صحافة

نيسان يزهر دما

21 أبريل 2017
21 أبريل 2017

في زاوية مقالات وآراء كتبت حنان باكير، مقالا بعنوان: تغريدة الصباح - نيسان يزهر دما، جاء فيه:

ارتبط شهر أبريل في ذاكرتنا الطفولية بشقائق النعمان التي أزهرت في المكان الذي شرب دم أدونيس، ثم عودة الروح إليه بمساعدة عشتروت. لكنا لم نكن قد أدركنا بعد أن مجزرة دير ياسين حدثت في أبريل.. ولا من عشتروت تعيد الحياة للقرية وسكانها. ولم نكن نعلم ما يخبئه لنا ذات أبريل قادم من مجازر كالتي راح ضحيتها الأبطال الثلاثة في شارع فردان .. ولأن أبريل هو باب العبور إلى شهر النكبة، فهو أيضا الشاهد على حجم الدم الذي أريق على أرض الوطن، فأينعت مواسم الحزن والحنون فيها. ولأبريل هذا العام طعم علقم مختلف. وجراحه تناثرت على امتداد جغرافية الوطن العربي، فأزهر الدم الأخوي، وأثمر الحقد، وأينعت أزهار الطائفية البغيضة. في سوريا أحداث لا يحتملها قلب، رعب أفلت من كابوس، غير محتمل. أحداث تفجير كنيستين في مصر في أحد الشعانين، وهو يوم دخول سيدنا عيسى المسيح إلى القدس، قبل بدء أسبوع الآلام، والانتهاء بعملية الصلب. فكان أسبوع آلام مضاعفة للناجين ولمن فقدوا أحباءهم. وتعيد التذكير بتفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية وفي ليلة عيد ميلاد رسول المحبة. واتهام الفلسطينيين بتنفيذها مباشرة بعد المجزرة، وقبل أن تنكشف أي معلومة عن الحادث. وتأتي أحداث مخيم عين الحلوة وتعيد ذكرى ما جرى في مخيم نهر البارد. حين تسلل السلفيون أو الأصوليون، أو مهما تكن تسميتهم، إلى المخيم، واتخذوه رهينة، وقاموا باستهداف، الجيش اللبناني بعملية إرهابية كبيرة. ودفع المخيم البريء الثمن الباهظ .. وحين استسلم المجرمون، لم يكن بينهم أي فلسطيني! في مخيم اليرموك ما زال الدم طازجا ولما يجف بعد. وبات واضحا وقوف الحركات المتشددة المتناسخة والمشبوهة، خلف مسلسل تدمير المخيمات. حركات تحمل أجندة مزدوجة، أجندة سياسية لتصفية المخيمات وإسقاط حق العودة، وأجندة تفريغ الدين الإسلامي من روحانيته، وتشويه صورته. وفي مخيم عين الحلوة، تحسب الجميع، منذ زمن لعملية ما في المخيم. فتسلل العناصر الأصولية إليه، وممارستها للقتل اليومي بحق أفراد من شعبنا، كلها كانت تنبئ أن الوضع سيقود إلى انفجار ما. ومن يعرف مخيم عين الحلوة، بمساحته البالغة كيلومترا واحدا، والمحتشد بمائة ألف نسمة، لأدرك هول حرب محتملة، تدور في أزقته. بلال بدر .. المتستر بالدين، يُعرف عنه، عدم فقهه بالدين. ويعرف أن والده كان مناضلا شريفا، من الحزب السوري القومي الاجتماعي، وهو حزب علماني. ما يجب أن تدركه المرجعيات الفلسطينية واللبنانية، ألا تجعل من بلال، شماعة تحمل خطايا باقي الحركات الأصولية، التي سادت وتسيدت الوضع في المخيم، وفرضت نفسها وكيلة عن الخالق، تفرض الحجاب على النساء، وتعطي نفسها حق اقتحام البيوت التي يصدر منها موسيقى أو غناء، والإمعان في تكسير أثاثها .. ويمارسون دور الشرطة الدينية القمعية التي تعمل على تغريب الناس عن ثقافتهم. إن التنسيق بين القوى الفلسطينية والسلطة اللبنانية، هو الضمانة لعدم تجريف المخيم، الذي هو أكبر تجمع فلسطيني في لبنان. بعد أن بات مخطط تصفية المخيمات، وتقليص خدمات الأنروا الممنهج، هدفهما تصفية حق العودة. على أن يتضمن برنامج التصفية، ملاحقة الداعمين لتلك الحركات المتطرفة ماديا، والذين يسهلون تسللهم إلى المخيم، عبر الحواجز، التي لا تتهاون في تفتيش الداخلين إليه والخارجين منه، والتدقيق في هوياتهم، وأماكن إقامتهم .. ويبقى الأهم تأمين فرص العمل الشريف للشباب، لتحصينهم من الوقوع في شرك الإرهابيين، فالفقر والعوز هما الخزان الذي يمدهم بالعنصر البشري.