كلمة عمان

الحاجة لما هو أكثر من إدانة الإرهاب

07 أبريل 2017
07 أبريل 2017

في إطار الموقف الثابت والمعروف للسلطنة ، والمتمثل في إدانة كل أشكال وصور الإرهاب ، أيا كان نوعه ، أو دوافعه وأسبابه ، باعتباره ممارسة تتعارض مع كل القيم والنواميس الإنسانية ، ولا يمكن أن تؤدي إلا إلى الخراب والدمار وقتل الأبرياء ، وتعقيد أية جهود سلمية لحل المنازعات ، فإن السلطنة أدانت بشدة الهجوم الذي وقع في بلدة « خان شيخون « في محافظة إدلب شمال سوريا ، وراح ضحيته عشرات الأشخاص ، من بينهم أطفال ، متأثرين باختناقات بغازات سامة ، كما أدانت السلطنة أيضا الهجوم الإرهابي الذي وقع في إحدى محطات مترو الأنفاق في مدينة سان بطرسبرج الروسية ، الأسبوع الماضي كذلك ، وخلف عشرات القتلى والجرحى .

ومع الوضع في الاعتبار الجدل الذي شهده مجلس الأمن الدولي ، خلال مناقشته لما حدث في « خان شيخون » بشمال سوريا ، والإدانة الدولية الشديدة والواسعة النطاق لمثل هذه الممارسات ، التي تدخل ضمن الجرائم ضد الإنسانية ، فإن الخطورة الشديدة لاستخدام أسلحة كيماوية ضد مدنيين ، يحتاج بالتأكيد إلى ما هو أكثر من الإدانة الدولية، الفردية والجماعية لما حدث ، والأكثر أهمية من ذلك أنه يحتاج إلى محاسبة المتسببين في مثل هذه الواقعة البشعة . ولذا فإنه من الطبيعي والضروري العمل وبأسرع ما يمكن لإجراء تحقيق دولي في الأمر ، وتحديد المتورطين فيه ، ووضعهم أمام مسؤولياتهم ، خاصة وأن الحكومة السورية نفت وبشدة استخدام قواتها لأية أسلحة كيماوية ، كما أن موسكو أشارت إلى أن دانات ، أو عبوات ، الغازات السامة كانت في أحد مخازن الأسلحة التابعة للمعارضة السورية ، والذي قصفته القوات السورية . وذلك في الوقت الذي مالت فيه أطراف غربية إلى وضع المسؤولية على عاتق القوات السورية ، متأثرة بمواقفها السياسية ، أو راغبة في استثمار ما حدث لإدانة القيادة السورية خاصة في وقت تحقق فيه نتائج إيجابية على الأرض ضد الجماعات الإرهابية والمعارضة في سوريا .

وإذا كان الجميع ، في المنطقة والعالم ، يريد معرفة الحقيقة ، والاستناد إليها لمحاسبة المتسببين فيما حدث ، أيا كانوا ، فإن ذلك يفرض ضرورة التعامل مع ما حدث بدون انحياز مسبق إلى جانب هذا الطرف أو ذاك ، ولعل اللجنة التي ستقوم بالتحقيق تتمكن من كشف كل ملابسات ما حدث وتحديد مدى مسؤولية الأطراف المختلفة في هذه المأساة ، التي تشكل جانبا أو جزءا صغيرا من المأساة السورية الأكبر . ومن الطبيعي أن الوصول إلى نتائج صحيحة يتطلب تعاون كل الأطراف الإقليمية والدولية ، بما في ذلك السلطات السورية وجماعات المعارضة ، حتى تظهر الحقيقة كاملة ويتحمل كل طرف مسؤوليته الأخلاقية والسياسية والقانونية أيضا حيال الضحايا الأبرياء، حتى يمكن إغلاق الطريق أمام مثل هذه الممارسات البشعة وغير الإنسانية ، وحتى لا يفلت الجاني بجريمته .