتب والوثائق المتاحة لتكون الصورة المتشكلة أكثر وضوحا.

في أواخر عام 1968 وصل أشرف مروان وزوجته منى إلى مدينة لندن لدراسة الماجستير في الكيمياء. كانت لندن مدينة ديناميكية وقبلة الإثارة والموسيقى والأزياء والجمال والثروة في العالم في ذلك الوقت، وما زالت، وسرعان مع وقع أشرف مروان في فخاخ لندن، وشوهد على طاولات اللعب في نادي بلاي بوي أحد أضخم الكازينوهات في المدينة. ولم يكن مروان من أصحاب الثراء ولكن ولعه بالمغامرة والمقامرة قاده للعب.

بعد وصول أشرف مروان وزوجته إلى لندن صادقا عائلة كويتية كانت قد وصلت لتوها للندن أيضا، إنها عائلة الأمير عبدالله المبارك الصباح وزوجته الشاعرة المعروفة سعاد الصباح، وكان الأميران على علاقة بجمال عبدالناصر وأسرته.. وتوثقت العلاقة بين العائلتين، وحين وقع أشرف مروان في المشاكل بسبب إدمانه على القمار، قامت سعاد بتسديد ديونه دون أن يتحدث عن علاقة غرامية بينهما لعدم وجود الأدلة رغم أن البعض تحدث عن ذلك. وأيضا لقوة العلاقة بين عائلة الأمير الكويتي والزعيم عبدالناصر حيث تبرع الأمير في عام 1963 بخمس وعشرين سيارة جيب للجيش المصري، وقدم مرتين قبل حربي 1967 و1973 مبلغ مليون دولار للمساهمة في المجهود الحربي، وقدم لجمال عبدالناصر شخصيا في عام 1966 مبلغ مليون دولار لكن عبدالناصر تبرع بالمبلغ كاملا لدعم التعليم في مصر.

لم يطل موضوع أشرف مروان حتى كان على طاولة عبدالناصر وكانت ردة فعله أن طلب من سفارته في لندن وضع أشرف مروان على أول طائرة قادمة إلى القاهرة، وبمجرد وصوله اقتيد إلى عبدالناصر مباشرة. حاول مروان إقناع عمه بأن الحياة الباهظة في لندن جعلته مضطرا لقبول المال.. لكن ناصر كان قد سمع مسبقا عن نمط حياة الزوجين في المدينة وعن لياليهما في الخارج وعن مقامرات مروان. أصر جمال عبدالناصر على طلاق ابنته من أشرف مروان، لكن منى رفضت. كان جمال عبدالناصر غير موافق من الأساس على هذا الزواج، والتقرير الذي وصله من سامي شرف عن أشرف مروان غير مشجع أبدا، ولكن شخصية الأب تغلبت على شخصية الزعيم والقائد، ووافق على الزواج كما عاد ورضخ لعدم طلاقهما بعد حادثة لندن بناء على إصرار منى. واتفق عبدالناصر مع والد مروان على بقائه في القاهرة ولا يذهب للندن إلا لتأدية الاختبارات ويعود فورا، وحُجّمت صلاحيات مروان كثيرا وبقيت العين عليه. هذا الأمر جعل مروان يحقد كثيرا على «صهره» وسيكون هذا أحد أهم أسباب ذهابه برجله إلى الموساد. لكن هذا لا يبدو السبب الوحيد لتفسير ما قام به مروان، ولكن أيضا حبه للمال، حيث كان مروان تواقا للحياة المترفة، والفترة التي قضاها في لندن أظهرت له بشكل واضح ما يمكن أن يكون عليه ذلك. وكان انضمامه للعائلة الرئاسية قد جعله على احتكاك بطيف واسع من الأثرياء في داخل مصر وخارجها ولكنه في الوقت ذاته قلل من فرصه في أن يصبح هو نفسه ثريا بسبب النزعة التقشفية التي كان ناصر يفرضها على عائلته.

استطاع أشرف مروان باعتباره «صهر» عبدالناصر التقرب من مراكز صناعة القرار، ولذلك أعدّ الموساد عنه ملفا خاصا ووضعه تحت الملاحظة.

لم يكن العثور على عنوان ورقم هاتف السفارة الإسرائيلية في لندن يحتاج إلى مهارة خاصة، وحين أجابت عاملة المقسم في السفارة طلب مروان التحدث مع أحد من المخابرات، حولته للملحق العسكري في السفارة كما يقضي النظام. عرّف مروان عن نفسه بالاسم وطلب أن يتحدث مع ضابط الاستخبارات، اخبره الملحق العسكري عن عدم قدرته القيام بذلك ولكنه طلب منه ترك رسالة ووعده بأن يمررها إلى صاحب العلاقة. كرر مروان اسمه معتقدا أن الاسم قد يعني شيئا للملحق العسكري وقال إنه يعرض خدماته على الاستخبارات الإسرائيلية. لكن الملحق العسكري طلب منه أن يتصل ثانية.

لم يكن الملحق العسكري في ذلك الوقت على وفاق مع الممثلين المحليين لجهاز الموساد، ولذلك لم يتم تمرير اسم أشرف مروان الذي كان الملحق العسكري قد دونه على ورقة بقيت على مكتبه.

بعد خمسة أشهر وكان الزعيم جمال عبدالناصر قد توفي عاد مروان إلى لندن، وقرر أن يحاول ثانية التواصل مع السفارة الإسرائيلية. وبالطريقة السابقة نفسها حولت مكالمة مروان للملحق العسكري.. لكنه هذه المرة ترك رقم هاتف للاتصال به، وطلب منه الملحق العسكري في ذلك الوقت اللواء شمويل إيال أن يحضر شخصيا إلى السفارة، لكن مروان أوضح لشمويل إنه شخصية معروفة ولا يمكنه فعل ذلك.

لم يعر اللواء شمويل الأمر أهمية كبيرة وأصرّ أن يحضر مروان بنفسه للسفارة. في ذلك الوقت وصل إلى لندن مسؤولان كبيران في الموساد في مهمة منفصلة، أحدهما كان ريهافيا فاردي رئيس «تيزموت» جناح الاستخبارات البشرية في الموساد. وبعد وصولهما إلى لندن التقى الضابطان باللواء شمويل إيال ورئيس فرع الموساد المحلي في لندن، واتفق الأربعة على الذهاب إلى مطار هيثرو حيث كان لدى رئيس الاستخبارات العسكرية استراحة توقف في طريق سفره للولايات المتحدة.. وفي السيارة ذكر إيال موضوع الشاب العربي الذي ظل يتصل أياما عدة عارضا خدماته، مع تكرار رفضه القدوم إلى السفارة. وعند سؤاله عن الاسم، قال إيال إنه يسمي نفسه «أشرف مروان». تبادل الثلاثة الباقون النظرات، لقد كانوا يعرفون الاسم جيدا. كان مروان تحت نظر الموساد لفترة من الزمن، وكان فرع لندن يحتفظ بسجلات عن صهر عبدالناصر منذ لحظة وصوله لندن، وكانوا على علم بتوقه للمال. أوقف الأربعة السيارة وترجل منها رئيس فرع الموساد وعاد للسفارة للنظر بشكل عاجل في موضوع أشرف مروان قبل أن يسافر من لندن.

لم يمضِ وقت طويل حتى كان رقم الهاتف الذي تركه أشرف مروان يرن. تم إخباره أنه سيتم ترتيب اجتماع معه في وقت قريب، وأُعطى رقم هاتف في لندن ليتصل عليه كلما أراد التواصل مع الاستخبارات الإسرائيلية. طُلب منه ألا يبتعد عن هاتفه حتى يتلقى اتصلا فيه تفاصيل اللقاء.

وفي بهو أحد الفنادق وسط لندن دخل أشرف مروان في الوقت المحدد له حاملا حقيبة يد سوداء، تعرف ضابط المخابرات الإسرائيلية «دوبي» المعروف أيضا بـ«أليكس» و«د. لورد» والذي ما زالت كنيته محجوبة حتى الآن على أشرف مروان، واقترب منه وقال بعربية فصيحة: «أشرف مروان؟.. يسرني لقاؤك. اسمي أليكس» خاف مروان أن يكون قد وقع في فخ نصبته له المخابرات المصرية ورد على أليكس باللغة الإنجليزية وقال له «هل أنت إسرائيلي»، فرد عليه «نعم». تبادل الاثنان كلمات بسيطة قبل أن يقترح دوبي على أشرف مروان الصعود إلى غرفة كانت مهيأة لهما في الفندق لأخذ مزيد من الحرية في الحديث. وهناك شعر مروان بكثير من الارتياح وتخلص سريعا من بعض الخوف الذي سيطر عليه في البداية.

بدأ مروان بوصف نفسه مطولا، ومنصبه الرسمي، وزواجه من منى، وعلاقته بعبدالناصر والسادات، وحقيقة أنه عمل في فرع المعلومات في المكتب الرئاسي تحت إمرة سامي شرف. شرح مروان دوره في العمل، مبالغا قليلا في تقدير أهميته. أما دوبي فلم يكن السؤال المهم لديه هو منصب مروان أو علاقته بخليفة عبدالناصر، وإنما طبيعة المعلومات التي تمر عبر مكتبه. ابتسم مروان بشيء من التفاخر، وأوضح أن المعلومات الأكثر أهمية في مصر كلها كانت مركزة في يدي سامي شرف وتمر من خلاله. وطلب منه دوبي مزيدا من الإيضاح. فتناول حقيبته وأخرج منها أوراقا عدة مكتوبة بخط اليد بالعربية، وقال لدوبي إنه يقدمها كعربون ثقة، وهي في غاية الأهمية لإسرائيل. مباشرة أدرك دوبي أن مروان يسلم تفاصيل لمذكرة في غاية السرية فيها فهرسة لأمر معركة موجه إلى كامل الجيش المصري. وبعد ذلك دار حوار طويل بين دوبي وبين مروان حول الكثير من تفاصيل الجيش وتنظيماته لمزيد من التأكد أن هذا الرجل يعرف المشهد بشكل واضح. كان هذا أول لقاء بين أشرف مروان وبين الموساد بحسب رواية يوري بار - جوزيف لكن التحقيق الصحفي الذي أجراه سيمون باركين في الجارديان فإن رواية اللقاء الأول فيه ترد على نحو مختلف.

تورد الرواية أنه في ربيع 1969 قام مروان بزيارة إلى لندن بحجة زيارة طبيب في شارع هارلي لأخذ استشارة طبية حول ألم في معدته. ووفقا للرواية التي قدمها المؤرخ هوارد بلوم في كتابه الصادر في عام 2003 «ليلة الدمار، تاريخ لحرب يوم الغفران»، فإن أشرف مروان عندما جلس أمام الطبيب سلمه ظرفا بدا وكأنه يحمل صورًا لأشعة طبية ولكن من الورقة الثانية ظهرت وثائق رسمية للدولة المصرية. وطلب أن يتم تسليم الملف للسفارة الإسرائيلية في لندن. وبعد ثلاثة أيام، وفق التحقيق، اتصل عميل من جهاز الموساد الإسرائيلي بمروان بينما كان يتمشى في هارودز، المحل الشهير في لندن.. وبدأت الحكاية. لكن الحكايتين تنصان على أن أشرف مروان ذهب للموساد من تلقاء نفسه دون أن يكون قد أوقع به وقدم خدماته نتيجة لذلك.

وعودة إلى رواية كتاب «الملاك» الذي نتناوله في هذا الموضوع نجد أن دوبي وبعد أن تأكد من مغادرة مروان استقل سيارة إلى السفارة الإسرائيلية حيث وجد هناك بانتظاره شمويل غورين وفاري رئيس فرع المخابرات في أوروبا وبدأوا على الفور بمراجعة الأوراق التي أعطاها مروان لدوبي. نظر غورين إلى الوثيقة التي بين يده وقال: «مادة كهذه، من مصدر كهذا! إنه أمر لا يحدث إلا مرة كل ألف عام».

وجد التقرير طريقه إلى تل أبيب عبر البريد الدبلوماسي، وحدث الكثير من النقاش حول مروان الذي «طرق» بنفسه أبواب الموساد وهل هو عميل مزدوج أرادت القاهرة أن تمرر عبره معلومات مغلوطة تضلل بها إسرائيل. كانت الإجابة عن هذا السؤال المهم إجابة نفي، حيث لا يمكن سوى لأقوى وكالات التجسس في العالم أن تعرف كيف تشغل عميلا مزدوجا على امتداد الوقت ولا أحد غير البريطانيين نجحوا في ذلك.

الموساد نفسه لا يستطيع تشغيل عميل مزدوج، وامتنع عن ذلك من فترة مبكرة منذ بدء عملياته. الأمر الآخر يتعلق بوضع أشرف مروان الأسري من حيث أنه صهر عبدالناصر، وموضوع أنه عمل مزدوج قد يعرضه للقتل أو السجن، وهذه تكلفة أكبر من أن تتحملها مصر فيما لو وقع مروان في أيدي الموساد وهو من عمق أسرة عبدالناصر ويعرف الكثير من أسراره. أما الأمر الثالث الذي جعل الموساد يستبعد حينها أن يكون مروان عميلا مزدوجا هي المعلومات التي سلمها في لقائه الأول. في علم المخابرات يمكن للعميل المزدوج أن يسلم الطرف الثاني معلومات حقيقية ولكنها من النوع الذي سيبطل مفعوله سريعا أو من تلك المعلومات التي يمكن للمتلقي معرفتها مسبقا. مع ذلك وضع مروان تحت الرقابة للكشف فيما إذا كان عميلا مزدوجا.

كانت المشكلة التي واجهت الموساد هو سيل المال الذي سيتدفق بين يدي مروان وهو ما يمكن أن يطرح حوله أسئلة من مثل هل يبيع أسرار الدولة؟ لكن مروان نفسه أوجد حلا لهذه المشكلة حينما قال لمرشده دوبي: «في بلد مثل مصر، حيث تشكل الرشوة القاعدة وليس الاستثناء، لستَ مضطرا لأن تشرح من أين حصل صهر عبدالناصر على المال».

في بداية عام 1970 تحدث أشرف مروان مع مرشده «دوبي» عن انسداد الأفق الذي يشعر به السادات، مضيفا إنه حتى لو كان الرئيس الحالي أكثر انفتاحا من سلفه على الاتفاق السياسي، فإن أفضل ما يطمح إليه كان هدنة واسعة النطاق وليس اتفاق سلام. كما شرح مروان المفهوم المصري الجديد للمعركة الهجومية الذي طوره محمد فوزي والنقاش العقيم مع السوفييت بشأن تزويدهم بأسلحة الردع. مع هذا أدرك الإسرائيليون من حواراتهم مع مروان مدى عدم واقعية الخيار العسكري بالنسبة إلى المصريين، ما أعطى تأييدا لموقف الحكومة الإسرائيلية، وخاصة غولدا مائير، التي كانت تعارض المساعي الدبلوماسية.لم يطرح أشرف مروان في لقائه الأول لمسألة الدفع، تاركا المسألة لتطبخ على نار هادئة ريثما يقدر الإسرائيليون قيمته الحقيقية. وحين طرح الموضوع في نهاية المطاف، تم الاتفاق على أن يحصل على دفعات مقدار الواحدة منها 10000 دولار في كل لقاء، لكن المؤرخ الإسرائيلي أهرون بريغمان أكد أنها كانت 50000 دولار أمريكي في كل لقاء. لم يكن المبلغ بالقدر الزهيد، لكنه كان معقولا بالنسبة إلى نوعية المعلومات التي يقدمها، وخاصة الوثائق فائقة السرية من مكتب الرئيس التي بدت تجد طريقها إلى مكاتب القادة الإسرائيليين بلمح البصر.

الحلقة الثانية غدا