sharifa
sharifa
أعمدة

وتر : سر العلاقة

12 أبريل 2017
12 أبريل 2017

شريفة بنت علي التوبية -

حلمت يوماً أن أكون بائعة كتب، وكلما رأيت بائع كتب أغبطه على تلك الحياة التي يعيشها برفقة من أحب، فهناك علاقة محبة بين الكتب وبائعها وكاتبها وقارئها، علاقة من الممكن أن تدخلها بكامل وعيك وإحساسك وفكرك وتضمن نجاحها، فلا تترك لك ندبة في القلب أو كسر في أجنحة الروح، لذلك ليس هناك أجمل ولا أصدق ولا أعمق من أن تكون صديقاً وحبيباً للكتب، فالكتب كائنات وفية لا تجرح ولا تخون ولا تسيء لك في الخفاء، بل تحبك لتجعلك أجمل.

الكتاب رفيق العزلة ورفيق السفر ورفيق المرض ورفيق الفرح والحزن ورفيق المساءات الموحشة والصباحات المؤنسة، يعطيك بقدر ما تعطيه، يفتح لك كل ألأبواب المغلقة، ويهديك مفاتيح المعرفة التي كنت تظن أنك قد أضعتها، يمنحك السلام الروحي الذي يسلبه منك البشر، يجعلك متصالحاً مع نفسك والحياة.

لا أدري كيف بدأت علاقتي مع الكتب، ولكني أدرك أني كنت في حاجة إليها وما زلت أحتاجها، وما زال كل كتاب في مكتبتي يضيف لي دون أن يأخذ مني شيئاً، فلكل كتاب سحره ولكل كتاب أثره في روحي، لكني ما عدت بذلك النزق القديم لاقتناء أي كتاب يصادفني، فحتى علاقتنا مع الكتب تمر بمراحل، أولها علاقة تقليد الآخر ومحاولة قراءة ما يقرأ، وتلك مرحلة الاكتشاف التي قد تجعلنا نسخة أخرى من تفكير الآخر واتجاهاته، وقد نصل إلى مرحلة أن نسعى للحصول على تلك الكتب التي أثيرت ضجة حولها في سياسة إعلامية مقصودة ونظن أنها الأفضل وأنها ألأجمل، وقد نبحث عن الكتب الأكثر مبيعاً أو الكتب التي يسوَق لها من خلال نصيحة صديق أو نقد ناقد ونظن أنها الأفضل، نحتاج إلى زمن كي نخرج من تلك المتاهة التي كنا عليها لنصل إلى أنفسنا من خلال كتاب قد تقودنا إليه الصدفة في رف منسي بإحدى المكتبات أو على رصيف شارع غريب أو معرض للكتب، كتاب يعلن عن نفسه ويأخذك إليه، قد لا يلفت الآخرين ولا يعجبهم، لكنه يلفتك ويعجبك، وهذا ما يجعلك تستمر كقارئ عاشق للكتب ومحباً لها.

وفيما يخص الكتب يواجهني دائماً سؤال صعب ولا أجيد الإجابة عليه وهو ترشيح عناوين كتب للقراءة، فأقف عاجزة عن ترشيح كتاب بعينه، فما يعجبني قد لا يعجب الآخر وما أحبه قد لا يحبه الآخر، فكل قارئ عليه أن يختار كتبه بمحبة، فذلك هو السر الذي يجعل العلاقة بينك وبين كتبك لا تنقطع ولا تموت.