أعمق وأرقى مما تصورها الأفلام «الرومانسية» تحتضر في زمن الماديات

كتبت- رحاب الهندي  -

يتحدث البعض عن الرومانسية أحيانا بشكل مفرط ويصفون أنفسهم بها دون التدقيق بمعناها الحقيقي، وفي المقابل انتشر في الفترة الأخيرة ضمن الجو الإنساني العالمي أن الرومانسية في طريقها للأفول، لكن رغم هذا يتمسك البعض بالرومانسية معتبرين أن وجودها في الحياة تخفف من أعبائها.

معنى الرومانسية

الرومانسية أو الإبداعية هي حركة فنية، أدبية وفكرية نشأت في فرنسا في أواخر القرن الثامن عشر للميلاد، وقد ظهرت كرد فعل ضد الثورة الصناعية، كما كانت تعتبر ثورة ضد الأرستقراطية والمعايير الاجتماعية والسياسية في عصر التنوير. وقد تجسدت الثورة بقوة في الفنون البصرية، الموسيقى، والأدب، كما كان لها تأثير بالغ على التأريخ، التعليم، العلوم الطبيعية.

تؤكد الرومانسية بأن قوة المشاعر والعواطف والخيال الجامح هو المصدر الحقيقي والأصيل للتجارب الجمالية، مع التركيز على شتى العواطف الإنسانية مثل الخوف والرعب والهلع والألم، مما أسهمت في رفع شأن الفنون الشعبية والتقليدية إلى درجة أسمى، فماذا يقول المجتمع العماني عن الرومانسية؟

الرجل والمرأة

يقول عبدلله المعمري (موظف): الغريب أن كل إنسان يبحث عن الرومانسية في حياته وقلة من يجدها، لأنها نوع من الأحلام التي قد لا تتحقق، خاصة أننا نعيش حاليا في ظروف صعبة كالغلاء مثلا ومتطلبات الحياة الضرورية، وإن حصلنا على الرومانسية كأننا نسرقها، ثم أن الكثيرين يعتبرون أن الرجل غالبا يكون عقلانيا وبعيدا عن الرومانسية والمرأة هي أكثر رومانسية، وأنا شخصيا لست مع هذا الرأي، فهناك إنسان رومانسي سواء كان رجلا أو امرأة وآخر لا يعرف مكانا للرومانسية مكانا في حياته.

وأضاف ضاحكا: أحد أصدقائي حين قرر الزواج كان يبحث عن امرأة رومانسية كما يقول، وبعد الزواج سألني أين الرومانسية التي كنت أبحث عنها؟ سألته أين رومانسيتك؟ طبعا لم يجب. أنا شخصيا أعتبر الرجل الرومانسي هو الرجل الأكثر عطفا على كل من حوله من أهل وأصدقاء، وبالنسبة للزوجة فهو الحنون الذي يحتويها في كل صورها ويستمع لها ولا يفرض عليها رأيا.

مفهوم خاطئ

سعيدة البلوشي (معلمة) قالت: أعتقد ان غالبية الناس لديهم مفهوم خاطئ عن الرومانسية رسمتها الأفلام القديمة التي كنا نشاهدها ونحن أطفال، فقد رسمت في مخيلتنا الرجل الرومانسي بالرجل الضعيف الذي من الممكن أن يبكي إذا حدثت مشكلة بينه وبين المرأة التي يحب.

شخصيا أرى أن الرجل الرومانسي هو من يقف ويواجه المشكلة ويحمي نفسه وامرأته منها، وهنا في السلطنة أعتقد أن البعض يعتبر الرومانسية عيبا أو ضعفا وهذا ليس صحيحا، فالرومانسية هي رقة التعامل واحترام مشاعر الآخر والاهتمام، وليس فقط صورة نلتقطها قرب الشاطئ أو أمام ورود وفنجان قهوة.

وتحدث سعيد الرحبي (طالب جامعي) قائلا: ذكرني استطلاعك بمقوله قرأتها «أن يتمتع الإنسان بقدر ضئيل من الرومانسية أفضل بكثير من عدم وجودها، لأن ذلك يثبت أن لديه خللا» نعم، أعتقد أن غالبية الناس لديهم رومانسية، قد نجد البعض منهم لا يحسها لكن بالتأكيد هي موجودة، والرومانسية أكيد موجود بحياتنا بكل تعبير جميل وكل نظرة أدب وكل أخلاق حسنة وكل تعامل أخلاقي إنساني جيد بين الشخص ومجتمعه، ولا تقتصر على العلاقة بين الرجل والمرأة هكذا أراها شخصيا.

التوتر والقلق

تحدث لنا الحاج هلال الحجري (موظف متقاعد) قائلا: أكيد الرومانسية موجودة لكن ليست هذه الأيام التي لا نعرف من الأخبار سوى القتل والتدمير والتشريد لبعض إخواننا العرب، كلما أطفأت جهاز التلفاز بعد ان أشاهد الأخبار أشعر بالألم لحالهم، لكني أدعو الله دوما أن تنتهي أزماتهم.

وأضاف: يا ابنتي في شبابنا كنا نسمع عن الرومانسية حين يهدي الرجل وردة أو يجلب هدية لزوجته، لكننا كنا نستشعر الرومانسية في الهدوء المخيم على جبال البلدة وفي النباتات التي تنمو في الوادي وفي بزوغ القمر وطلوع الشمس وفي امتداد البحر وتجمع النوارس والكلمة الطيبة التي يتداولها الناس فيما بينهم، أليست هذه الرومانسية يا عزيزتي؟

هل فقدنا الرومانسية في حياتنا؟

سؤال وجهته لي رحيبة الهنائية بعد التحدث معها عن الرومانسية وهي ربة بيت خريجة جامعة السلطان قابوس، تتابع رحيبة: قد تكون الرومانسية من أجمل وأعذب الأحاسيس التي تعيش في دواخلنا جميعا، إنها الحلم الرائق والعذوبة في المشاعر، هي إحساسنا بالغير وإحساسهم بنا، هي التعامل بالذوق والأخلاق وليست مقتصرة على علاقة الرجل بالمرأة كما تحاول الأفلام تعريفها، إنها علاقة الأم بأطفالها وعلاقة الزوجة بزوجها والفتاة بأهلها، هي إحساس الرقي في كيفية زرع البسمة لمن يحتاجها، إحساسنا بالفقير ومساعدته، وبالمحتاج ودعمه، وتخفيف الألم لمن يشعر به.

ورغم ذلك أتساءل هل فقدنا الرومانسية في حياتنا المعاصرة بسبب كل هذه الأجهزة الإلكترونية التي نستخدمها الهواتف وأجهزة الحاسوب وكل ما هو سريع؟ الرومانسية تحتاج للتمهل والتفكر، وهذه الأشياء بدأنا فعلا نفتقدها للأسف.

كلمة أخيرة

رغم كل شيء نستخلص أن الرومانسية إحساس لا يقتصر على رجل وامرأة، إنها أكبر من ذلك، إنها الحياة وهي بعض مما قاله بعض المشاركين معنا في هذا الاستطلاع.