969368
969368
مرايا

موسم حصاد قصب السكر يحكي حب العماني للزراعة

05 أبريل 2017
05 أبريل 2017

969370

دورته الزراعية تمتد لعام كامل -

منح – هلال السليماني -

تصوير- خلفان التوبي -

عاصر العمانيون منذ القدم زراعة قصب السكر وإنتاج السكر الأحمر منه وارتبطوا به ارتباطا وثيقا، وهو من المحاصيل المعمرة وتوجد زراعته في مختلف محافظات السلطنة، وتعتبر محافظة الداخلية إحدى المحافظات المميزة في زراعته، ففي ولاية منح اهتم المزارعون بزراعته والمحافظة على استمراريته نظرا لما يمثله من مصدر دخل لهم، وخاصة في منطقة العويجا الزراعية الخصبة بشكل دائم ومستمر، وللمحافظة عليه من الانقراض، بالإضافة إلى أهمية مشتقات هذا المحصول التي تدخل في صناعة الحلوى العمانية.

ويدير هذا المشروع خبرات عمانية تم تدريبها على جميع العمليات الزراعية الخاصة بهذا المحصول، حيث تبذل دائرة التنمية الزراعية جهودا في مجال المتابعة والتوجيه والإرشاد ومد المزارعين بالتقاوي الجيدة ومكافحة الآفات الزراعية للمحصول.

وقد طالب الأهالي بأن تتدخل وزارة الزراعة في إنشاء مصنع متخصص لإنتاج مكونات السكر الأحمر وإعادة تصنيعه، واستخراج مشتقات متنوعة للسوق المحلي والتصدير بما يحقق الاكتفاء لجوانب متنوعة من مشتقاته، خاصة أنه يدخل في صناعة الحلوى العمانية ذات الجودة العالية.

ويعتبر إنتاج السكر الأحمر من الصناعات التقليدية العمانية المتكئة على رصيد وافر من الخبرة العمانية في فنون الزراعة ورعاية المحصول واختيار الأرض وعذوبة الماء ومتابعة مراحل النمو المتعددة التي تمر بها زراعة قصب السكر على مدى عام كامل تبدأ من شهر أبريل وتستمر حتى موسم الحصاد وجني المحصول بعد مرور أكثر من أحد عشر شهرا على زراعة القصب.

تخطيط خاص

وحول السكر وزراعته التقينا بخلف بن خلفان المسروري (صاحب مصنع لإنتاج السكر الأحمر) الذي تحدث قائلا: زراعة قصب السكر من الزراعات القديمة المتجددة حيث عرف عن الإنسان العماني حبه للزراعة، وبالتالي يقوم بزراعة قصب السكر باستخدام الوسائل المتوفرة الحديثة والبدائية، بالرغم من التحديات التي تواجه زراعة هذا المحصول من قلة المياه، وطول مدة الرعاية والحاجة إلى عمال مهرة طول مراحل زراعة السكر التي تبدأ من نهاية شهر مارس وبداية شهر أبريل من كل عام وتستمر عاما كاملا، حيث تحرث الأرض جيدا وتقسم إلى خطوط.

وهناك تخطيط خاص لهذا المحصول على شكل «جلب» صغيرة (ويقصد بها خطوط ترسم على الأرض) بها خطوط متعامدة على شكل أخاديد، حيث تساعد على ترابط العيدان وعلى نموها ونضجها وتقلل من الرقاد وخاصة عند هبوب الرياح، ويعتبر هذا من أهم الموروثات الزراعية لهذا المحصول فتوضع في التربة، قبل الزراعة 3 أكياس من سوبر الفوسفات أي 150 كجم /‏‏ فدان، وكذلك بعد الزراعة تضاف 6 أكياس يوريا أي 300 كجم /‏‏ فدان وتوضع على 4 دفعات سنويا، بالإضافة إلى 4 أكياس سلفات البوتاسيوم أي 200 كجم تضاف على دفعتين سنويا.

وتابع موضحا: ثم تتواصل عمليات المتابعة إلى الوصول إلى مرحلة التحزيم ثم عملية الحصاد، ويتم تقشير اللحاء الخارجي والأوراق والفروع الخضراء لتبقى العيدان بطولها نظيفة وسهلة العصر، لتتم عملية الحصاد أو ما يسمى بمرحلة كسر القصب، ثم يقوم المزارع بربط العيدان على شكل كومات وشحنها إلى موقع المعصرة، ويتم الحصاد خلال شهري مارس وأبريل من كل عام.

وهكذا تستمر علاقة المزارع بهذا المحصول على مدى عام كامل حتى تبدأ عملية الحصاد، ويتم بعد ذلك شحن كميات قصب السكر بعد قطعها ووضعها في حزم إلى موقع المعصرة، التي كانت في السابق تستخدم الأخشاب والثيران في عملية دوران آلة العصر والآن أصبحت هناك معاصر تستخدم الآلات الكهربائية.

آليات التصنيع والتخزين

وحول تجربته في إنشاء مصنع حديث لإنتاج السكر الأحمر تحدث خلف المسروري قائلا: لقد حاولت تطوير المعصرة القديمة التي كان يمتلكها والدي، فاستحدثت مصنعا يعمل بوقود الديزل، وتم تصميم الأحواض الخاصة بتجميع العصير( الشارج) وأحواض التخزين والمراجل الخاصة بالطبخ، وقمت بشراء آلات العصر والتقطيع والسحب وغيرها، وباشرت في إنشاء قاعة العصر وأفران الطبخ، ولله الحمد تكلفت ما يقارب 30 ألف ريال عماني وها نحن الآن نقوم بتشغيله لأول مرة، ويعد من المصانع الحديثة لمراحل انتاج السكر الأحمر.

وحول عملية العصر أشار خلف المسروري بأن قصب السكر يتم استغلاله كاملا بدءاً بإنتاج السكر الأحمر والبلوج والشارج والزيج والخمير إلى إنتاج علف للحيوان وسماد للأرض، وبالتالي فالفاقد من القصب معدوم، فأولا نقوم بوضع عيدان قصب السكر في آلة العصر لاستخراج العصير المسمى محليا ( الشارج) ومن ثم يتم تفريغه في مراجل مخصصة ليطبخ على نار قوية ومتواصلة لمدة ثلاث ساعات في المتوسط، ولكي تأخذ ما يسمى عصير ( الزيج) والذي يستخدم مثل عسل النحل لابد من غرف ما تحتاج إليه من العصير من المرجل قبل اكتمال النضج بثلث المدة، أي قبل ساعة من نضجه.

التخزين والتسويق

وحول عمليات التخزين والتسويق أشار خلف المسروري: بعد اكتمال النضج ينقل العصير ويوضع في برك صغيرة مخصصة لهذا الغرض حتى يتجمد بكثافة كبيرة لمدة تصل إلى 10 أيام، ومن ثم يتم وضع المنتج الجامد في أوان من الخوص تسمى محليا بالظروف متعددة الأوزان حسب الرغبة وآليات التسويق، يتراوح وزنها بين ( 40 إلى 60) كيلوجراما ليترك ليوم واحد حتى تخرج منه عصارة تسمى ( الخمير ) وهو المستخدم في صناعة الحلوى العمانية ليعطيها مذاقا ونكهة متميزة وبالتالي سعرا أعلى، ليتجمد بشكل كامل.

بعدها يمكن تخزينه إلى فترات طويلة بعد ضمان جفافه، وبعد أن يتم وضع السكر الأحمر في الأواني الخوصية تبدأ عملية تسويقه سواء من خلال بيعه مباشرة إلى المواطنين او بيعه في الأسواق المجاورة في سوقي منح ونزوى، حيث تبلغ قيمة كل إناء خوصي ( ظرف) ما بين 80 ريالا إلى 120 ريالا حسب الحجم، وخاضع لقانون العرض والطلب كل عام، لذلك نناشد الجهات المختصة دعم وتشجيع صناعة السكر الأحمر ومعاصر قصب السكر من خلال تجديد المصانع القائمة حاليا، ودعم المزارعين ببعض المستلزمات الضرورية في الإنتاج لما لها من أهمية كبيرة.