986924
986924
المنوعات

الضغوطات الدولية لن تثنينا عن محاكمة «إسرائيل».. والسلطنة أكثر الدول الداعمة لقضيتنا

17 أبريل 2017
17 أبريل 2017

مشرف الإعلام الفلسطيني أحمد عساف في حوار مع «عمان»:-

حوار ـ عاصم الشيدي -

عندما تلتقي بمسؤول فلسطيني تشعر إلى أي حد صقلته تجربة الاحتلال المريرة، وصنعت منه متحدثا استثنائيا عن قضيته وعن قضايا العرب وسياسيا من طراز رفيع مهما كان عمله بعيدا عن الممارسة المباشرة للسياسة.. هذا ما لمسته عندما التقيت أمس الأول بمعالي أحمد عساف مشرف عام هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطيني ورئيس مجلس إدارة وكالة «وفا» للأنباء. عساف كان في السلطنة خلال الأيام الماضية لحضور اجتماعات مؤسسة «عرب سات» ورغم ازدحام جدوله إلا أننا استطعنا أن نلتقيه لساعة كاملة ولكنها كانت ساعة حافلة بالكثير عرفنا من خلاله وهو الذي كان المتحدث الرسمي باسم حركة «فتح» قبل أن يصبح مسؤولا عن الإعلام في السلطة الفلسطينية.

وكان معه حوار طويل نترككم مع بعض تفاصــــــــيله.

أبو مازن يعتبر السلطان قابوس رجل السلام والحكمة ويدعو العالم للإنصات له -

نوثق جرائم إسرائيل عبر «المواطن الصحفي».. والعرب لم يستطيعوا امتلاك مؤسسة إعلامية دولية -

•شاركتم في اجتماع الجمعية العمومية لمؤسسة «عرب سات» التي أجريت قبل يومين في مسقط ما أهم النتائج التي ناقشتموها وتوصلتم علها؟

السبب الرئيسي لوجودنا في مسقط كان لحضور اجتماعات الدورة الأربعين للجمعية العمومية للمؤسسة «عرب سات»، وعرب سات كما تعلمون تابعة لجامعة الدول العربية، وفي كل عام تعقد اجتماعها في دولة من الدول، كان الاجتماع العام الماضي في السعودية، وهذا العام في مسقط، والعام القادم في تونس. وهذه المؤسسة تعمل على استمرارية العمل العربي المشترك وهدفها خلق مزيد من التواصل العربي - العربي المشترك، وإيصال رسالة العام العربي للعالم.

•وما هو جديد مشاريع عرب سات خاصة فيما يتعلق بدخول أقمار الجيل السادس؟

أنا لست فنيا، حضرت أنا والوزير السعودي عادل الطريفي من خلفية الإعلام والسياسة فيما حضر وزراء النقل من بقية الدول العربية واستمعنا في الحقيقة إلى التقرير الذي قدم والمؤسسة لديها مشاريع طموحة وتتعامل مع 10 أقمار صناعية مملوكة للمؤسسة، المؤسسة المملوكة لجميع الدول العربية وفق نسب مختلفة. والمؤسسة لها خطط طموحة وسوف تطلق خلال السنوات الثلاث 3 أقمار صناعية جديدة وهذا يجعلنا مطمئنين أن المؤسسة مواكبة للتطورات، وقد تجاوزت دورها في الترددات التي توفرها للدول.. وطبعا ليس أول أهدافها الربح المادي ورغم ذلك المؤسسة ناجحة وتحقق أرباحا جيدة.

•إذن ننتقل من الحديث عن «عرب سات» للحديث عن الإعلام.. وخاصة الإعلام الفلسطيني وبعد كل هذه السنوات هل تعتقدون أنه استطاع أن يوصل القضية الفلسطينية إلى العالم، في ظل وجود إعلام تسيطر عليه اللوبيات الصهيونية؟

من اللحظة الأولى لإطلاق الثورة الفلسطينية أدركت القيادة المؤسسة للثورة الفلسطينية أهمية الإعلام لصالح القضية والشعب.. وكان الاهتمام في هذا الجانب بشكل استثنائي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وأنشئت مؤسسات إعلامية في وقت مبكر ومع انطلاق الثورة الفلسطينية عبر مجلات وصحف في نهاية الخمسينيات مثل مجلة فلسطين.. وتم إطلاق إذاعات الثورة الفلسطينية في مناطق الثورة والشتات، وصولا للعودة لأرض الوطن في عام 1994، وأخذ الموضوع منحى آخر، وسار الإعلام جنبا إلى جنب مع السياسة. ولم يكن الإعلام الفلسطيني على الأرض مجرد ناقل للحدث فقط، بل كان شريكا، وكان يؤازر السياسة الفلسطينية والدليل على أهميته ودوره أن الاحتلال الإسرائيلي استهدف هذا الإعلام في كل مسيرته واغتال رموزه ومن أبرزهم ماجد أبو شرار الذي رأس الإعلام الفلسطيني في مرحلة من مراحل النضال الفلسطيني، وعدد كبير من هؤلاء القادة. استهدف الاحتلال مقرات الإعلام في الشتات كما استهدفها في أرض الوطن. وقصف مقرات الإعلام في لبنان وكالة «وفا» على سبيل المثال، وبعد توقيع اتفاق أوسلو الذي كان يمكن أن يكون اتفاق سلام،استهدف الاحتلال كل مقرات الإعلام وقصفتها الدولة التي تدعي أنها دولة ديمقراطية وأنها جزء من العالم الحر.. كيف تقصف دولة كهذه مؤسسة إعلامية ليست حربية.. وبعد اتفاق أوسلو استمر الأمر، وخلال الانتفاضة الثانية قصف تلفزيون فلسطين ودمرت مقراته في رام الله وفي غزة أيضا. وأثرنا هذا الموضوع في العالم أجمع.

وأعتقد أن الإعلام الفلسطيني قام بدوره في هذا الجانب.

•هل الأمر مستمر الآن في غياب الانتفاضة؟

نعم. رغم عدم وجود انتفاضة اليوم إلا أننا تلقينا ونتلقى الكثير من التهديدات لمؤسساتنا الإعلامية.

وكانت هذه التهديدات تحت مبرر أننا نقوم بالتحريض. ومفهوم التحريض بالنسبة لهم هو أننا ننقل أخبار شعبنا الفلسطيني.. ولن نحيد عن دربنا إلا بالحرية أو الاستقلال.

•وربما لهذا السبب ما زل تلفزيون فلسطين موضوع في قائمة الإرهاب منذ سنوات طويلة؟

هذا صحيح.. تخيل أن هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية موضوعة ضمن قائمة الإرهاب منذ عام 1997 بحجة أننا نقوم بالتحريض.. هم لا يرون التحريض الحقيقي الذي تقوم به إسرائيل. لم يسمعوا كلام وزيرة العدل الإسرائيلية التي قالت إن أطفال فلسطين هم فراخ الأفاعي ولا بد من التخلص منها لتجنب أذاها..!!! نحن لا نحترف التحريض ولا نريده فنحن مستفيدون من السلام.. ونحن مصرون على إيصال صوت شعبنا رغم الشهداء.

•أيضا أسألك عن استمرار غياب صوت إعلامي فلسطيني موجه للعالم بلغتهم يحاول الوقوف في وجه إعلام الكيان الصهيوني الذي تملكه أو الذي تسيطر عليه؟ بعد كل هذه السنوات ورغم كل شيء ما زال هذا المنبر الإعلامي غائبا.. لماذا؟

سؤال مهم.. ونحن دعونا طويلا أن تكون لنا في العالم العربي منابر إعلامية لإيصال الصوت العربي، الصوت العربي وليس صوت فلسطين فقط، ولكن لم تجد دعوتنا مجيبا، والموضوع أكبر من صحيفة ناطقة بالإنجليزية ولكن نحن بحاجة إلى ماكينة إعلامية تستطيع أن تؤثر في الرأي العام العالمي وتقف في وجه الإعلام الصهيوني. أنت عندما تدقق في الإعلام الأجنبي تجد اللوبي الصهيوني يمتلك هذا الإعلام.. والإعلام الحكومي في أمريكا على سبيل المثال أسهمه مطروحة في البورصات ولكن لا تجد أن عربيا يقترب منه بينما تجد الأسهم في يد الإسرائيليين أو أصدقائهم.

•ألا يستطيع المستثمر الفلسطيني الدخول في هذا السباق؟

لا يمتلك الشعب الفلسطيني الإمكانيات الضخمة التي يمتلكها اللوبي الصهيوني، نحن محاصرون ماليا وسياسيا والدعم المقدم لنا تراجع بنسبة 70% بسبب مواقفنا، وخاصة بعد أن قررنا التوجه للأمم المتحدة لأخذ عضوية الأمم المتحدة كعضو مراقب، وعندما توجهنا لمحكمة العدل الدولية لمقاضاة الكيان الصهيوني.. وكان التهديد واضحا إذا ذهبتم سنوقف الدعم.

•هل هناك تهديدات من دول عربية؟

لا. لا. أنا أتحدث عن المجتمع الدولي الذي حاول مقايضة مواقفنا برغيف الخبز.

وكان هناك على صعيد القرارات العربية مشاريع لوجود شبكة «أمان» عربية برأس مال قدره 100 مليون دولار ولكنها لم تطبق، ولكن أيضا هذا لا يعني أننا لا نتلقى دعما من العرب، ولكن ليس بالحجم الكافي ولم يغط ما منع عنا من المجتمع الدولي.

وهذا المشروع مهم جدا لكل الدول العربية لأنه ليس صورة فلسطين المشوهة في الغرب ولكن صورة العرب. ونحن نريد العالم أن يسمع منا ولا يسمع عنا فقط.

•ولكن اليوم على مستوى الإعلام الجديد.. أليست الفرصة متاحة أمامكم لتوثيق جرائم الكيان الصهيوني؟

الشعب الفلسطيني مبدع وأفكاره خلاقة، ويستخدم التكنولوجيا التي لا تحتاج لمبالغ كبيرة وخاصة في الهبة الأخيرة العام الماضي.. وكنا نوجه الجميع أن يحملوا هواتفهم وهم ذاهبون إلى مناطق الاحتكاك لتوثيق كل ما يحدث من تجاوزات ونشرها وبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ونحن نقوم بترجمتها بكل لغات العالم وبثها للجميع.

ولم يعد بإمكان الكيان الصهيوني حجب الرواية الفلسطينية للأحداث، بل صرنا نوصلها بشكل مباشر للعالم.. وإذا كان العالم قبل عشرين سنة من الآن ينظر إلى الفلسطيني كإرهابي ولإسرائيل بأنها تحارب الإرهاب، اليوم صار الفلسطيني يستطيع أن يقدم الكيان الصهيوني للمحاكم الدولية بعد أن حصلنا على عضوية الأمم المتحدة كدولة مراقبة، وصار هناك تبادل للأدوار... كنا متهمين أننا نمارس الإرهاب وهو مقاومة،الآن نقف في المكان المقابل الذي يحاكم إسرائيل وهي تقف في الجهة المتهمة وسيأتي اليوم الذي تحاسب فيه إسرائيل لأن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم ولذلك لا بد من توثيق كل جرائم الكيان الصهيوني.

• في هذا السياق نسأل أين وصل موضوع استفادة فلسطين من عضويتها المراقبة في الأمم المتحدة؟

تاريخيا مرت قضيتنا في عدة محطات، منذ انطلاق الثورة الفلسطينية ضد مشروع طمس الهوية الفلسطينية تحت القاعدة التي ساعدت حينها «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض» وهذه كذبة كبيرة ومفضوحة وجاء الرد على هذه الكذبة في إطلاق الثورة الفلسطينية التي أعادت للشعب هُويته وكرستها وثبتتها ونجحت، ثم كانت محطة عام 1965، ثم محطة 1988 عندما أعلن الشهيد ياسر عرفات في الجزائر عن مبادرة السلام الفلسطينية وقبول قرارات الشرعية الدولية، وكانت محطة مهمة ونجحنا في الدخول في الشرعيات الدولية.. ثم جاءت محطة توقيع اتفاق أوسلو وعودة القيادة وتأسيس الكيان لأول مرة، رغم أننا لم نصل لسلام بسبب تنصل إسرائيل من الاتفاق وهنا تذكر أن إسرائيل قتلت بعد أقل من عام اسحق رابين.. وكان واضحا أن المجتمع الإسرائيلي غير مهيأ للسلام. هم لم يقتلوا عرفات فقط ولكن قتلوا من قام بمحاولة صنع السلام من الجانب الإسرائيلي وهذا يدل عن مدى التطرف.

المحطة المهمة الأخرى كانت عندما انتزعنا في عام 2012 عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة ولو عضوية مراقب. والبعض قلل من شأن هذه الخطوة ولكن اليوم كل ما نقوم به مبني على هذه الخطوة.. لولا عضويتنا في الأمم المتحدة لم نستطع محاكمة إسرائيل ولم نستطع دخول اليونسكو التي انسحبت منها إسرائيل فور قبول عضويتنا.

•وماذا بشأن الجنايات الدولية؟

ذهبت مع أبو مازن في 2015 عندما سلّم الملف للمدعية العامة فاتو بن سودا في محكمة الجنايات الدولية في هولندا وسلمنا ثلاث ملفات: ملف الاستيطان، وملف الأسرى، وملف جرائم القتل التي ارتكبت بحق شعبنا بطريقة غير مسبوقة.. ونحن على تواصل دائم معهم وقد جاؤوا للمنطقة ولكن الكيان الإسرائيلي منعهم وجاؤوا مرة إلى عمّان. وإسرائيل تعرف الجرائم التي ارتكبتها ولذلك سترفض مقابلتهم. وأنت لو تعرف حجم الضغوطات التي تعرض لها أبو مازن من أجل عدم الذهاب إلى محكمة الجنايات الدولية.

•هل هناك ضغوطات عربية؟

لا.. «صمت» لا لم أسمع بضغوطات عربية ولكن غربية. وذهب وكانت النتيجة ما نحن فيه من حصار. وكان جواب أبو مازن بسيط إذا كنتم تخافون على محاكمة إسرائيل فانصحوها بوقف جرائمها تجاه شعبنا.

•تتحدث عن انتزاع حقوقكم الكاملة من يد المحتل.. ألا تعتقد أن هذا يحتاج إلى توحيد صفوف الفصائل الفلسطينية؟ أين وصل هذا الموضوع؟

الشعب الفلسطيني كشعب موحد ولكن الخلاف الموجود هو الذي افتعلته حركة حماس في عام 2007 .. حركة حماس انتهجوا فكر أنهم وحدهم في المشهد «أنا وبس»، وأينما تواجدوا حدثت انشقاقات، لأنهم لا يؤمنون بالشراكة. ونحن «فتح» نعمل على قاعدة «أنا وأنت لمجابهة الاحتلال» وحماس مشكلتها ليست مع فتح ولكل مع كل حركات الشعب الفلسطيني.

واتخذنا في اللجنة المركزية قبل عشرة أيام قرارا بتشكيل لجنة للتوجه لقطاع غزة من أجل إيصال رسالة أننا جاهزون لتشكيل حكومة وحدة وطنية الآن، ونأمل موافقتهم قبل 25 من الشهر الجاري من أجل الذهاب للانتخابات التشريعية والرئاسية.. ورغم أن المؤشرات المبدئية لا تحمل أي تفاؤل ولكن نحن مصرون على الوصول لحل.

•أين وصل مشروع حل الدولتين؟ ما هو الجديد وما هي الآفاق التي تشتغلون عليها؟

موضوع حل الدولتين هو قرارهم. فلسطينيا نحن أجمعنا على فكرة حل الدولتين، وبالمناسبة حماس لها ميثاق جديد ينص أيضا على دولة على حدود 67. ونحاول في سبيل ذلك والمجتمع الدولي مقتنع بفكرتنا.. وأهم القرارات التي اتخذت قبل أشهر قليلة كان القرار الذي يدين الاستيطان وهو من القرارات النادرة التي نجحنا في الحصول عليها، وأيضا يؤكد على قرار حل الدولتين وعلى حدود 67 . الذي تتفاجأ منه أيضا أن نتانياهو يقول بخيار حل الدولتين ولكن لا يكمل الجملة أي دولتين وأي حدود. هو يريد أن تكون الحدود عند النقطة التي تنتهي فيها الجرافات.

•نحملك سلاما لفلسطين؟

في الحقيقة سلام العمانيين يصل باستمرار من خلال الدعم المستمر الذي تقدمه عمان للفلسطينيين وللقضية الفلسطينية.. هناك عشرات المدارس التي بنتها عمان والتي تبنيها وهناك مؤسسات كثيرة ومشاريع مدعومة من قبل سلطنة عمان.

وقبل أن أغادر رام الله باتجاه السلطنة التقيت بالرئيس محمود عباس وحدثني كثيرا عن الجهود التي تقوم بها عمان في سبيل القضية الفلسطينية وأيضا في سبيل كل القضايا العربية سواء في العراق أو سوريا أو اليمن أو ليبيا والجهود من أجل أبعاد خطر الحرب مع إيران.

وقال: إن هذه الجهود التي يقوم بها السلطان قابوس صنعت لعمان سياسة فريدة في المنطقة وأكسبتها احترام العالم أجمع وجعلت حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد رجل السلام والحكمة في المنطقة وعلى العالم أن ينصت له. وقال أبو مازن إن تفاصيل الجهود العمانية تصله بشكل مستمر عبر سفير فلسطين في مسقط سعادة أحمد عباس رمضان. ونحن نتمنى أن يحذوا العالم حذو السلطنة.