جبل اللبان
جبل اللبان
آخر الأخبار

اكتشاف ثروة نباتية وحيوانية منقرضة ومكنونات فطرية وبيولوجية في جبل اللبان بولاية نخل

06 أبريل 2017
06 أبريل 2017

كتب – خالد بن راشد العدوي

أكدت آخر الاكتشافات الحديثة للمؤرخين في السلطنة عن وجود ثروة نباتية وحيوانية في جبل اللبان بولاية نخل الذي يضم مجموعة كبيرة من أنواع الأشجار والنباتات النادرة، والتي غالبا ما تستخدم في علاج عشبي لكثير من الأعراض والأمراض التي تصيب الإنسان والحيوان على حد سواء، ومن بين أبرز النباتات التي يضمها الجبل نباتات المقل، والزعتر، والبوت، والعتم، والعلعلان، والقصم، والصخبر، والحشرم، والعسبق، والسمر، والملحلاح، والضجع، والظفرة، والشوع، والسرح، والسمر، والسدر.

حيوانات منقرضة

كما يضم الجبل مجموعة متنوعة من الحيوانات أبرزها الثعلب، والذئب، والوشق، والغزال، والوعل، والضبع، والزواحف بأنواعها المختلفة، إضافة إلى مجموعة متعددة من أنواع الطيور وهي الصباء، والحقم، والحمام البري، والعشوي، والصفرد، والشاهين، والشقص، والنسر، والرخم، بحسب ما أكده أحد قاطني الجبل منصور بن ناصر السيابي، وهو يعيش على مقربة من الجبل وقد أكسبته خبرة السنين معرفة واسعة-بعض ما يحتويه الجبل من مكنونات طبيعية وحياة فطرية بيولوجية.

حياة فطرية

وفي الجانب الآخر أكد الدكتور علي بن سعيد الريامي أستاذ مساعد بقسم التاريخ بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس أن جبل اللبان تتنوع فيه الحياة الفطرية وأنه بحق محمية طبيعية تنمو فيه العديد من الأشجار والنباتات، وتتكاثر فيه العديد من الحيوانات، ويعد بعضها من النوادر التي يخشى عليها من الانقراض بسبب صخب الحياة المدنية.

وأشار الريامي إلى أن جبل اللبان يحتل مساحة واسعة، ويمتد من منطقة العقيبة حتى وادي الغاف، وتقع على اليمين من حافته منطقة السعدية، وعلى يساره عقبة الصخبري، ويعد جبل اللبان من المحميات الطبيعية في سلطنة عمان بالنظر إلى التنوع الجيولوجي والبيولوجي، ومختلف الحياة الفطرية التي يمتاز بها.

سبب التسمية

مشيرا إلى أن الجبل سمي بجبل اللبان نظراً لوجود شجرة المقل التي تفرز مادة صمغية شبيهة باللبان الظفاري المعروف، ولكن شجرة المقل التي تجود في جبل اللبان تختلف بطبيعة الحال عن شجرة اللبان المعروفة، وتعرف المادة التي تفرزها هذه الشجرة بمادة المقل ومن أسمائها المحلية أيضا "عقريت، دج، ضج، لقم، وشجرة المقل" من حيث التصنيف العلمي تكون ضمن المملكة النباتية، والاسم العلمي لها(Commiphora Wightii)، ويعرف في الإنجليزية (Guggal, Myrrh)، يصل أقصى طول شجرة المقل متر تقريبا، وتفرز المادة الصمغية من لحاء جذوعها، وعادة ما يتم حصاد المقل في فصل الصيف، وهو مصدر دخل لعدد من السكان القاطنين بجواره، حيث يتراوح سعر الكيلو منه ما بين 3-6 ريالاً بحسب كمية المحصول الذي يختلف من عام لآخر".

صمغ المقل

وقال "تتعدد استخدامات صمغ المقل في الطب التقليدي، حيث يستخدم لعلاج الطفح الجلدي وحب الشباب، والقروح وآلام الصدر، كما يستخدم لعلاج الطفح والحبوب التي تصاحب الحصبة والدري والجرب، كما أنه يستخدم كمادة طاردة للبلغم، هذا فضلاً عن استخدامه لعلاج بعض الأمراض الجلدية التي تتعرض لها المواشي. وفي الموروث الشعبي يعتقد أن بخور المقل طارد للدواب والحشرات الضارة".

وأوضح أن جبل اللبان يعد مرعى طبيعي للمواشي والأغنام، حيث يعيش بالقرب من سفوحه السكان المحليين الذي يعتمدون عليه بشكل كبير في الرعي، وذلك بالنظر إلى ما ينمو فيه من أشجار ونباتات طبيعية مفيدة وبالأخص أشجار الشرحم والسرح والسمر، هذا فضلاً عن كون تلك الأشجار والنباتات مراعي طبيعية لنحل العسل، وهو مصدر رزق آخر للسكان.

مخزن مائي

وقد أشار عدد من كبار السن إلى أن جبل اللبان، بالنظر إلى تعدد الحياة الفطرية في الجبل فإنه يشكل مخزن مائي يغذي المياه الجوفية، ورافد من روافد المياه العذبة للعيون والأفلاج في الولاية، وقالوا "لعل مما يميز جبل اللبان عن غيره من الجبال تربته التي تميل إلى الاحمرار، ويبدو أنها تربة خصبة، وهذا ما يتضح جلياً عند سقوط الأمطار، إذ سرعان ما تنمو الأشجار والنباتات والأزهار البرية".

تكوينات صخرية

ويتميز الجبل بتكوينات صخرية مختلفة، ومن بين أنواع الصخور المتوفرة بكثرة الصخور الرسوبية ذات الألوان المتعددة والجميلة، وهذا النوع من الصخور نشأ نتيجة ترسّب التراب الطيني المحتوي على الماء، ثم طرأت عليها عوامل التعرية المختلفة (التفتيت والنقل والترسيب)، هذا بالإضافة إلى وجود أنواع عديدة من الصخور المتحولة، وكذلك الصخور النارية السطحية، مما يجعل من جبل اللبان بمثابة معرض جيولوجي يستحق الحفاظ عليه ودراسة أنواع الصخور فيه.

متنفس طبيعي للسكان

ويمثل جبل اللبان أيضا متنفس طبيعي للسكان، فسهولة التسلق، يجعل منه واحد من أكثر الأماكن ارتيادا من قبل رعاة الأغنام، وهواة رياضة تسلق الجبال، فضلاً عما يتميز به من هدوء وسكينة، ولذلك هو مقصد لهواة التأمل، وقضاء أوقات جميلة بين أحضان طبيعته الساحرة، خاصة فترة ما بعد الظهر وحتى الغروب، كما أنه مقصد لهواة التصوير، فمن الأعلى يمكن التقاط صور بانوراميه للمدينة بواحاتها الغنّاء الجميلة وهي ترقد بين أحضان الجبال والسهول والوديان.

قلق متزايد

ويشعر السكان كما يذكر أحد القاطنين صالح السيابي بقلق متزايد من أن تطال جبل اللبان يد العبث بحثاً عن كسب شخصي، حيث سبق أن حاول بعض اصحاب الكسارات أن يتقدموا بطلب الحصول على ترخيص لطحن حجارته، كما حاولت بعض شركات المقاولات وخاصة العاملة في شق الطرق ورصفها استغلاله في إعمال الردم.

جريمة في حق البيئة

ومما لا شك فيه أن أي تعدي على ذلك المكون الطبيعي هو بمثابة جريمة في حق البيئة التي يحتم الواجب الحفاظ على عذريتها فهي ملك مشاع للجميع يستفيد منها الانسان والحيوان والزواحف والطيور والحشرات على حد سواء، والخوف كل الخوف ان تمتد إليه أطماع الانسان فحضارة الإسمنت وأصوات الآلات والأضواء الاصطناعية تفرغ تلك الأماكن الجميلة من رونقها الطبيعي وتحولها الى مجرد حجارة لا حياة فيها.

وقد أولى جلالة السلطان-حفظه الله ورعاه-البيئة أهمية خاصة، إدراكاً منه بأن البيئة هبة الخالق للإنسان، وأن أي إضرار بالبيئة لتحقيق مكاسب آنية ستكون له عواقب مستقبلية، ويبقى الحفاظ على جبل اللبان كما هو مسؤولية تاريخية على الجميع أن يدركها، ويعمل من أجلها بما يحقق المصلحة العامة ليبقى رمزاً ومورداً طبيعياً للأجيال القادمة.

طبيعة خلاّبة

وقد حبا الله سبحانه وتعالى عُمان بجمال طبيعة خلاّبة، وبتنوع البيئات والتضاريس فيها، وتمثل الجبال ما نسبته 15% من المساحة الكلية لـ عمان وتتنوع في هذه الجبال البيئات النباتية والحيوانية، ومن بين أشهر السلاسل الجبلية التي تكونت منذ ملايين السنين جبال الحجر وهي سلسلة جبلية تقع في الركن الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية، وتمتد من منطقة رؤوس الجبال في رأس مسندم بالقرب من مضيق هرمز إلى رأس الحد في المنطقة الشرقية من عمان. وهي على شكل قوس عظيم يتجه من الشمال الشرقي لسلطنة عمان إلى جنوبها الغربي، وأعلى قمة في هذه السلسلة تقع في جبل شمس حيث يبلغ ارتفاعه 3009 متر عن سطح البحر.  وتنقسم جبال الحجر إلى قسمين: هما جبال الحجر الغربي، وجبال الحجر الشرقي يفصل بينهما وادي سمائل.

يذكر أن ولاية نخل تقع ضمن نطاق سلسلة جبال الحجر الغربي، ومن أشهر الجبال فيها جبل الشيبة الذي يصل ارتفاعه عن مستوى سطح البحر 600 متر تقريبا، وكذلك جبل اللبان، وجبل عاقوم، ويتخلل هذه الجبال عدد من الأودية والمجاري المائية التي تغذي الخزان الجوفي للعيون الطبيعية والأفلاج العدية(الداودية) والغيلية، وهي المصدر الأساسي لري واحات النخيل ومختلف المزروعات التي تشتهر بها الولاية.

جبل الشيبة

وما أن تسلك الطريق المؤدي إلى نخل حتى يستقبلك جبل الشيبة بشموخه وعلو ارتفاعه، فهو الحارس والوتد الأمين الذي يمنح الولاية الهيبة والوقار، أما جبل اللبان فيقع في الركن الجنوبي الغربي من الولاية، تراه العين من بعيد، يمنح المدينة الدفء والحنان، وعلى حافة أقدامه من جهة الشرق الطريق المؤدي إلى عين الثوارة ومنطقة الغريض وقراها المتناثرة، فما أن تشرق الشمس وتتهادى في بزوغها رويدا رويدا حتى يستقبلها جبل اللبان في الجهة الغربية.