صحافة

الرسالة: يوم الأرض ونموذج مازن «فقها»

31 مارس 2017
31 مارس 2017

في زاوية أقلام وآراء كتب إبراهيم المدهون مقالا بعنوان: يوم الأرض ونموذج مازن فقها،جاء فيه:

من أوائل الذكريات والأحداث التي تفتق عليها الوعي الوطني والوجداني هو يوم الأرض، وكنت أسأل بعقل طفل صغير يسمع المصطلح دون إدراك مضمونه، ماذا يعني يوم الأرض؟ ولماذا نحتفل ونخرج بمسيرات ويضج المخيم ويشتعل الكوشوك وتوضع المتاريس وتنتشر الأعلام بهذا اليوم؟، فتأتي الإجابات عامة حماسية مندفعة مترامية تتلملم مع الهتافات المشحونة، وأصبحت بعد ذلك انتظره من العام للعام، حتى جاءت انتفاضة الحجارة عام 87 فأضحى لدينا عشرات الأيام التي نحتفي بها وطنيا وثوريا، ومع هذا بقي يوم الأرض له مكانة خاصة في وجداننا الجمعي ودلالة لها ما بعدها.

وتعود قصة هذا اليوم لعام 1976، بعد أن اعتدى الاحتلال الإسرائيلي بمصادرة آلاف الدّونمات من الأراضي ذات الملكيّة الخاصّة أو المشاع في نطاق حدود مناطق ذات أغلبيّة سكانيّة فلسطينيّة، وجراء ذلك العدوان عم إضراب عام ومسيرات من الجليل إلى النقب، واندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال أسفرت عن ارتقاء ستة شهداء فلسطينيين وأُصيب واعتقل المئات. وما ميز يوم الأرض وجعله محوريا أنه خرج من الأراضي المحتلة عام 48، بعد أن ظن الاحتلال أنه اطمأن ويفعل ما يشاء فيها، حيث أن هذه هي المرة الأولى التي يُنظم فلسطينيو 48 منذ عام 1948 احتجاجات رداً على السياسات الإسرائيلية بصفة جماعية وطنية فلسطينية. انتفاضة القدس اليوم هي امتداد حقيقي ليوم الأرض، فما انتفض الشباب وانطلقوا باندفاعة تشبه ماحدث في مارس 76 الا بعد الاعتداء المتواصل على ارض الضفة والقدس، وطالما استمر ابتلاع الأراضي وبناء المستوطنات ومصادرة الدونمات واقتلاع الأشجار فان فالانتفاضة مستمرة، فهذه الأرض لا تقبل القسمة على اثنين. في يوم الأرض، هناك جيل فلسطيني فريد يفكر جديا بالتواجد والتمركز في الأرض التي احتلت عام 1948، ورغم حصار غزة والتضييق عليها، إلا أنه يعد العدة ويستعد ليلا ونهارا حتى يحقق هذا الحلم خلال أي مواجهة عسكرية قادمة، فهناك من يقضون يومهم وليلتهم في باطن الأرض يعدون العدة ويحفرون بالصخر ويجهزون لمعركة التحرير.

ما ميز يوم الأرض في هذا العام 2017، هو أننا نعيش حدثا أليما لنموذج فارس تمسك بأرضه وتشبث بحبه لها وبقي متواصلا معها رغم السجن والإبعاد، واستشهد لأنه لم يقبل ان يعيش بعيدا عنها من غير اتصال وتواصل، فالشهيد مازن فقها أكثر ما لفت انتباهي له حبه لطوباس وأراضيها وجبالها، فكان يغيظه رؤية مستوطن فيها وهو محروم منها، مازن وإخوانه هم ملح هذه الأرض وأبنائها الطيبين ودماؤهم ستنبت أشتالا و أشجارا ونصرا وحرية.