أفكار وآراء

ربط دول الخليج بسكة حديد .. مشروع استراتيجي يعزز التكامل الاقتصادي

01 أبريل 2017
01 أبريل 2017

د. محمد رياض حمزة -

تناقلت وسائل الإعلام الخليجية في 27/‏3/‏2017 تصريحا لأمين عام اتحاد غرف دول الخليج (عبد الرحيم نقي) قوله ان مشروع الربط الحديدي بين دول الخليج قد يتأخر بسبب البنية التحتية. فضلا عن أسباب فنية وليست مالية أو سياسية. متوقعا أن يبدأ العمل الفعلي للمشروع في عام 2020، بدلا من 2018. وأضاف «نقي» إن مشروع الربط الحديدي بين دول الخليج، يعد مشروعا حيويا واقتصاديا، وسيخدم جميع الدول دون استثناء، مشيرا إلى أن السعودية والبحرين والإمارات وسلطنة عُمان قطعت شوطا كبيرا في تنفيذ المشروع داخليا وربط بعض المدن ببعض، وفقا لصحيفة «الاقتصادية». غير ان الواقع يؤكد تناقص الموارد المالية لدول الخليج الست التي سببها انهيار أسعار النفط منذ منتصف عام 2014 وتواصلت خسائرها إلى 2017، وقد تمتد إلى سنوات مقبلة، يمكن اعتباره السبب الأهم في تأجيل عدد من المشاريع في دول الخليج. ولأن مشروع ربط دول مجلس التعاون بسكة حديد مشروع استراتيجي وقد يتكلف أموالا لم يعد توفيرها يسيرا في ضوء أزمة أسعار النفط المتواصلة. وإن تأجيل بدء العمل في تنفيذ المشروع إلى عام 2020 يوحي بالأمل في عودة أسعار النفط إلى المستويات التي توفر الموارد المالية الكافية للإنفاق على المشاريع الاستراتيجية، ومنها مشروع الربط بالسكة الحديد بين دول المجلس. وتجدر الإشارة إلى أن تأجيل المشروع يمكن أن يضاعف التكاليف المالية لتنفيذه.

وكان المجلس الأعلى لدول الخليج العربي قد أوصى بسرعة استكمال المشروع وجّه في دورته 30 في عام 2011 باعتماد قرار مشروع الربط بالسكك الحديدية بين دول مجلس التعاون الذي يتلخص بالانتقال بمشروع سكة حديد دول مجلس التعاون إلى مرحلة إعداد التصاميم الهندسية التفصيلية للمشروع للاستخدام المزدوج للركاب والبضائع، وإعداد دراسة تفصيلية لتحديد تكلفة استخدام قطارات لنقل الركاب بسرعة 350 كم/‏الساعة باستخدام الكهرباء. إضافة إلى إعداد دراسة إنشاء هيئة خليجية لسكة حديد دول مجلس التعاون. وقد تم بالفعل العمل في استكمال التصاميم الهندسية التفصيلية للمشروع في دول المجلس ومن المتوقع أن تنتهي في عام 2012، كما تم وضع خطة عمل وبرنامج زمني لمرحلة الإعداد للمشروع تنتهي في عام 2012 بينما من المتوقع ان تستكمل مراحل تنفيذ المشروع عام 2017م، حيث تعمل الجهات المختصة في الدول الأعضاء على تحديث التصاميم الهندسية باستمرار لمتابعة سير العمل والتنسيق فيما بينها لتنفيذ المشروع بشكل متكامل خلال عام 2017م.

قطار الخليج سيبدأ شمالا من دولة الكويت وفيها يقطع مسافة 145 كيلومترا (كم). ثم المملكة العربية السعودية 663كم. ثم مملكة البحرين 36 كم. دولة قطر 283كم. دولة الإمارات العربية المتحدة 684 كم. وانتهاء بسلطنة عمان وفيها يقطع مسافة 306 كم. وبذلك يكون الطول الكلي لخط سكة الحديد الخليجية 2117 كيلومترا.

تبرز أهمية النقل بالسكك الحديد من خلال قدرتها الكبيرة على نقل الحمولات الثقيلة ولمسافات بعيدة وبسرعة تفوق الكثير من الوسائل الأخرى حيث بلغت سرعة بعض القطارات 210كم/‏ساعة.

وكجزء من اهتمام دول مجلس التعاون بهذا المشروع فقد كلفت شركات وبيوت خبرة عالمية متخصصة بإجراء العديد من الدراسات، وبدأت الفكرة تتفاعل على أعلى المستويات وتم تشكيل لجنة مالية وفنية لتقوم بإعداد الدراسات التفصيلية التي تفضي إلى بلورة الفكرة بشكل عملي وطرحها للتنفيذ من قبل دول المجلس، وبدأت الدراسات برسم خارطة طريق للمشروع حددت خطوات العمل والجدول الزمني المقترح لكل مرحلة على النحو الآتي: إعداد دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع: إعداد التصاميم الهندسية التفصيلية للمشروع المسار المقترح للمشروع، كما تبرز أهمية السكك من خلال تأثيرها المباشر في توزيع السكان وإيجاد التجمعات الحضرية الكبيرة جراء مرور شبكات السكك فيها وكما نلاحظ ذلك في العديد من المدن الأوروبية الصناعية التي نمت وازدهرت جراء وجود السكك الحديد فيها. وتعتبر السكك الحديد في مقدمة وسائل النقل التي تعتمد عليها الدول اعتماداً كبيراً في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية، وعلى ذلك تقوم العديد من الدول بإنشاء السكك الحديد وتحديثها بالوحدات المتحركة الحديثة. والمنشآت الثابتة من الخطوط الحديدية على أساس مراعاة خصائص الاستثمار في قطاع سكك الحديد التي يتمثل أهمها في ضخامة الاستثمارات المطلوبة، ولأن سكك الحديد صناعة كثيفة بحاجة إلى رأس المال وتكامل الاستثمارات بمعنى أنه في حالة شراء قاطرات ذات سرع عالية فلا بد من تجديد الخطوط الحديدية لتتحمل هذه السرع العالية. وكذلك تعتبر السكك عاملاً من عوامل التوطن الصناعي حيث تبرز أهميته في مرحلتي الإنتاج والتوزيع حيث تتوفر فرص نقل للمواد الأولية وعنصر العمل والسلع الوسيطة وكذلك نقل الإنتاج إلى مناطق التخزين والاستهلاك.

وفي 11/‏1/‏2015 عقد في مسقط مؤتمر «توطين صناعات السكك الحديدية والمترو في دولة مجلس التعاون الخليجي»، وقال معالي الدكتور أحمد بن محمد بن سالم الفطيسي: «سيتم استثمار أكثر من 200 مليار دولار أمريكي لبناء سكك حديدية في أرجاء منطقة الخليج. ومن شأن هذه الاستثمارات الضخمة أن توفر منصة جاذبة للشركات والمصنعين والموارد ورؤوس الأموال البشرية، تجاه المنطقة». وأضاف: «إن التحدي الذي نواجهه لا يكمن في كيفية ضمان نجاح تنفيذ هذه المشاريع من المنظور التقني والتنفيذي فحسب، وإنما يكمن أيضاً في كيفية استغلال الفرص الاجتماعية - الاقتصادية لهذه الاستثمارات الضخمة بشكل يضمن أثراً مضاعفاً ينعكس على الاقتصاد في المنطقة».

وصدرت موافقة المقام السامي على تكليف وزارة النقل بإعداد الدراسات التفصيلية للمشروع، وتم تشكيل فريق عمل فني في وزارة النقل لوضع الدراسات التفصيلية وإعداد التصاميم الهندسية للجزء الواقع من هذا المشروع داخل أراضي المملكة العربية السعودية، وبدء الفريق مشاوراته لوضع الأسس الأولية لمنهجية العمل والخطوات المطلوب إنجازها في هذا المجال وفق جدول زمني محدد.

وأكدت الشركة العمانية للقطارات «قطارات عمان»، أن مشروع السكك الحديدية لن يتوقف، بل سيتحوّل إلى مشروع داخلي يربط المناطق الداخلية بالموانئ التجارية في السلطنة، وأن قرار استكمال المشروع جاء من أجل المساهمة في تنويع الاقتصاد العماني من خلال توفير خطوط السكك الحديدية المخصصة لنقل الأوزان الثقيلة لمصانع التعدين بحيث تتمكن من نقل إنتاجها إلى الموانئ البحرية تمهيدًا لتصديرها، وكذلك ستمر خطوط سكك قول النفط والغاز في وسط البلاد مما يساهم في زيادة فاعلية نقل المنتجات النفطية وتخفيض أكلافها. وأن السلطنة تحتاج إلى نقل ما يزيد عن 100 مليون طن من البضائع»، الأمر الذي يجعل استكمال مشروع السكك الحديدية أمراً في غاية الاهمية. وبذلك سيساهم المشروع في نقل أطنان من المواد والمعادن كالدولوميت والجفصين والرخام من أماكن انتاجها إلى موانئ صحار والدقم وصلالة، مما يخفف اكلافها ويدعم قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية، مما يتكامل مع الخطة الخمسية التاسعة الهادفة إلى تنويع الاقتصاد ودعم قطاع التعدين والقطاع اللوجستي داخل السلطنة.

وسيساهم في تحقيق تنمية اقتصادية في المناطق التي ستتواجد فيها محطات القطارات،«فمن المعروف أن تلك المحطات تؤدي إلى قيام نشاطات اقتصادية مختلفة تساعد على إنعاش التنمية المحلية في تلك المناطق». وبينت الصحيفة أنه غالباً ما يؤدي إنشاء محطات سكك حديد إلى بناء اقتصادات محلية صغيرة وبروز الشركات الصغيرة والمتوسطة وتأمين عدد كبير من الوظائف، ويؤدي إلى نشوء ما يعرف بالقرى الاقتصادية التي تساهم في تنشيط الدورة الاقتصادية الكاملة للبلاد، وتحقيق التنمية المتوازنة.

وعن تفاصيل الشبكة داخل السلطنة فان الخطوط ستكون بطول « 2135 كم»..

وقد أبدت دول مجلس التعاون دعمها للمشروع العماني على اعتبار أن تطوير السكك الحديدية في السلطنة مهم للغاية لأنه سيصبح جزءًا من المشروع الأكبر وسيساهم في تنمية اقتصاد المنطقة، وأن القطار يعتبر مشروعاً ذا أهمية اقتصادية كبيرة لاسيما أن موقع «قطارات عمان» يشير إلى أن قطار شحن واحد يمكنه، في المتوسط، حمل 1000 طن من البضائع بدًلا من 50 شاحنة، فضًلا عن أن تكلفة نقل البضائع بالسكك الحديدية هو أوفر بنحو 30% من النقل البري، فضًلا عن كونها وسيلة نقل أكثر أمانا بما يعادل 9 أضعاف الطرق البرية. إلى ذلك يستهلك النقل بالسكك الحديدية طاقة أقل بنسبة تراوح بين 60 و80% للكيلومتر من النقل البري، كما يؤدي إلى انخفاض انبعاث ثاني أكسيد الكربون بنسبة 80%، هذا بالإضافة إلى التوفير الكبير في الوقت والضوضاء.

[email protected]