989033
989033
المنوعات

الإسراء والمعراج :صورة جامعة للقدوة في العلم والمعرفة والعمل لإصلاح الحياة

19 أبريل 2017
19 أبريل 2017

السلطنة تحتفل بذكراها الخالدة -

تغطية - سيف بن سالم الفضيلي -

989025

احتفلت السلطنة مساء أمس بذكرى حادثة الإسراء والمعراج على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم بكلية العلوم الشرعية بالخوير، وقد رعى الاحتفال سعادة المدعي العام حسين بن علي الهلالي. تضمن الحفل الذي نظمته وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، تلاوة عطرة من آي الذكر الحكيم للقارئ خالد بن حمد المسروري، تلتها كلمة الوزارة قدمها الشيخ عبدالعزيز بن مسعود الغافري المدير العام المساعد للوعظ والإرشاد جاء فيها: إن السمو الذي يحدثه أي تجمع لهو بقدر ما يصاحبه من علو في المقام وارتقاء في الشرف ورفعة في القدر وبذلك تأتي المناسبات لتكشف عن قدر المحتفى به وأي منزلة عالية وشرف باذخ ومحتد أصيل يليق بهذا الاحتفاء غير محمد صلى الله عليه وسلم، وها نحن يجمعنا ألق جديد من تلك المناسبات، إنها مناسبة إسراء النبي الكريم ومعراجه العظيم.  

قام فيها الصَّباحُ بعد المســاءِ فبنى فوقـها حصــون الضياءِ

لم يدعْها في غَيْهب الليل، لكـنْ سكـب النورَ فوقَها من حراءِ

ودعاها إلى الشمــوخ فسارتْ تتسامـى بـخاتــم الأنبياءِ

وانتشى المـجدُ حين أصغى إلينا نتحاكى بقصَّـةِ الإســراءِ

حيـن تُتلى آياتُه يَتجلَّى كلُّ معنىً من التُّقـى والنَّقاءِ

تلتقي الأرضُ بالسماءِ لقاءً لم تَر الأرضُ مثلَه من لقاءِ

989024

وقال: إن حادثة الإسراء في حقيقتها ومقاصدها صورة جامعة للقدوة في العلم والمعرفة، والعمل لإصلاح الحياة، وبشرى بانقضاء عهد البلاء والمحن، وابتداء عهد البناء والمعرفة، ومطالعة آيات الله في ملكوت السماوات والأرض المسخر للإنسان، وتحقيقا لخلافة الأمة التي يربيها نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم بعقيدته وشرائعه وأحكامه، وسياسته، وآدابه، ونظمه ومناهجه في الحياة، لتقيم من هذه العقائد والشرائع والآداب والنظم والمناهج بناءً شامخا تأوي إليه الإنسانية إخوة متحابين لتكون خير أمة أخرجت للناس.

989029

والخير ـ آيات مادية حسية تخرق نواميس نظام الترابط المادي بصورة قاهرة لا طاقة للبشر على معارضتها بوسائلهم البشرية المادية.

وأكد الغافري: إنه لما بلغت النبوة مداها في التآخي مع العقل، وبلغ العقل رشده واستوى تفكيره أرسل الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم برسالة كاملة المعالم في أصول العقائد والتعبدات وأنظمة الحياة ختم بها رسالات المرسلين.

ومن هذه الخصيصة لهذه الرسالة الخاتمة في تآخيها مع العقل كان لا بد في آيات صدقها، ودلائل إعجازها من أن تكون ملائمة لهذا التآخي العقلي، فكانت آيتها العظمى ومعجزتها الكبرى التي وقع بها التحدي والاستدلال على صدق حامل أمانتها آية عقلية، علمية، فكرية، يجد فيها كل عقل مجاله الإدراكي، ويجد فيها الفكر المتطور مجالا لسبحات أطواره بعيدا عن الجمود المادي.

وأوضح المدير العام المساعد للوعظ والإرشاد قائلا: فهي آية من أعجب ما أوتي الأنبياء والرسل، رسمت في إطارها الإعجازي طريق مسير الرسالة في تشريعها وتطبيق أحكامها، بما شاهد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه من آيات ربه في ملكوته رأي عين من عجائب الكون التي أوتيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في صور من عالم الغيب، تتضاءل أمام جلالها وعظمتها كل صور المشاهد الأرضية.

بعد ذلك قدمت مجموعة من العروض من بينها عرض مرئي بعنوان (الإسراء والمعراج) تضمن بعضا من الجوانب الإعجازية لهذه الحادثة الخارقة للعادة التي أكرم الله تعالى بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

ثم قدم عرض بعنوان «أنفاس نبوية» بصوت سليمان بن احمد الشريقي جاء فيه: تتهافت الحيل وتتعاظم المكائد، وكلُّ سيف يتوقُ إلى قطاف مُلكِ صاحبه !

ضبابُ الخوف والقلق والظلم حجب عنهم نجومَ الحياة

براثن الماديةِ الجوفاء جعلت الواحدَ منهم ركاما من اللحم والدم لا روووحَ فيه !

إن البريةَ يومَ مبعث أحمد .........

انبثق النور المحمدي حاملًا بين يديه زمزمًا يروي الظامئين، ونجوما تهدي الحائرين، ونجاة تنتشلُ الغارقين من كل وحل.

فما كان من اللئيم إلا أن يقابل كرمه ببغض شديد وعداوة لا تمل من الفتك والطغيان.

دارَ عليه الجاهلون ليزعزعوا تمسكه؛ فتراشقت التهم عليه من ساحر ومجنون وكاذب، وقد كان يمشي بقدميه الشريفتين لقضاء حاجاته وأهله فيسخرون منه إذ يزعم النبوة ويمشي في الأسواق ويُخالط الصغير والكبير والفقير والغني..

وقالوا: مالِ هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق تبعه مَن قيل عنهم شرذمة قليلون، وهم في ثباتهم كالجذر المتعمق في الأرض يأبى الفكاك، وقد علمَ الظالمون بكيدهم أنّ الرزء بالصاحب أشد على النفس من عذابها؛ فطفقوا يكيلون العذاب ويتفنون فيه على ظهور تلك الأجساد الطاهرة التي ما أوهنتها حرارة الشمس الحارقة ليقينها بأن جهنم أشد حرًّا..

أُغريَ بزينة الدنيا ونعيمها الذي تهفو إليه كل نفس، ولكن هيهات هيهات لانجرار نور أبى النزول إلى لذاتٍ زائلة تحرمه النعيم الخالد الذي لا ينتهي.

وكم هرع إلى زوجته عليه الصلاة والسلام لتغسل عنه التعبَ والنصب وإلى ظهر عمه الذي يسنده بدفاعه عنه، حتى جاء الابتلاء الأعظم بتتابع رحيلهم في عام الحزن، فأي عزاء لذاك القلب وأي تخفيف لويلات الحياة التي تلسعه بأسواطها القاسية، وقد طردته البقاع وألقيت عليه الأشواك وحِيلَ بينه وبين الأُنس..

تمتد يداه إلى السماء قائلا:

«اللّهُمّ إلَيْك أَشْكُو ضَعْفَ قُوّتِي ، وَقِلّةَ حِيلَتِي ، وَهَوَانِي عَلَى النّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ ! أَنْتَ رَبّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبّي، إلَى مَنْ تَكِلُنِي ؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهّمُنِي ؟ أَمْ إلَى عَدُوّ مَلّكْتَهُ أَمْرِي ؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي ، وَلَكِنّ عَافِيَتَك هِيَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظّلُمَاتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَك، أَوْ يَحِلّ عَلَيّ سُخْطُكَ، لَك الْعُتْبَى حَتّى تَرْضَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا بِك».

من منبع اليقين الذي لا يشبهه يقين انبجست المعجزة الكبرى، من باب الإسراء والمعراج عادت الروح الأبية وهي تطوف على نعيم الجنة وتزور معالمها وترى عظم خالقها في تصوير ملائكته، وملاقاته لأصفياء الخَلق وزيارته للأقصى الشريف في ليلة كُتِبَ لنورها أن ينسل ليحيط بالأمة كلها حتى قيام الساعة.

أيّ قوة أُكرِمَ بها ذاك القلب ليعلن جهارًا عن رحلته لقوم كذبوه وماتوا في محاولة تثبيطه، وأيُّ ثبات يتلبس به المؤمن عندما يستشعر أنّ الله مؤيده!.

تلاه عرض مرئي بعنوان «الرسول بيننا» تضمن لقاءات مع بعض كبار السن عبروا من خلالها عن مكانة هذه الحادثة في قلوبهم وعن ما تمسكوا به من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ورسخوه في الأجيال.