أفكار وآراء

الشركات والتطورات النفطية في السلطنة

08 أبريل 2017
08 أبريل 2017

حيدر بن عبدالرضا اللواتي -

بالرغم من تراجع الإيرادات النفطية للدول المنتجة لهذه السلعة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، إلا أن أهمية هذه السلعة ستظل كبيرة في العقود المقبلة لحين الاعتماد على مصدر جديد للطاقة يمكن له تلبية طلبات جميع المؤسسات والشركات المنتجة والمصنعة في العالم. فالتقارير العالمية تشير إلى أن الدول المنتجة للنفط سوف تتوجه بضخ مزيد من الاستثمارات في القطاعات النفطية والغاز نتيجة للطلب المقبل على النفط ومشتقاته. وهذا يشكّل أحد العوامل الرئيسة في رفع سعر النفط العالمي خلال السنوات المقبلة. ومن هذا المنطلق تضخ الحكومات والشركات المحلية الكثير من المبالغ للاستكشافات الجديدة وتشغيل المزيد من العمّال في المؤسسات النفطية.

وهذا ما يشير إليه المسؤولون في البلاد. ففي المؤتمر السنوي لوزارة النفط والغاز الذي عقدته مؤخرا أشار سعادة المهندس سالم بن ناصر العوفي وكيل وزارة النفط والغاز إلى أن الحكومة ماضية في تعزيز حجم الاستثمارات في قطاع النفط والغاز من خلال العديد من برامج الاستكشاف والتنقيب في العديد من مناطق الامتياز، مؤكدا أن الوزارة وبالتعاون مع الشركات المنتجة وفي مقدمتها شركة تنمية نفط عمان قد تمكنت من تحقيق معدلات إيجابية من النتائج خلال العام الماضي في مجال الاستكشافات وخاصة في مناطق الامتياز المختلفة، الأمر الذي يساعد على تشغيل مزيد من المواطنين في مختلف المجالات التي تهم هذا القطاع. فعلى المستوى المحلي فقد ارتفع عدد العاملين في الشركات النفطية والغاز التي تعمل بالسلطنة خلال العام الماضي ليصل إلى 17100 وفق بيانات الكتاب السنوي لوزارة النفط والغاز لعام 2016، منهم نحو 13554 من الأيدي العاملة الوطنية، و3546 من الأيدي العاملة الوافدة، وبنسبة زيادة قدرها 3.2% مقارنة بعام 2015 2ر3% عما كان عليه في عام 2015، ناهيك عن عدد العاملين في الشركات المقاولة التي تعمل من الباطن وما تقدمها من الخدمات التي تهم أعمال هذا القطاع.

كما أن هذه الشركات تعمل على تبني برامج التوظيف والتدريب، وإعادة الاستيعاب وتقديم البعثات الدراسية للعمانيين العاملين لديها، بالاضافة إلى إسناد عقود للشركات المحلية لتنفيذ المشاريع المهمة، حيث بلغت قيمتها في العام الماضي أكثر من 5 مليارات دولار ، فيما بلغت قيمة العمل الذي نفذته تنمية نفط عمان خلال العام الماضي 336.4 مليون دولار بزيادة قدرها 23% عن عام 2015. وهناك العديد من العمانيين يعملون في الشركات المحلية الكبرى التي تقدم خدماتها للشركات النفطية التي تعمل على تطوير خدماتها في مختلف المهام التي تخص العمل اليومي لها، وتوفّر المزيد من الوظائف للعمانيين في الكثير من المجالات، الأمر الذي يزيد من القيمة المضافة لهذه الشركات من خلال بناء المنصات وحفر الآبار، ورصف الطرق، وبناء مجمعات السكن، بالإضافة إلى تركيب خطوط الأنابيب، وتوريد الخدمات والمنتجات المصنعة في السوق المحلي ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وغيرها من الأعمال الأخرى.

ووفقا لتقرير الوزراة لعام 2016 فإن الشركات المشغلة لمناطق الامتياز البترولية قامت بحفر واختبار وتقييم 29 بئرا استكشافية وتقييمية للغاز في السلطنة خلال عام 2016م، وقد أسفرت نتائج التحاليل واختبار إنتاجية الآبار عن مؤشرات إيجابية في عدد منها، والذي أضاف احتياطيات جديدة للغاز، مشيرا إلى أن إجمالي احتياطي الغاز الطبيعي المتوقع للسلطنة بنهاية عام 2016م يبلغ 24.79 تريليون قدم مكعب، حيث شكل الاحتياطي المتوقع لشركة تنمية نفط عمان حوالي 54% من إجمالي احتياطي الغاز الطبيعي المتوقع للسلطنة، تليها شركة بي بي بنسبة 42% من الإجمالي، وشكلت باقي الشركات نسبة 4% من الإجمالي. كما يشير التقرير إلى أن إجمالي استهلاك الغاز الطبيعي بلغ 40850 مليون متر مكعب خلال العام الماضي، حيث جاءت مشاريع شركتي العمانية للغاز الطبيعي المسال وقلهات للغاز الطبيعي المسال في المرتبة الأولى من حيث استهلاكها للغاز الطبيعي وبنسبة 32% من إجمالي الاستهلاك، تليها كمية استهلاك عمليات الحقول واستخدامات أخرى بنسبة 30% من الإجمالي، ومحطات توليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه بنسبة 20%، عقبها المشاريع الصناعية المحلية بـ 17%، فيما كانت المناطق الصناعية الأقل استهلاكا للغاز الطبيعي بنسبة 1% خلال العام المنصرم. كما تم تصدير نحو 8.5 مليون طن متري من الغاز العماني خلال العالم الماضي. وقد أعلن سعادة المهندس سالم بن ناصر العوفي وكيل وزارة النفط والغاز في المؤتمر السنوي للوزارة مؤخرا عن حصول اكتشافات مهمة للنفط والغاز الطبيعي في بعض مناطق الامتياز سواء من النفط أو الغاز، الأمر الذي يعكس نجاحا باهرا لهذه البرامج، بينما من المتوقع أن يبلغ حجم الصرف في قطاع النفط والغاز خلال العام الجاري 16 مليار دولار، مما يؤكد على الفرص الاستثمارية الكبيرة المتاحة لهذا القطاع خلال المرحلة القادمة، فيما اصبحت الشركات المحلية والعالمية تتسارع للفوز بحصتها من هذه المشاريع في مناطق الامتياز. وبجانب هذه المشاريع دخلت السلطنة في إنشاء مشاريع للطاقة النظيفة، حيث يعد مشروع مرآة واحدا من المشاريع في العالم لإنتاج البخار بالطاقة الشمسية لتعزيز إنتاج النفط، حيث تبلغ تكلفته 600 مليون دولار، فيما من المتوقع أن تضيف هذه المشاريع احتياطيات جديدة من النفط والغاز خلال السنوات الخمس المقبلة، بجانب تحقيق المزيد في التطور في الجانب الصناعي من خلال إقامة مشاريع منتجة من المواد النفطية. ومع نهاية عام 2016 فان إجمالي احتياطي السلطنة من النفط والمكثفات يبلغ حوالي 5115 مليون برميل، منخفضا بما يقارب حوالي 257 مليون برميل عن ما كان عليه في نهاية عام 2015م. أما في مجال احتياطي الغاز، فقد تم إضافة حوالي 0.84 تريليون قدم مكعب من الغاز، وبذلك فإن إجمالي احتياطي السلطنة من الغاز بلغ حوالي 21.15 تريليون قدم مكعب في نهاية عام 2016م منخفضا حوالي 1.85 تريليون قدم مكعب عن ما كان عليه في نهاية عام 2015م.

ومع هذا التوجه، تبذل الحكومة الجهود وتعمل على تشجيع القطاع الخاص المحلي والاجنبي للاستثمار المشترك في قطاعي النفط والغاز في جميع المشاريع البترولية بمجالاتها المختلفة، والعمل في مجالات استكشاف وانتاج وتطوير، وإقامة مشاريع معتمدة على الغاز، ومشاريع الخدمات المساندة للصناعة البترولية. وقد بلغ مجموع المصروفات على قطاع استكشاف و إنتاج وتطوير النفط والغاز في السلطنة حوالي 11.3 مليار دولار في العام الماضي مقارنة مع 11.43 مليار دولار أمريكي في عام 2015م، منها 7.9 مليار دولار على قطاع النفط و4.2 مليار دولار على قطاع الغاز. وبذلك نرى التزام الحكومة تجاه هذا القطاع حيث إن حجم الاستثمارات والإنفاق في قطاع النفط لم تتأثر بتراجع الأسعار العالمية كما كان متوقعا، بل الذي حدث ان الإنفاق توسع ليصل الى حوالي 16 مليار دولار، وأن السلطنة نجحت في تخفيض تكلفة إنتاج النفط ووصلت بالإنتاج الى نسب قياسية تجاوزت المليون برميل يوميا، و أنها التزاما منها باتفاقية جنيف خفضت حصتها بنحو 45 ألف برميل يوميا، وهي ملتزمة في حالة تمديد الاتفاق، فيما لديها خطط جيدة للتوسع وتجاوز الكميات المنتجة حاليا، حيث سيخصص جزء كبير منها لصناعات القيمة المضافة والمصافي. وإذا كانت الدول المنتجة للنفط ومنها السلطنة تواجه اليوم تراجعا في الاسعار العالمية، فقد مرت بظروف اقتصادية أسوا من ذلك خلال الفترات السابقة، وتمكنت من مواجهة هذه الظروف السيئة مثل أية دولة ريعية تعتمد على المصدر الاقتصادي المهم، وفي جميع الحالات فإنها اتخذت الإجراءات والتدابير الكفيلة لمواجهة هذا الأمر والحد من التأثيرات السلبية المتوقعة.

[email protected]