967159
967159
مرايا

استشارات : الشرط الجزائي والعربون

05 أبريل 2017
05 أبريل 2017

اعداد- رجب السيد قاسم -

محام ومحكم دولي -

[email protected] -

الشرط الاتفاقي «الشرط الجزائي» هو شرط يتفق المتعاقدون بمقتضاه على تقدير مبلغ جزافي نتيجة الضرر يتوجب على المدين في الالتزام إذا لم ينفذ التزامه أو تأخر في تنفيذ هذا الالتزام، أي هو شرط تهديدي ويسمى في فرنسا (عقوبة مشترطة)، ولا يمكن للقاضي من حيث المبدأ أن يزيد فيه أو يخفضه إلا إذا كان مفرطا بشكل ظاهر أو كان زهيدا، إلا أنه إذا كانت مسؤولية عدم إتمام الاتفاق تقع على عاتق طرفيه بالتساوي فلا يبقى لأي منهما أن يطالب الآخر بقيمة التعويض الاتفاقي «الشرط الجزائي».

والشرط الجزائي حسب تعريف محكمة استئناف بيروت هو تعويض متفق عليه مسبقا لحالة عدم لتنفيذ، ولا يحق للمحكمة أن تعدل الشرط الجزائي المتفق عليه إلا في حالة التنفيذ الجزئي، والحالة التي يشترط فيها البند الجزائي كغرامة إكراهية، والتعويض الاتفاقي بمثابة تقدير التعويض مقدما إذا وقع الإخلال.

ويلاحظ أن هذا الاتفاق على التعويض قد يأتي في صلب العقد أو في ورقة مستقلة كاتفاق لاحق على العقد وقبل وقوع الإخلال، لأن الاتفاق اللاحق للإخلال يعد من قبيل الصلح وليس تعويضا اتفاقيا.

شروط استحقاق الدائن للشرط الجزائي:

1) أن يكون التراضي على الشرط الجزائي سليما خاليا من العيوب وأن يستمر الاتفاق عليه في العقد النهائي.

2) أن تتوافر أركان المسؤولية العقدية من الخطأ وضرر وعلاقة سببية.

3) إعذار الدائن للمدين.

سلطة القاضي

أخذا بمبدأ التعويض يكون على قدر الضرر، يحق للقاضي تعديل الشرط الجزائي ليتناسب مع قدر الضرر الواقع، وقد أجاز القانون ذلك رعاية للمدين وحتى لا يحصل الدائن على أكثر من حقه.

وتتعلق سلطة القاضي في تعديل الشرط الجزائي بالنظام العام، فيجوز له التعديل حتى لو اتفق الطرفان على ما يخالف هذا التعديل لأن الاتفاق يعد باطلا.

العربون

العربون هو دفعة مقدمة يقدمها أحد المتعاقدين (المشتري) وقت البيع دلالة على تمام العقد أو ثمنا لخيار العدول، ويكون غرض المتعاقدين من ذلك إما حفظ الحق لكل منهما في العدول عن العقد بأن يدفع من يريد العدول مقدار هذا العربون للطرف الآخر وإما تأكيد العقد، والبت فيه عن طريق البدء في تنفيذه بدفع العربون، ويعتبر كدفعة على حساب الثمن في حالة التنفيذ.

والعربون في اصطلاح الفقهاء: مقدار من المال يدفعه المشتري للبائع وقت البيع إن تم البيع بحسب من الثمن، وإن لم يتم العقد لا يحق له استرداده، ولا يعرف الفقهاء سوى هذا النوع من العربون وإنه باطل في رأي جمهور الفقهاء، وصحيح وجائز في رأي الحنابلة.

ومجمع الفقه الإسلامي قد أجار البيع بالعربون، وذهبت معظم المحاكم إلى أن وجود الشرط الجزائي في عقد البيع الذي يترتب على الطرف الناكل ينفي وجود العربون ويعتبر ما دفعه الشاري سلفة.

ويلتقي الشرط الجزائي بالعربون في أن مصدر كل منهما واحد وهو اتفاق المتعاقدين، كما أن المقصود منهما أيضا واحد وهو ضمان تنفيذ الالتزام وعدم الإخلال به.

الفرق بين الشرط الجزائي والعربون

الشرط الجزائي: هو تعويض اتفاقي عن الضرر الذي يصيب لدائن جراء اخلال المدين بالتزامه.

أما العربون: فهو مقدار من المال يدفعه أحد المتعاقدين للطرف الآخر عند التعاقد وذلك لإعطاء حق العدول لكل منهما، فإذا عدل عن دفعه فقده وإذا دل قبضه رد العربون و رد مثله.

العربون يستحق عند التنفيذ حتى لو لم يترتب عليه أي ضرر أما التعويض المتفق عليه في الشرط الجزائي فإن الدائن لا يستحقه إلا إذا لحق ضرر من جراء عدم التنفيذ أو التأخير فيه حتى لو كان معنويا.

يجوز تخفيض المبلغ المتفق عليه في الشرط الجزائي حتى يتناسب مع الضرر الذي لحق الدائن من جراء إخلال المدني بالتزامه، أما العربون فلا يجوز تخفيضه بل يجب دفعه كاملا حتى لو لم يلحق الطرف الآخر أي ضرر من العدول عن العقد، وبالتالي يعود للمحكمة حق تخفيض الشرط الجزائي، فللقاضي أن يستخلص من نص عقد البيع ومن ظروف الدعوى وأحوالها أن المتعاقدين قصدا أن يكون البيع بيعا تاما منجزا بشرط جزائي، ولم يقصد أن يكون بيعا بعربون أو بيعا معلقا على شرط مفسوخ.

الشرط الجزائي يعتبر تعويضا فتجري عليه أحكام الإعذار قبل الاستحقاق، أما العربون فلا يعتبر كذلك و لاتجري عليه أحكام الإعذار .

وبما أن الشرط الجزائي يعتبر تعويضا، فليس للمدين الخيار بين أن ينفذ التزامه وبين أن يتنصل منه، أما العربون فلكونه يعتبر مقابلا أو ثمنا لحق المتعاقد في العدول عن العقد الذي أبرمه فإنه يمنح المتعاقد الحق في العدول عن العقد وعدم التقيد بالالتزامات التي من شأنه أن يرتبها نظير دفع العربون للطرف الآخر، ولا يمكن المطالبة بقيمة الشرط الجزائي في حالة الإلغاء، لأن الإلغاء يتبع إلغاء الشرط الجزائي الذي هو جزء من العقد.

ويجب التنبه لأمر لابد أنه منشأ للالتباس ومبعث للتأرجح، وهو أن لكلمة العقد مفهومين:

أ‌. هي تعني من جهة الصك المثبت للاتفاق.

ب‌. كما تعني الاتفاق ذاته الذي هو حصيلة التقاء مشيئتي المتعاقدين.

والالتباس يقع عندما يضم الصك الواحد عقدين مختلفين لكل منهما مقوماته ووضعه، وعن حظر الالتباس يتمثل في عدم التمييز بين العقد والصك وبين الاتفاقات المتعددة التي ينطوي عليها هذا الصك، فيأخذ طلب إلغاء العقد كأنه طلب إلغاء كل ما جاء في الصك، حيث إن مثل هذا الالتباس لم يكن ليحصل في مثل هذا العقد بسبب النزاع لو أن البند الجزائي قد ضمه صك مستقل عن صك البيع.

وبذلك يكون عقد البيع المتضمن بندا جزائيا في الواقع عقدين: عقد البيع وعقد البند الجزائي ليس من مقومات عقد البيع وليس من شروطه، فلا يمتد إليه الإلغاء الذي يقع على البيع في أساسه بسبب تخلف المشتري عن تنفيذ التزامه، ولا يرتب بعقد البيع عن تنفيذ التزامه.

ويجب عدم الخلط بين العقد ودليله، فالعقد متى تم باتفاق إرادتين صحيحتين فلا عبرة إذا تم ذلك مشافهة أو كتابة، فقد تكون المكاتبة نوعا من الشكل التي يشترطها القانون ويرتب الإبطال على إغفالها كما في الهبة مثلا.