صحافة

مستقبل جبل طارق على المحك

03 أبريل 2017
03 أبريل 2017

يعيش سكان جبل طارق حالة من عدم اليقين حول مستقبل المنطقة التابعة للتاج البريطاني. فمعظم سكان المنطقة البالغ عددهم 32 ألف نسمة يعملون في المجال التجاري المتبادل بكثافة مع إسبانيا، الأمر الذي يثير تساؤلاتهم حول مستقبلهم عقب خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.

وتاريخياً كانت إسبانيا قد تنازلت عن سيادة جبل طارق لبريطانيا خلال معاهدة عام 1713، لكنها سعت بعد ذلك للعمل على إرجاعها، وهو ما قوبل بالرفض من جانب بريطانيا التي قررت بعدها فتح ميناء جبل طارق أمام السفن الإسبانية لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين.

وخلال استفتاء يونيو الماضي صوت 96% من مواطني جبل طارق لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي، لكن جاء التصويت العام لصالح الخروج من الاتحاد. ومع تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة، المتعلقة بانسحاب البلاد من الاتحاد الأوروبي، يرى رئيس وزراء جبل طارق فابيان بيكاردو، أن المواطنين مجبرون على تقبل الوضع، معبرا عن استيائه بقوله: «هذا أمر محزن، فنحن لا نريد أن ندير ظهرنا لأوروبا. لكن بطاقات الانتخاب هي التي أجبرتنا على ذلك، يجب أن نتعامل مع الأمر على أحسن ما يمكن».

وحذر النواب المحافظون في بريطانيا من أن سيادة أراضي المملكة المتحدة في الخارج غير قابلة للتفاوض. كما تحدث وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون مع رئيس وزراء جبل طارق فابيان بيكاردو لطمأنته بان الحكومة البريطانية لن تتخلى عنه، حيث قال له: «كما كانت في أي وقت مضى، لا تزال المملكة المتحدة صلبة وصخرية في دعمها لجبل طارق». وفي هذا السياق نشرت صحيفة «الجارديان» تقريرا كتبه دانيال بوفي من بروكسل، وسام جونز من مدريد، وروينا ماسون وجون هينلي من لندن بعنوان «مستقبل جبل طارق على المحك في مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي»، جاء فيه أن الاتحاد الأوروبي وضع مستقبل جبل طارق على المحك في مفاوضات خروج بريطانيا القادمة، مما يدعم إسبانيا في نزاعها المستمر منذ قرون مع المملكة المتحدة على الأراضي البريطانية في الخارج.

وقالت الصحيفة انه بعد الضغط من الدبلوماسيين الإسبان، فإن موقف الاتحاد الأوروبي التفاوضي المفتوح لمحادثات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يقدم للحكومة البريطانية خيار التوصل إلى اتفاق مع الإسبان حول مستقبل جبل طارق أو تعريض مواطنيها لمخاطر اقتصادية من خلال دفع جبل طارق خارج أي صفقة تجارية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.

وأشارت الصحيفة إلى أن جبل طارق لا يزال مصدرا رئيسيا للتوترات الدبلوماسية. وقد حذر رئيس وزراء جبل طارق من ان إسبانيا لا يجب ان تستخدمها كجزيرة مساومة لمفاوضات بريطانيا بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وفي تقرير كتبه ستيفن سوينفورد، نائب المحرر السياسي ولورا هيوز، المراسلة السياسية لصحيفة «ديلي تلجراف» بعنوان «غضب بسبب اتهام إسبانيا والاتحاد الأوروبي باستخدام البريكست لاستعادة جبل طارق، يقول نواب البرلمان إن بريطانيا لن تتعرض للتخويف»، قالت الصحيفة إن إسبانيا متهمة باستخدام بريكسيت لإجراء الاستيلاء على أراضي جبل طارق في إطار توجيهات رسمية للمفاوضات التي وضعها الاتحاد الأوروبي.

وقالت الصحيفة إن وثيقة اصدرها المجلس الأوروبي اقترحت منح إسبانيا حق الفيتو الفعال بشأن ما إذا كانت اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تنطبق على جبل طارق.

وفي مشروع المبادئ التوجيهية للتفاوض التي وضعها قادة الاتحاد الأوروبي بشأن محادثات الانسحاب بموجب المادة 50، تنص على أنه «بعد مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد، لا يجوز لأي اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا أن يطبق على أراضي جبل طارق دون الاتفاق بين مملكة إسبانيا والمملكة المتحدة».

وقد فاجأ هذا البند في الوثيقة المسؤولين البريطانيين، وقال احدهم للصحيفة إن هذا «غير مقبول على الإطلاق»، فهو يعطي إسبانيا قوة كبيرة على مستقبل جبل طارق، وأضاف «إن المرء يتساءل حقا لماذا اعتقد الاتحاد انه من المعقول وضع قضية ثنائية بين إسبانيا والمملكة المتحدة».

ويتناقض هذا الموقف تماما مع موقف رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي قالت إن بريطانيا لن تضع أبدا شعب جبل طارق تحت سيادة دولة أخرى «ضد رغباتهم».

وحسب تقرير الصحيفة، أشارت إسبانيا إلى أنها ستعرقل أي اتفاق حول حقوق هبوط شركات الطيران بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما قال احد الديبلوماسيين لصحيفة «فايننشال تايمز» إن اتفاقا «لا يمكن أن ينطبق على مطار جبل طارق». ونقلت الصحيفة عن اندرو روسينديل نائب رئيس المجموعة البرلمانية لجبل طارق إن «اتفاقا لا يتضمن جبل طارق يعني عدم التوصل إلى اتفاق»، وأضاف «إن الشعب البريطاني يجب أن يقف معنا ولن نتعرض للتخويف من جانب إسبانيا، وان أي اتفاق يجب أن ينطبق على بريطانيا كلها، بما في ذلك جبل طارق، ولا يمكن التوصل إلى حل وسط بشأن هذا الأمر».