960350
960350
مرايا

بمساحة تبلغ 1000 متر مربع - أطفال فلسطين يستمتعون بمدينة الديناصورات والحشرات العملاقة

29 مارس 2017
29 مارس 2017

بين سفوح الجبال وأشجار السرو والصنوبر أنشأ الرومان قبل آلاف السنين ثلاث برك مستطيلة الشكل، أو محفورة في الصخر بواسطة حجارة ضخمة، وذلك في وادي أرطاس جنوبي مدينة بيت لحم الفلسطينية، وعلى هذه الأرض وجدت الديناصورات والحشرات العملاقة على مدار ملايين السنين.

كما عاشت هذه الحيوانات في مسار التراث الطبيعي والتاريخي الذي يمتد من مغارات خالد في بيت لحم ووادي أرطاس وبرك سليمان، مرورا بمغارات خريطون ومنطقة جبل الفرديس، وصولا إلى البحر الميت في أريحا.

اليوم وبعد مضي ألفي عام عادت الديناصورات والحشرات المنقرضة إلى برك سليمان، وبات بإمكان الفلسطينيين في الضفة الغربية مشاهدة الديناصورات المفترسة، والحشرات والزواحف العملاقة مثل العقرب وفرس الخضر والخنفساء التي عاشت في فلسطين وفقا لرأى بعض العلماء، وقد عادت إلى منطقة البرك السليمانية في مقاربة بين الخيال الافتراضي وواقع التاريخ الطبيعي.

وقد أتيحت فرصة التعرف على الحيوانات المنقرضة وحقبها التاريخية للفلسطينيين من خلال معرض ومدينة دائمة للديناصورات والحشرات العملاقة الذي نظمته شركة برك سليمان وقصر المؤتمرات في بيت لحم، بالتعاون مع بلدية باث البريطانية مؤخرا.

ويعد مصمم المعارض هنري لوي -البالغ من العمر 65 عاما- وهو من مقاطعة باث في إنجلترا- صاحب الفضل في تنظيم هذا المعرض، فبعد وصوله إلى سن التقاعد فضل التبرع لأطفال فلسطين بمعرضه الخاص بالديناصورات والحشرات العملاقة الذي جال خلال 20 عاما العديد من دول العالم، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وبريطانيا والبرتغال ودبي وتونس وغيرها، وحظي بشعبية واسعة في كل مكان نزل فيه، وشكل عامل جذب ترفيهيا متميزا للأطفال فيها.

يقول لوي خلال افتتاح المعرض: «جئت بهذا المعرض لأطفال فلسطين لتعليمهم وترفيههم، وخلق أجواء الفرح بينهم بعد أن أخبرني بيتر داوني رئيس مجلس مؤسسة باث لينك بوجود مؤسسات في بيت لحم تهتم بالتاريخ الطبيعي، فيما اقترح نائب الرئيس الأعلى لجامعة بيت لحم ميشيل صنصور شركة برك سليمان السياحية المهتمة بالبيئة والتراث الثقافي، للحصول على المقتنيات، وتنظيم المعرض».

إحياء الحضارات

وبحسب ما جاء في «هافينغتون بوست عربي» فإنه يبدو لمن يتجول بالمعرض ويشاهد الديناصورات والحشرات الضخمة داخله أنها موجودة بالفعل داخل غابة واسعة، في أحجام ومشاهد الديناصورات، تجسد واقعها الافتراضي، بالإضافة إلى الألوان، والأصوات، والحركات المرافقة للمجسمات المعروضة.

ويقول مدير قصر المؤتمرات وشركة برك سليمان المشرفة على المعرض جورج باسوس: «إن برك سليمان تعبر عن تاريخ ما قبل الميلاد في منطقة فلسطين، وتعد من المدن الثقافية التاريخية التي احتضنت الحضارات المتعددة، فتولدت لدينا الفكرة أن نعيد إلى هذا المكان الديناصورات التي تعبر مباشرة عن القدم».

ويضيف: «تحققت فكرة المعرض من خلال التعاون المشترك مع بلدية باث، ومؤسسة باث لينك، حيث أقمنا جسور التواصل، وتعاونا على إحياء الحضارات بين فلسطين ومقاطعة باث، وتبرعوا لنا بمحتويات المعرض، وبدورنا أشرفنا على تنظيم وتصميم المدينة الدائمة على مساحة تبلغ 1000 متر مربع في قاعة المؤتمرات على أراضي برك سليمان».

ويلفت باسوس إلى أن مدينة باث غربي إنجلترا تتميز بوجود حمامات رومانية تاريخية فيها، وتتقاطع معها بهذه الخاصية منطقة البرك السليمانية الموجودة في بيت لحم، الأمر الذي شكل حافزا آخر لتقديم هذا المعرض لأطفال فلسطين.

ويهدف المعرض بحسب باسوس إلى جلب السياحة العالمية إلى بيت لحم لزيارة فلسطين وتاريخها إلى جانب الزيارة الدينية والحجيج إلى كنيسة بيت لحم، والأماكن التاريخية الأخرى في بيت لحم وفلسطين.

ويسعى القائمون على مدينة الديناصورات الدائمة إلى توثيق ونشر تاريخ برك سليمان وبيت لحم إلى أبعد ما هو محلي، ليصل إلى أوروبا والعالم، وذلك للتعرف على تاريخ بيت لحم الحقيقي، مما يجسد رؤية متكاملة عن المدينة التي ستكون عاصمة الثقافة العربية في العام 2020.

أهداف تعليمية

ويحمل المعرض رسائل تعليمية وتربوية وترفيهية إلى أطفال فلسطين خاصة طلبة المدارس، حيث يحول برك سليمان إلى منطقة نموذجية تجذب الطلبة، وتطور من قدراتهم على التعلم والتخيل وتنمي مداركهم.

ويشير مدير شركة برك سليمان إلى أن معرض الديناصورات له بعد تعليمي، فوجود مجسمات الديناصورات وما يرافقها من معلومات مترجمة إلى العربية يعزز قدرات الطفل على الخيال، وأما الحشرات العملاقة فتعزز قدراته على التركيز، بالإضافة إلى التعليم غير المنهجي من خلال الأبحاث التجريبية التي يجريها الأطفال من مختلف الفئات العمرية، حتى ينشط حواسه الخمس.

ويضيف: إن «تأثير الانطباعات على حواس الطلبة يعد أهم نتائج المعرض، فهم يشاهدون ويلمسون الحيوانات، بالإضافة إلى سماع الأصوات، وصولا إلى مرحلة الكتابة، فكل طالب يكتب تقريرا معرفيا عن المعرض».

ويشارك في المؤتمر أكثر من 200 مدير مدرسة في الضفة الغربية، بالإضافة إلى الطلبة وعائلاتهم.

تعزيز قدرات الطلبة

أمام كل مجسم من مجسمات المعرض المكبرة تجمع المئات من الطلبة وعائلاتهم، وبدت عليهم الفرحة لمساهمة المعرض في إيجاد فسحة أمل لديهم، ومساعدتهم في التعلم وتعزيز ثقافة التاريخ الطبيعي لفلسطين.

وتقول الطالبة إنجي البندك التي حضرت المعرض برفقة زميلاتها في مدرسة بنات بيت جالا الإعدادية: «إن المعرض جميل جدا، وقد شاهدت فيه مناظر متعددة، وتعرفت على أنواع الديناصورات وأعضائها».

وتضيف: «اقتربت من ديناصور لونه أخضر، وعندما لمسته تفاجأت بأنه يتحرك ويصدر صوتا عاليا كأنه حقيقي، فما كنت أتخيله من خلال الفيديوهات والرسومات اليوم أشاهده وألمسه مباشرة».

أما الطالبة سيدين سياج من بيت لحم فكانت تلتقط عبر هاتفها المحمول صورا للديناصورات، وتسجل عبر دفتر صغير تحمله المعلومات المكتوبة عبر اللوحات المرافقة لكل ديناصور وحيوان، لإعداد تقرير تقدمه لمدرستها ضمن مسابقة أعدتها وزارة التربية والتعليم عن هذا المعرض وحجم الفائدة منه.

وتقول: «شاهدت داخل المعرض مجسمات ضخمة تجسد الحقيقة، وقرأت معلومات مفيدة كانت مكتوبة بطرق ووسائل تعليمية مميزة تعمل على ترسيخ المعلومة في العقل».

وتضيف: إن «طريقة عرض الحشرات والديناصورات منظمة بطريقة مميزة، فكل ديناصور وُضع بجانبه معلومات خاصة عنه، بالإضافة إلى سماع صوته الحقيقي، ومشاهدة حركته على أرض الواقع».

وتقول نادين عيسى معلمة تاريخ: «إن المعرض مفيد جدا للطلبة، فقد جسد لهم واقعا كان خياليا بالنسبة لهم، كما يتيح لهم فرصة جيدة للتعلم العميق القائم على محاكاة التاريخ، بالإضافة إلى التعليم الحسي بجانب الحصص الدراسية والتعلم من الكتب داخل الفصول».