979745
979745
عمان اليوم

«المؤسسات الوقفية» تضع رؤية جديدة وفكرة مبتكرة لتنمية المجتمع

10 أبريل 2017
10 أبريل 2017

979743

تعد المبادرة الأولى في العالم الإسلامي -

كتب - نوح بن ياسر المعمري -

قال سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطنة إن تجديد دور الوقف الخيري يعد مطلبا مهما للعجلة الحضارية التي تتدرج إلى الأمام لتساير أعمال الخير، وكون هذه المبادرة هي الأولى في العالم الإسلامي فإنها سوف تسهم لمستقبل زاهر، وآمل السعي إلى مشروع خيري نافع للأمة، وأرجو أن تعطي هذه المبادرة عطاءها الخيَّر.

جاء ذلك أثناء تدشين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية أمس لمشروع المؤسسات الوقفية الخيرية تحت رعاية معالي السيد حمود بن فيصل البوسعيدي وزير الداخلية، بحضور أصحاب المعالي والسعادة. وتأتي فكرة المشروع لتمثل المؤسسات الوقفية بادرة حضارية مستقلة تعد الأولى في بنيتها الاستراتيجية والتنفيذية في العالم الإسلامي، حيث إنها تتيح للمجتمع الشراكة الحقيقية في إدارة الأوقاف واستثمارها تحت نظر وإشراف الوزارة. يأتي المشروع في إطار رؤية متكاملة ومنظومة تشريعية قانونية وإدارية كانت ثمرة تجربة عملت عليها وزارة الأوقاف قرابة عشرين سنة، مع نظرة فاحصة لتجارب خارجية مماثلة. وتم خلال الحفل التوقيع على قرارات إنشاء مؤسسات وقفية من قبل معالي الشيخ عبدالله بن محمد السالمي وزير الأوقاف والشؤون الدينية.

تحريك المجتمع الخيري

ويهدف المشروع إلى تحريك المجتمع الخيري وفاعليته عبر المؤسسات الوقفية، بتقديم رؤية جديدة للأوقاف والزكاة تتناسب مع الوقت الحاضر وحاجة الناس، كما سيقدم المشروع فكرةً مبتكرةً للمؤسسات الخيرية لتوزيع مواردها المتاحة بما يحقق تنمية المجتمع في مختلف محافظات السلطنة، ويفتح آفاقًا وقفيةً برؤيةٍ عصريةٍ للداعمين الوطنيين وأهل الخير لتأسيس مشاريع وقفية تنموية في مجالي الأوقاف والزكاة، كما سيحقق المشروع الاستقلالية التنفيذية للمؤسسات الوقفية بعيدًا عن المركزية والدورة المكتبية المعتادة، وذلك للاستثمار الأمثل للطاقات والموارد البشرية بالمجتمع لدعم الأوقاف وتعزيز المساهمة في عمارتها وتطويرها بالفكر والخبرة والمال لتؤدي رسالتها الحضارية. ويرافق المشروع خطة تنفيذية يتم العمل عليها لتحقيق الأهداف، ومنها تعديل قانون الأوقاف بإضافة الفصل السابع لتشريع إنشاء المؤسسات الوقفية تأسيسًا للمشروع بصفة قانونية وإصدار اللائحة التنفيذية لقانون الأوقاف، وكذلك إعداد الدليل الاسترشادي لإنشاء المؤسسة الوقفية وسير الإجراء الإداري ومتطلباته كاستمارة تقديم الطلب وأنموذج النظام الأساسي، وسيتم العمل على إعداد دليل حوكمة المؤسسات الوقفية وهيكلتها إداريًا وماليًا بالتعاقد مع شركة ديليوت، وكذلك تطوير نظام إلكتروني متكامل يتصف بالمرونة والدقة تتم عبره جميع متطلبات المجتمع الخيري في الأوقاف والزكاة بحيث يغطي المؤسسات الوقفية، ويحقق الإشراف والنظارة عليها من قبل الوزارة بالتعاقد مع شركة المدينة للتنمية والتجهيزات، كما تم توقيع مذكرات تفاهم مع بعض المؤسسات المصرفية لتقديم عروض استثمارية أو تسهيلات بنكية لعمل المؤسسات الوقفية وحسابات الزكاة.

تحقيق مكاسب حيوية

وتأمل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية من هذا المشروع الاستراتيجي أن يتفاعل المجتمع معه ليرقى بالخيرية في إطار مؤسسي متكامل يسهم فيه الجميع لتحقيق مكاسب حيوية تستلهم من الشراكة الحقيقية بين الحكومة والمواطنين، كما تأمل أن تسجل مبادرات وطنية بتأسيس مؤسسات وقفية عامة أو خاصة تعمل على تحقيق الأهداف الاستراتيجية التي تسهم في تلبية تطلعات المجتمع ومؤسساته التي يتنافس أهل الخير والمعروف من مختلف ولايات السلطنة على المسابقة المحمودة في إنشائها، على أن تتاح فرص استثمارية واعدة يبتكرها القائمون على هذه المؤسسات بحيث تغني بريعها الموقوف له وتسد متطلباته الإنفاقية. كما تأمل الوزارة من إنشاء المشروع أن تتوجه مختلف القطاعات للاستفادة من ديمومة الوقف وأصوله الثابتة عبر منظومة هذه المؤسسات بحيث تتحول من فكرة الإنفاق المباشر إلى إيجاد مصادر تنموية مستدامة تمكنها من تغطية متطلبات الإنفاق لديها لتحقيق أهدافها، وأن تنتقل الأوقاف من طريقة الإدارة الفردية عبر الوكلاء إلى العمل المؤسسي المتكامل بحيث تندرج بقدر مساهمتها في واحدة من المؤسسات الوقفية الواعدة. وتسعى الوزارة إلى تحقيق رؤية المشروع بتكوين نماذج من المؤسسات الوقفية الإبداعية العامة أو الخاصة بحيث تصلح أن تكون منتجًا نوعيًا متكاملاً يقدم كمشروع عماني حضاري يستأنس به في المحيط الإقليمي والدولي في إدارة الأوقاف.

وكانت الوزارة قد عملت على استكمال منظومة نوعية تلبي متطلبات هذا المشروع الحيوي التنموي الرائد بتوقيعها عددًا من الاتفاقيات مع شركات عالمية ومحلية متخصصة في مجالات مختلفة تجعل من المؤسسات الوقفية الخيرية واقعًا يثمر في هذا البلد الطيب، ويصل بمدى آثاره الخيرية لخدمة الإنسانية بأسرها.

اعتماد المؤسسة

الوقفية الخاصة

وتحقيقًا للأهداف الاستراتيجية لمشروع المؤسسات الوقفية الخيرية اعتمدت الوزارة نوعين من المؤسسات، المؤسسة الوقفية الخاصة: ويتطلب تأسيسها بعض الإجراءات منها أن يكون رأس مال تأسيسها لا يقل عن مائة ألف ريال عماني (نقديًا أو عينيًا)، وأن يكون لها مجلس إدارة مفوض بإدارتها واستثمار وإنفاق أموالها بحيث لا يقل عددهم عن خمسة أشخاص، وأن يكون لها نظام أساسي يحدد أهدافها وآليات إدارتها، ويحدد به المقر الدائم للمؤسسة، كما يجب أن يكون لها مكتب محاسبي لتدقيق حساباتها وحركة أموالها.

وتضمن الحفل العديد من العروض المرئية، التي أوضحت أهمية المؤسسات الوقفية في تنمية المجتمع وعدد من الكلمات، حيث تم خلال الحفل توضيح إن المبادرات الحضارية تسجل وجودها في التاريخ وتضع بصمتها في الوجود، وتضفي على الإنسانية خيرًا وفضلاً وبرًا وإحسانًا، بل إن منها ما كان منعطفًا بين حقبتين من الزمن بما أحدثته من نقلات نوعية أثمرت في خدمة الوجود البشري والفكر الإنساني.

وأثبتت التجارب أن للوقف دورًا حضاريًا رائدًا في الحياة، وأن المبادراتِ الوقفيةَ تأخذ صورًا متنوعةً يَطمحُ من خلالها الواقفون وأهل الخير أن تكون الأمثلَ لصدقاتِهم الجارية طمعًا في استمرارية ثوابها وأجرها المبشر به في قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقةٍ جارية أو علمٍ ينتفع به أو ولدٍ صالح يدعو له).

الأولى من نوعها

وأوضح خلال الحفل أن المؤسسات الوقفية الخيرية تعد المبادرة الحضارية الأولى من نوعها في العالم الإسلامي، وهي التي أكسبها المرسوم السلطاني الذي صدر بتعديل قانون الأوقاف الشخصيةَ الاعتباريةَ المستقلة لتحقيق النفع العام بما تتمتع به من صلاحية استثمار وإدارة الأوقاف وتطويرها وتنميتها في منظومة مؤسسية متكاملة تحقق تطلعات الواقفين بتوفيق الله، وتسهم في الحيلولة دون وقوع الشعبوية الجديدة بتعريفها المستجد بهذا البلد الأمين. ومع تطور المنظومة الاقتصادية والتنموية بالبلاد دأبت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية على تجديد المنظومة القانونية والإدارية للأوقاف، وعلى تطوير الآليات التنفيذية والإجرائية بما يحقق المرونة والدقة والسهولة في الرقي بالوقف ورسالته متخذة من تدشين مشروع المؤسسات الوقفية الخيرية منطلقًا لتفاعلها التنموي والاجتماعي بالبلاد، وذلك لتحقيق مستقبل واعد للوقف يرتكز على الخيرية في الأمة المحمدية والثقة بالمجتمع المسلم الذي يعطي الأوقاف حرمتَها، ويسهم في تطوير منظومتها، ويصطفي لها الأكفأ من الأمناء، وأهل الخبرة الذين يشتغل الناس معهم بما يعود عليهم ومجتمعاتِهم بالخير والنفع، ويكون لهم زمام المبادرة الإيجابية في تقديم أوعية آمنة تلبي حاجيات الناس من التعليم والعلاج ومتطلبات العيش الكريم، ويمكنون المجتمع من فرز القائمين على العمل الوطني والخيري ليجعلهم ممثلين له في مختلف المؤسسات، ويرتقون بالوقف نحو العمل المؤسسي الذي يقوم على أسس من القانون واللوائح التنظيمية والإجرائية، ويخرج به من المركزية إلى رحاب المؤسسة ذات الاستقلال في اتخاذ القرار الذي يمكنها من انتهاز الفرص الاستثمارية التنافسية المتاحة. وجاءت فكرة المؤسسات الوقفية الخيرية كثمرة للنضج المعرفي والوعي الخيري بالمجتمع المقرون بدراسات التجديد لطرائق الوقف ومناهج الخير التي قامت بها الوزارة بما يحقق إضافاتٍ فارقةً في الإدارة والاستثمار.

ولأجل هذه الغاية المستقبلية الواعدة، تعمل الوزارة على استكمال منظومة نوعية، تلبي متطلبات هذا المشروع الحيوي التنموي الرائد، بتوقيعها عددًا من الاتفاقيات، مع شركات عالمية ومحلية متخصصة في مجالات مختلفة، تجعل من هذه المؤسسات واقعًا يثمر في هذا البلد الطيب ويصل بمدى آثاره الخيرية لخدمة البشرية بأسرها، والأمل بأن تحظى هذه المبادرة الحضارية بتفاعل اجتماعي واسع، يؤدي إلى تسجيل مبادرات وقفية خيرية يتنافس فيها أهل الخير والمعروف من مختلف ولايات السلطنة، وأن تتحقق رؤية المشروع بتكوين مؤسسات وقفية ناجحة تصلح بأن تكون منتجًا حضاريًا متكاملاً يستأنس به في إدارة الأوقاف وعمارتها وتنميتها لتحقيق غاياتها وأن يبعث شعارنا «ولكم في الوقف حياة» بمعاني الحياة الواسعة في هذا الوجود ليكسب المجتمعات سعادة وأملاً مشرقًا بخيري الدنيا والآخرة.