972626
972626
المنوعات

في الكويت ... البداوة تقليد لاستذكار الماضي ووسيلة لاستنشاق هواء منعش

07 أبريل 2017
07 أبريل 2017

مخيمات مختلفة من أبسطها إلى أكثرها رفاها -

في صحراء جنوب الكويت ينصب أحمد الشمري و15 من أقاربه وأصدقائه مخيما يستمر خمسة أشهر مواصلين تقليدا قديما للبدو في منطقة الخليج، ومستفيدين من الطقس المعتدل في الشتاء للخروج من المدينة وتنشق هواء منعش.

في ظل خيمة كبيرة ملونة يجتمع أحمد وصحبه، منهم من يلعبون ألعابا تقليدية، وبعضهم يتابعون مباراة كرة قدم عبر تلفزيون موصول إلى صحنين لاقطين.

وحتى اكتشاف النفط في الستينات من القرن العشرين كان كثير من الكويتيين يعيشون حياة البداوة، قبل أن تجعل الثروة النفطية من مواطني هذا البلد أصحاب واحد من أعلى المداخيل في العالم.

لكن البداوة ظلت تقليدا يحب البعض أن يحافظوا عليه.

ويقول أحمد الأنصاري وهو فلسطيني مقيم في الكويت «الشتاء والربيع أحلى الفصول، التخييم هنا يشكل وسيلة للتنفس» والابتعاد عن ضجيج المدينة. في الصيف ترتفع الحرارة إلى أكثر من خمسين درجة في الصحراء، ولكن خلال موسم التخييم الذي يمتد بين شهري نوفمبر وديسمبر تكون الحرارة نهارا في حدود العشرين درجة، وتنخفض ليلا إلى ما دون الصفر.

يضم مخيم عائلة الشمري ستة أقسام، «أربعة للنوم، واثنان للجلوس، أحدهما للنساء والآخر للرجال»، بحسب ما يشرح أحمد البالغ من العمر 49 عاما، وهو الذي يعمل في مجال النفط.

وتضم الخيمة كل وسائل الراحة الممكنة، في مساحة تمتد بطول خمسة أمتار وعرض عشرة، تصطف خارجها سيارات من طرازات حديثة.

ويقول محمد الشمري، وهو شقيق أحمد: «هنا، لدينا أجهزة تلفزيون وألعاب وموقدة، وشاي وقهوة وكهرباء .. إنه بيت عادي، لكنه من دون إسمنت».

وتحظى هذه المخيمات أيضا بالمياه الجارية، تضخ من خزانات كبيرة، وحمامات مع دش، ومطابخ ببرادات وأفران تعمل بالغاز، وأسرة حديثة.

ويقول أحمد: «نحن متعلقون كثيرا بالصحراء، معظم الكويتيين من البدو، وهم بهذا يستذكرون الماضي». تقام في منطقة الجليعة هذه البعيدة عن مدينة الكويت سبعين كليومترا إلى الجنوب مخيمات أخرى على مقربة من الحدود مع السعودية.

وتنتشر على جانبي الطريق الصغير الموصل إلى هذه المنطقة مئات الخيام يمينا وشمالا، وبينها مركز للشرطة وعيادة صغيرة وفرقة إنقاذ.

في آخر الأسبوع وفي أيام العطل المدرسية، تمتلئ هذه المخيمات بالوافدين إليها، وتصبح أشبه بأحياء سكنية.

وتنتشر في المكان أيضا متاجر لبيع الفحم والغذاء وتأجير الدراجات النارية التي يتسابق عليها الفتيان والشباب مثيرين غبار الصحراء حولهم، إن لم يكونوا في مباريات الكرة الطائرة.

في موسم التخييم، يقصد المخيمات المماثلة التي تقارب العشرين، عشرات الآلاف من الكويتيين، وأيضا من الأجانب المقيمين في هذا البلد.

ولكل مخيم وتيرة خاصة للحياة فيه، ففي مخيم أحمد الشمري يذهب الرجال صباحا إلى العمل في المدينة، ويعودون في المساء، وتلتحق بهم عائلاتهم إلى الصحراء في عطلة نهاية الأسبوع، أو في أيام الإجازات الطويلة.

وتنظم بعض الوزارات والإدارات العامة والشركات الخاصة مخيمات لموظفيها، كويتيين كانوا أم أجانب.

ويقول عبد المجيد الجريري البالغ من العمر 71 عاما والمقيم في الكويت منذ وقت طويل «إنها تجربة كبيرة لأطفالنا ولعائلاتنا».

وتستفيد من هذا التقليد بعض الشركات التي تقدم الخيام وتتكفل تأمين لوازمها.

ويقول رجل الأعمال محمد القريوطي: «هناك أنواع مختلفة من المخيمات، من أبسطها إلى أكثرها رفاها». ويضيف «الإكسسوارات أصبحت اليوم أكثر أهمية من الخيمة نفسها، فيمكن أن تكون الأرضية من السيراميك أو من البلاط ، ويمكن أن يكون الحمام عربيا أو أمريكيا ... يمكن فعل كل شيء ليشعر ساكن الخيمة أنه في منزله .. ولكن في الهواء الطلق».

ويصل إيجار الخيمة إلى مائة دينار يوميا (أكثر من 300 أورو)، أي أكثر من بدل غرفة في فندق 5 نجوم.