abdullah
abdullah
أعمدة

نوافذ .. حوكمة الحكومة

09 أبريل 2017
09 أبريل 2017

عبدالله بن سالم الشعيلي -

Twitter:@ashouily  -

النتائج المالية لبعض الشركات التي قامت الحكومة بإنشائها أو الاستثمار فيها تشير الى تحقيق خسائر وهذه الخسائر لا زالت تتوالى عاما بعد عام ولا يبدو أن بوارق أمل سوف تلوح لتعديل مسار هذه الشركات ونقلها من خانة المؤشر الأحمر السالب إلى خانة المؤشر الأزرق الصاعد إلا كما يقول المختصون بالاقتصاد والعارفون به أن تطبيق بعض الإجراءات والتي من شأنها أن تضمن عدم إهدار المال العام يمكن أن تعافي بعضا من بدن هذه الشركات التي أنهكتها أمراض البيروقراطية والمحسوبية وضعف الإدارة وقلة الإنتاجية وعدم المساءلة الإدارية والمالية وبتعبير آخر تطبيق مبادئ الحوكمة على هذه الشركات لضمان وجود شفافية ووضوح في طريقة عمل وإدارة تلك الشركات.

تعرف الحوكمة بأنها «مجموعة النظم التي يتم من خلالها إدارة الشركات والتحكم في أعمالها بهدف تحقيق الجودة والتميز في الأداء عن طريق اختيار الأساليب المناسبة والفعالة لتحقيق خطط وأهداف الشركة»، ولو تعمقنا قليلا في تفسيرات ومعاني الحوكمة لوجدنا أنها تذهب بعيدا الى أدق التفاصيل في المؤسسات والشركات كالعلاقة بين مجلس الإدارة وحملة الأسهم والمواصفات التي يجب أن يتمتع بها الرئيس التنفيذي والموظفون في الشركة وطرق المحاسبة والرقابة وغيرها من التفاصيل التي تهدف الى تحقيق الشفافية والعدالة ومكافحة الفساد وتعطي الحق للمساهمين في مساءلة الشركة وإدارتها.

وبالنظر الى الوضع الراهن للكثير من الشركات الآنفة الذكر لوجدنا أن البعض منها لا يطبق ولا حتى الجزء اليسير من هذه المنظومة المتكاملة ربما بحجة أن هذه الشركات هي شركات الجزء الاكبر منها مملوك للحكومة أو أنها مملوكة بالكامل للحكومة ومهمتها تتمحور في تقديم خدمات مساعدة أو مساندة للمجتمع وليس الهدف من إنشائها هو الربح الخالص الذي تتمتع به الشركات الخاصة التي تنشأ بغرض تحقيق أرباح لملاكها، لذلك فإن بعضا من هذه الشركات لا تولي للجوانب التشريعية والرقابية والإشرافية أهمية كبرى ولا يهتم من أوكل اليهم مهمة إدارتها تحقيق نجاحات أو أرباح تعود الى الدولة بعوائد مالية مجزية.

اليوم لم يعد الحديث عن حوكمة الشركات الخاصة أو التي تمتلك الحكومة جزءا منها، بل صار الحديث عن حوكمة الحكومة ذاتها بمؤسساتها ووزاراتها المختلفة بسبب تدني مستوى أداء تلك الوزارات وضعف إنتاجيتها والتداخل الحاصل بينها، ولهذه الأسباب لجأت الكثير من الدول الى حوكمة حكوماتها للمحافظة على المال العام ولتحسين وتجويد الخدمات المقدمة للجمهور وتسريع وتيرة الإجراءات الحكومية وضمان استمراريتها وتحقيق الجودة في هذه الخدمات وقياس أداء الخدمات المقدمة ومدى فاعليتها وإيجاد معايير وقوانين للمراقبة والشفافية وغيرها من الأمور التي تتطلبها الحكومة الحديثة.

هذه الإجراءات التي تقوم كثير من الحكومات بتطبيقها على نفسها أولا وعلى شركاتها ثانيا وتوصي شركات القطاعين الأهلي والخاص ثالثا بانتهاجها لم تأت إلا بعد تجارب مريرة من الخسائر المالية والإدارية ولم يتم إقرارها الا بعد أن ترهلت تلك الكيانات وأصبحت عليلة سقيمة فما كان من بد إلا أن يوضع مشرط الجراح عليها لمعالجة ما استفحل من داء ووقاية الباقي وحفظه من العلل والأسقام، وربما آن الأوان لدينا أن يقوم مركز عمان للحوكمة والاستدامة الذي أنشئ قبل عامين بمرسوم سلطاني بدوره في التعريف أولا بهذا النوع من الإدارة والإجراءات وثانيا أن يقوم بدوره الفعال في حماية المال العام وحتى الخاص من عبث العابثين ويساهم في الارتقاء بمستوى إدارة المؤسسات الحكومية في ظل عالم رقمي بات لا يعترف بأية عوالم أخرى.