969648
969648
المنوعات

المترجم الرخيص

06 أبريل 2017
06 أبريل 2017

تيم باركس -

ترجمة : أحمد شافعي -

هل المترجم فعليا كاتب مشارك في النص، ولو أن الأمر كذلك، فهل يجب أن يحصل على نصيب من عائدات بيعه شأن المؤلف؟

بعد تقديم كتاب لي، أو بالأحرى، بعد تقديم ترجمته الألمانية في برلين، وجدت نفسي في حانة أتناقش حول هذه المسألة مع اثنين من المترجمين المخضرمين، هما أولرسك بيكر وروث كين. وبدلاً من أن يدور نقاشنا حول طبيعة شراكة المترجم في التأليف ذاتها، انطلق نقاشنا من حقيقة أن قليلا للغاية من المترجمين هم الذين يحصلون فعليًا على مكاسب كبيرة من عائدات الكتب، حتى في ألمانيا التي يلزم قانونها الناشرين أن يمنحوا منها للمترجمين. فعلى مدار مسيرة مهنية طويلة لم تتلق روث إلا مرة واحدة مبلغا محترما يتجاوز عشرة آلاف يورو عندما حدث على غير توقع أن نجح كتاب عن زحف نابليون إلى موسكو. وأولريك حصل على ألفين حينما وصلت رواية أدبية إلى قائمة أكثر الكتب مبيعا. وفيما عدا ذلك، فتات.

فما السبب؟

كما هو الحال في أغلب البلاد، يتحدد أجر المترجمين في ألمانيا عن عملهم بناء على قاعدة الطول، وهو ما يحسب في هذه الحالة بمعدل ما بين 20 و25 دولارًا أمريكيًا للصفحة. وهو غير كثير. في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يترجم عدد أقل من الأعمال الأدبية وتتفاوت معدلات الأجور تفاوتًا كبيرًا للغاية. وعائدات البيع إن منحت من الأساس (وعن نفسي لم أحصل ولو مرة واحدة على عائدات من البيع في الولايات المتحدة)، فإن المقدَّم الأولي يتحدد بناء على الطول وعادة ما يخصم من العائدات. وهو ما يعني أنه إذا حصل مترجم مثلاً على 8000 دولار في ترجمة كتاب وحصل على نسبة من عائدات البيع تقدر بواحد في المائة من سعر غلاف يبلغ 20 دولارًا، فيجب أن يبيع الكتاب أربعين ألف نسخة قبل أن تدر العائدات أي نقود إضافية للمترجم. والأربعون ألف نسخة تمثل مبيعات ضخمة وغير معتادة.

غير أن القانون الألماني -مثلما توضح لي روث- كريم مع المترجمين إذ قضت محكمة أخيرا بأنه لا يجب خصم المقدم الأولى من العائدات. غير أن ما لم يفعله الحكم هو منع الناشرين من تحديد عتبة لا تدفع عائدات قبل الوصول إليها، وعادة ما تتراوح هذه العتبة بين بيع خمسة آلاف وثمانية آلاف نسخة، بينما تكون العائدات منخفضة بنسبة 0.8 في المائة بل حتى 0.6 في المائة. ولما كان قليل من الكتب في ألمانيا هو الذي يبيع أكثر من خمسة آلاف نسخة، فقليل جدا من المترجمين هم الذين يتلقون أي نقود إضافية بناء على هذه الترتيبات.

ولكن القليل المحتمل خير ولا شك من العدم المطلق. هكذا قد تظنون. حكى لي أولريك قصة كارين كرايجر التي أصبحت بطلة للمترجمين حينما ساقت الناشر بايبر سنة 1999 إلى المحكمة في قضية تتعلق بعائدات البيع. كانت كرايجر قد ترجمت للكاتب الإيطالي أليساندرو باريكو ثلاث روايات، ولما بدأت هذه الروايات تروج حاولت أن تجعل الناشر يحترم فقرة غامضة في العقد تخول لها الحصول على «عائد منصف من الأرباح» (فلم تكن نسبة عائدات البيع إلزامية في ذلك الوقت. وجاء رد فعل الناشر غير متوقع وغير معتاد، إذ أوكل إلى مترجم آخر إعادة ترجمة الروايات وفقا لعقد أكثر محاباة للناشر.

وبعد خمس سنين من التنازع القضائي، كسبت كرايجر القضية أخيرا، وحصلت على نقودها المستحقة، لكن تسلسل الأحداث يشير إلى فارق جوهري بين المترجمين والكتَّاب: فالناشر بايبر ما كان ليستطيع قط أن يحرم باريكو من حقه في العائدات، فبدونه ما كانت الكتب لتوجد أو المبيعات. لم يكن ليحل محله أحد. لكن مهما تكن جودة ترجمات كرايجر، شعر الناشر أنه قادر على تحقيق نتيجة تجارية مماثلة من خلال مترجم آخر. ولا يعني ذلك أن عمل المترجم سهل، بل الأمر على العكس تماما. لكن الأمر ببساطة أنه نادرا ما يستوجب موهبة نادرة. كرايجر لم تكن شخصا لا غنى عنه. كان يمكن استبدالها.

عند هذه النقطة يجدر بنا أن نتذكر لماذا استحدثت حصة عائدات البيع في المقام الأول. قبل القرن الثامن عشر كان الكتَّاب يبيعون العمل لصاحب دار الطباعة مقابل مبلغ، ويحقق صاحب دار الطباعة القليل أو الكثير بناء على عدد النسخ التي يمكنه بيعها. ورأى الكتَّاب أن أصحاب دور الطباعة (أو بعضهم) يثرون فأرادوا لأنفسهم نصيبا من الثروة التي شعروا أنهم أكثر ممن عداهم من حققوها، وهكذا كانت الخطوة الأولى في مطلع القرن الثامن عشر في بريطانيا وهي التسليم بأن الكتّاب يملكون ما عرف لاحقا بـ«الملكية الفكرية»- أي كتابتهم نفسها- ومن هنا فإن لهم الحق في نسبة من الدخل الناجم عن كل نسخة تباع.

قد يقال إن هذا كان ترتيبا «منصفا» بين أصحاب دور الطباعة والكتّاب، لكنه لم يكن يعني أن يعكس دخل الكاتب جودة كتابته أو العمل المبذول فيها ـ بل هو منصف بمعنى مطلق. واليوم نرى أن عملا يروج ويبيع في العالم كله- كأعمال دان براون أو ستيفاني ماير- كفيل بأن يدر على مؤلفه ملايين كثيرة، في حين أن عملا جيدا من الشعر قد لا يدر على مؤلفه إلا مئات قليلة من الدولارات. ولو أن بوسع المرء قول شيء فهو أن نسبة العائدات كانت دعوة للكتاب أن يستهدفوا بكتبهم أضخم جمهور ممكن فيحققوا لها فرصة طبعة شعبية في سوق كبير.

أما وقد قلت هذا، فمهما يكن في تلك الطبعة الشعبية إنما هو إبداع الكاتب. فعليه أن يجلس ليكتب عملاً ما، وهو لا يدري كيف سيكون شكله في النهاية، ولا يدري هل سيقبل ناشر أن يشتريه، وإن اشتراه، فهل سيتمكن من بيعه. باختصار، على الكاتب أن يملأ فضاء خاويا، وأن يبدع شيئا حيث لم يكن شيء. أما المترجم في المقابل ففي أغلب الحالات يكلَّف بالقيام بمهمة. قد تكون عملا رائجا، وقد تكون شعرا. وجملة بعد جملة ينتهي المترجم من مهمته. ومهما تكن صعوبة نقل عمل من لغة إلى أخرى، فالمترجمون لا يبدأون من الصفر، ونادرًا ما يتاح لهم الخيار، لا سيما في بدايات عملهم، فيما يتعلق بنوعية ما يترجمونه. ومؤكد من واقع تجربتي، أنه لا يمكن أن يوجد شيء أكثر اختلافًا عن يوم في الكتابة من يوم في الترجمة.

ثمة فكرتان تكمنان وراء الحملة القائمة منذ عقود لتخصيص نسبة من العائدات للمترجمين. الأولى منهما عملية: فبما أن الناشرين يميلون إلى مقاومة دفع أجور تمثل دخلا لائقا للمترجمين، وتساوي المهارة الحرفية والساعات الطويلة التي يبذلونها في عملهم، فإن استحداث فقرة متعلقة بنسبة من العائدات في العقد يضمن على الأقل في حالات تحقيق الكتاب المترجم أموالا كبيرة أن يحصل المترجم على حصة ما منها. والثانية مفاهيمية: فكل ترجمة تختلف، وكل ترجمة تستوجب درجة من الإبداعية، وبما أن الترجمة «ملكية فكرية» فيجب أن تعد تأليفًا وتلقى معاملة الكتابة.

مشكلة أولى هاتين الفكرتين أنه ما دام دخل المترجم يرتبط بالعائدات، فسوف يعتمد على كيفية قيام الناشرين بتوزيع الترجمات التي يكلفون بها المترجمين.

لو تخيلنا على سبيل المثال اثنين من المترجمين الألمان على قدر واحد من الإمكانيات فكلِّف أحدهما بترجمة الجزء الخامس من «درجات الرمادي الخمسون» بينما كلِّف الآخر بترجمة قصص قصيرة لكاتب مبتدئ من نيوزيلاند فأحدهما سوف يجني ثروة بينما لن يجني الآخر على الأرجح غير الفتات. وطبعا هذا نفسه يصدق مثلما سبق القول على الكتَّاب أنفسهم. فلو أن كلا منهما يحصل على عشرة في المائة من النسخة، فإن إي إل جيمس سوف تصبح ثرية بصورة خرافية بينما لن يلقى كاتب القصة القصيرة النيوزيلاندي على الأرجح- مهما تكن عبقريته- إلا نصيحة بعدم ترك وظيفته. غير أن مسألة نسبة العائدات لا تمثل موضع خلاف بين الكتّاب لسبب بسيط هو أنه بغض النظر عن أي قيمة في عمل مثل «درجات الرمادي»، فلا أحد ينازع في أن إي إل جيمس هي الشخص الذي خطرت له فكرة الكتاب وهي التي خاطرت بكتابته. فالعمل عملها، وهو انعكاس لعقلها. فلتحصل على عشرتها المئوية.

ومثل ذلك لا ينطبق على المترجم، فترجمة «درجات الرمادي الخمسون» مع نسبة من العائدات هي ببساطة لقية هائلة لمهمة قد تكون أيسر من ترجمة كتب أقل ريعا. فضلا عن أن بوسع المرء أن يتخفف من أي مسؤولية عن المحتوى المحرج! وعند هذه النقطة يبدو أن نظام العائدات يقسم المترجمين. فقد حكى لي مترجم إيطالي كيف أن جميع مترجمي دان براون اجتمعوا في أوربا لتسلم رواية «الجحيم» وعرض عليهم العديد من قضايا الترجمة. وكان المترجم الفرنسي في مزاج ممتاز لأن فرنسا - مثل ألمانيا- تلزم الناشرين بتخصيص نسبة من العائدات. بينما اضطر آخرون إلى التفكير في أنهم لن يحصلوا إلا على آلاف قليلة من الدولارات عن ترجمة الصفحات الستمائة مهما بلغ ما تحققه ترجماتهم من مبيعات.

أما الحجة الثانية المفاهيمية فأكثر إثارة للاهتمام، لكنها أقل إشكالية. لا نزاع في أن الترجمة تستوجب قدرًا من الإبداعية. وبوصفي مترجما لا أجد في نفسي أي رغبة في النيل من سمعة المهنة. لكن هل هذه الإبداعية من النوع الذي يصنع «كاتبا»؟ إليكم أربع نسخ من السطور الأولى في «رسائل من تحت الأرض» لدوستويفسكي:

أنا رجل مريض.. أنا رجل حقود. أنا رجل غير جذاب. أعتقد أن كبدي مريض. غير أنني لا أعرف أي شيء مطلقا عن مرضي، ولا أعرف يقينا ما يعييني. لا أستشير طبيبا، ولا سبق أن فعلت، برغم أنني أكن الاحترام للطب والأطباء. فضلا عن أنني متطرف في تفكيري الخرافي، بما يكفيني لاحترام الطب، على أي حال (وأنا على قدر من التعليم يكفي لأن لا أكون خرافي التفكير، لكنني خرافي التفكير). لا، إنني أرفض أن أستشير طبيبا بوازع من الحقد. لعلكم لن تفهموا ذلك. ليكن، أنا أفهمه مع ذلك.

كونستانت جرانيت- 1918

أنا رجل مريض.. أنا رجل غاضب. أنا رجل غير جذَّاب. أعتقد أن كبدي ليس على ما يرام. لكنني لا أفهم عن مرضي أقل شيء، ولا أعرف يقينا أي جزء مني هو المصاب. لا أتلقى علاجا، ولا سبق أن فعلت، برغم أنني أكن احتراما عظيما للطب وللأطباء. فضلا عن أنني متطرف في تفكيري الخرافي، ولو بما يكفي لأكن هذا الاحترام للطب. (أنا متعلم بالقدر الكافي لئلا أكون خرافي التفكير، لكن خرافي التفكير أنا). لا، إنني أرفض العلاج بوازع من الحقد. ذلك أمر لعلكم لن تفهموه. ليكن، أنا أفهمه.

جيسي كولسن- 1972

أنا رجل مريض... أنا رجل حاقد. أنا رجل غير جذاب. أعتقد أن كبدي ليس على ما يرام. لكنني لا أفهم له رأسا من ذيل ولست على يقين تام من الجزء المريض مني. لا أتلقى أي علاج، ولا سبق أن فعلت، برغم أنني أحترم الطب والأطباء. فضلا عن أنني لا أزال خرافي التفكير، ولو لأنني أكن احتراما للطب. (أنا على قدر من التعليم يكفي لئلا أكون خرافي التفكير، لكنني كذلك). لا، إنما هو الحقد ما يجعلني لا أرغب في العلاج. لعلكم لن تروا ذلك مفهوما. لكنني أفهمه تماما.

جين كينتيش- 1991

أنا رجل مريض... أنا رجل كريه. أنا رجل غير جذاب. أعتقد أن كبدي يؤلمني. غير أنني لا أعرف عن مرضي مقدار تينة، ولست على ثقة مما إذا كان هو الذي يؤلمني. لا أتلقى علاجا ولم يسبق أن فعلت، وإن كنت أحترم الطب والأطباء. وأكثر من ذلك أنني خرافي التفكير إلى أقصى حد، أو لنقل، بقدر ما يكفي لأن أحترم الأطباء. (أنا متعلم بما يكفي لئلا أكون خرافيا، لكنني كذلك). لا، يا سيدي، أرفض العلاج لكوني كريها. والآن، من المؤكد أنك لست أهلا لفهم هذا. أما أنا يا سيدي فأفهمه.

ريتشارد بيفير ولاريسا فولخونسكي- 1993

بوسع المرء أن يجد جميع أنواع التمايزات بين هذه الترجمات. «حاقد» و«غاضب» و«كريه» في السطر الأول تشير إلى ثلاث سمات مختلفة، فأيها الصائب أو الأقرب على أقل تقدير من الأصل؟ لماذا تتفق الترجمات الثلاثة لاحقا على أن سمة «الحقد» أو «الكراهة» هي السبب في عدم سعي الراوي إلى تلقي العلاج إلا واحدة- هي التي تستعمل «الغاضب»؟ ليس بوسعنا إلا أن نفترض أن الأصل يستعمل الكلمة نفسها مرتين لكن إحدى الترجمات رأت ألا تحترم ذلك التكرار. ترجمتان اعتمدتا ببساطة «لا أعرف شيئا على الإطلاق» أو «لا أفهم أقل شيء» عن مرض الراوي، بينما تطرح ترجمة «لا أفهم لمرضي رأسا من ذيل» صورة تخاطر بالتناقض مع التشريح، وأحدث الترجمات هي التي تعمد بغرابة إلى استعمال أقدم عبارة اصطلاحية وهي «مقدار تينة».

وبينما نجد في ترجمتين «فضلا عن» وفي واحدة «وأكثر من ذلك» لا نجد شيئا من هذا مطلقا في إحدى الترجمات. في إحدى الترجمات «سيدي» و«لا يا سيدي» و«أما أنا يا سيدي» وهو ما لا تفعله بقية الترجمات، فهل يعقل أن المترجمين الثلاثة حذفوا «سيدي» وهي موجودة؟ ولماذا يقدم مترجمان هذه الاختلافات الرهيفة في هذه الجملة: «لعلكم لن تروا ذلك مفهوما» و«من المؤكد أنك لست أهلا لفهم هذا» وكأن الفهم مسألة خصلة لا ذكاء، بينما الترجمتان الأخريان تقولان ببساطة «لعلكم لن تفهموا ذلك»؟

لا نهاية لإبراز التمايزات بين الترجمات، ومناقشتها في علاقتها بالأصل وبالمشهد الثقافي في اللغة المستهدفة، أو في اتساقها الداخلي. غير أن هذه الترجمات الأربع جميعا هي بوضوح ترجمات لنص واحد. واستراتيجيات دوستويفسكي الأسلوبية ظاهرة بقوة فيها جميعا، وأهمها لذة الراوي في استعراض فساد نفسه، واعتياده تخفيف كل ما يقوله بطرق غير متوقعة، وتحطيم أفكاره ذاتها (فهل من الخرافية بالفعل احترام الأطباء؟) واشتباكه مع القارئ وسخريته منه، وما إلى ذلك. والحق أنه كلما ازدادت الترجمات، ازددنا تقديرًا لمدى اعتماد النص على كتابة دوستويفسكي الفريدة، فهل من منطق إذن الحديث عن الترجمة باعتبارها «كتابة مشتركة»؟ لماذا يجب تشبيه الترجمة بشيء هي ليست إياه؟ قد يذهب المرء طبعا إلى أن وفاة دوستويفسكي منذ أمد بعيد وسقوط حقوق كتبه، جعلتا الناشرين قادرين على دفع نسبة من العائد [للمترجم بما أنه ما من نسبة للمؤلف. لكن هذه مسألة عملية أكثر من كونها قضية مفاهيمية. وإن أربع ترجمات لأي نص تقريبا، سواء أكان قديما أم معاصرا، كفيلة بإيصالنا إلى مثل هذه النتائج. بعد بضعة أيام من لقائنا في برلين، أرسلت لي روث كين بالبريد الإلكتروني نتائج استبيان عن المكاسب المالية أجراه اتحاد المترجمين الألمان. شارك فيه خمسمائة وثمانية وتسعين شخصا وأفضى إلى إحصاءات مثيرة للغاية: منها مثلا أن قرابة ستين في المائة من الكتب المترجمة مترجمة عن الإنجليزية، وأن ثمانين في المائة من المترجمين نساء، وأن أجر الرجال عن الصفحة أعلى من النساء بنحو 1.10 دولار، وأن أجرالعمل الذي يعد صعب الترجمة لا يزيد إلا بهامش ضئيل عن العمل الذي يعد سهلا (برغم أن الوقت الإضافي الذي يستغرقه العمل الصعب قد يصل إلى مثلي أو ثلاثة أو حتى عشرة أمثال ما يستغرقه العمل السهل). ولكن الأهم أن الاستبيان كشف عن إحصاءات تتعلق بالعائدات، فقد أبدى التقرير أسفا حيال انخفاض المبيعات وارتفاع العتبات اللازم تحقيقها قبل تحصيل العائدات وما أفضى إليه ذلك من عدم حصول المترجمين تقريبا على أي فوائد من العائدات.

إلى أين تنتهي بنا هذه التأملات في ما يتعلق بالمال والتقدير اللازمين للعمل الرائع الذي يؤديه المترجمون؟ شعوري الخاص هو أن المشكلة أقل صعوبة مما يتصور الجميع، وأنه ليس من المستحيل جمع محرر ومترجم وخبير في الترجمة عن هذه اللغة أو تلك لتحديد مدى صعوبة نص، وحجم الوقت اللازم لترجمته، والأجر اللائق لذلك. ربما حان الوقت لأن يركز المترجمون واتحادات الترجمة على وضع ترتيبات من هذا النوع، بدون الخوض في السؤال المحير المتعلق بالترجمة ككتابة تستوجب نسبة من العائدات.

عن نيويورك رفيو أوف بوكس