964599
964599
العرب والعالم

الاتحاد الأوروبي يجدد التأكيد على الوحدة بعد 60 عاما لتأسيسه

25 مارس 2017
25 مارس 2017

الآلاف يتظاهرون في لندن احتجاجا على انسحاب بلادهم  -

روما - لندن - (وكالات): جدد قادة دول الاتحاد الأوروبي أمس خلال قمة خاصة في روما التأكيد على الوحدة في الذكرى السنوية الستين لتأسيس التكتل عام1957رغم انفصال بريطانيا الوشيك.

يذكر أن غالبية البريطانيين صوتوا في استفتاء الصيف الماضي للخروج من الاتحاد الأوروبي.

وتعهد زعماء دول الاتحاد الأوروبي بجعل التكتل «أكثر قوة وأكثر مرونة» من خلال مزيد من الوحدة والتضامن» بين الدول الأعضاء. وقال الزعماء في الإعلان الصادر عن قمتهم «بشكل فردي، كان من الممكن أن نهمش سبب الحراك العالمي. الوقوف معا هو أفضل فرصة للتأثير علي هذا الحراك والدفاع عن مصالحنا وقيمنا المشتركة».

وعن البيان قالت ميركل: «توقيع بيان روما أمام هذه الكواليس التاريخية أمر مؤثر للغاية...إننا نربط ذلك بما بدأه أسلافنا هنا عام 1957».

ولكن الغائب الأكبر وهي رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي التي قررت إطلاق عملية انفصال بلادها عن الكتلة الأوروبية الأربعاء المقبل.

وقبل 60 عاما، تعهدت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا ودول بنلوكس (بلجيكا وهولندا ولوكسمبورج) «إقامة أسس اتحاد يسعى دائما إلى تقارب اكبر بين الشعوب الأوروبية».

وأكد المشاركون في القمة على أن «الاتحاد واحد ولا ينفصم» في رد واضح على بريكست، بحسب مسودة البيان الختامي التي اطلعت عليها وكالة فرانس برس، وعلى أن «أوروبا هي مستقبلنا المشترك».

الا أن الاتحاد الذي إحتفل أمس بالذكرى الستين لتأسيسه يمر الآن بأسوأ أزمة في تاريخه وتتنازعه الخلافات والشكوك والمعارضة الشعبية.

وحذّر البابا فرنسيس عند استقباله القادة الأوروبيين في الفاتيكان مساء الجمعة من أن الاتحاد «مهدد بالموت» إذا لم يعد إلى مبادئ الآباء المؤسسين «كالتضامن».

وتابع البابا «أوروبا يعود إليها الأمل عبر التضامن الذي يشكل أقوى ترياق ضد الشعبويات المعاصرة»، وذلك في معرض حديثه عن المهاجرين والشباب.

حتى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تعتبر أنموذجا للشعبوية وتؤيد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «هنأت» التكتل على الذكرى الستين لتأسيسه، وأشادت بالالتزام المشترك من اجل تعزيز «الحرية والديمقراطية ودولة القانون».

يواجه الاتحاد الذي ابتدأ مشواره بست دول فقط، أسوأ أزمة في تاريخه اليوم فهو أمام تحديات بريكست وأيضا موجات الهجرة والتباطؤ الاقتصادي والتهديدات الجهادية وغيرها.

وصرح رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر «يجب أن تطلق قمة روما بداية فصل جديد من اجل أوروبا موحدة من 27 دولة».

«وتائر مختلفة»

لكن حتى «بيان روما» لم ينج فعليا من الانقسامات بين الأوروبيين.

فقد مارست اليونان التي لديها اعتراضات على الفصل الاجتماعي وبولندا التي ترفض فكرة أوروبا بـ«سرعات متفاوتة» التي تؤيدها برلين وفرنسا ضغوطا من اجل تعديل البيان الختامي بشكل يناسبهما.

فقد طلبت اليونان التي لا تزال تعاني أزمة اقتصادية وخلافا مع ألمانيا من شركائها في الاتحاد والجهات الدائنة حماية افضل لحقوق العمال اليونانيين الذين أنهكتهم سنوات الإصلاحات والتقشف الصارم.

وعليه فإن التكتل سيتعهد لليونان العمل من اجل اتحاد «يعزز التقدم الاقتصادي والاجتماعي...ويأخذ في الاعتبار تنوع الأنظمة الاجتماعية والدور الأساسي للشركاء الاجتماعيين».

وأما في ما يتعلق بموضوع أوروبا بـ«سرعات متفاوتة» الأكثر إثارة للجدل والذي يدعو إلى مراعاة التباينات الاقتصادية والاجتماعية بين دول الاتحاد، فقد تم استخدام صيغة «أوروبا بوتائر مختلفة» في البيان الختامي.

وسيلتزم الاتحاد «العمل معا وإذا اقتضى الأمر بوتائر مختلفة وبزخم مختلف مع التقدم في الاتجاه نفسه كما فعلنا في الماضي عملا بالمعاهدات ومع ترك الباب مفتوحا أمام الذين يريدون الانضمام إلينا لاحقا».

وتم إعداد هذه الفقرة بعناية لتهدئة مخاوف بولندا ودول مترددة أخرى تخشى أن يتم استبعادها بسبب معارضتها المتكررة لمشاريع بروكسل في ما يتعلق خصوصا بسياسات الهجرة.

رغم كل شيء لا يزال هناك أمل حقيقي بالنجاح رغم بطء عملية الاندماج التي انطلقت من مشروع طموح جدا.وتقول بريجيد لافان مدير مركز روبرت شومان للدراسات المتقدمة في المعهد الأوروبي في فلورنسا بإيطاليا لفرانس برس «لا أرى تغيرا جذريا في أوروبا لأن الأمور لا تتم بهذا الشكل».

وتضيف لافان «لكنني اعتقد انه وبعد إجراء كل الانتخابات (الفرنسية الألمانية) في 2017 وتغير المشهد السياسي في أوروبا، فإننا سنشهد ما اسميه انطلاقة إصلاحية».

في السياق دافعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن تصورها لأوروبا ذات سرعات متفاوتة.

وقالت ميركل أمس عقب قمة الاتحاد الأوروبي: «أوروبا ذات سرعات متفاوتة لا تعني على الإطلاق عدم وجود أوروبا مشتركة...إننا نقول هنا بوضوح تام: نريد أن نكون في اتجاه مشترك، وهناك أشياء غير قابلة للمساومة»، ممثلة على ذلك بالسوق الداخلية المشتركة والحريات الأساسية والقيم الرئيسية مثل حرية الرأي والصحافة والعقيدة، وأضافت: هذا يجعلنا أقوياء بصورة مشتركة.

وفي الوقت نفسه، أكدت ميركل ضرورة أن يكون النظر موجها للمستقبل، موضحة أن من القضايا المحورية التي تمثل تحديا للاتحاد الأوروبي توفير حماية أفضل للحدود الخارجية للاتحاد والرقمنة وتعزيز التكافل في أوروبا عبر توفير المزيد من فرص العمل للشباب على وجه الخصوص، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في سياسة الدفاع، وقالت: «ألزمنا أنفسنا بتحقيق ذلك على نحو مشترك، وربما أحيانا بسرعات متفاوتة، لكن دائما في اتجاه مشترك». ولا تنازلات في ذلك».

الجدير بالذكر أن «أوروبا ذات سرعات متفاوتة» هو مصطلح يعرض فكرة أن يكون هناك اندماج متدرج المستويات للدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، بحيث يمكن أن تسعى مجموعة من الدول الأعضاء بالاتحاد إلى تحقيق أهداف مشتركة، وليس جميع الدول الأعضاء.

من جهته أعرب رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر عن قناعته باستمرار كيان الاتحاد الأوروبي.

وقال يونكر، في تصريحات، لموقع «هويته دوت دي إيه» الإخباري الألماني: «سيكون هناك عيد ميلاد رقم مائة للاتحاد الأوروبي».

وذكر يونكر أن الدول الأعضاء في الاتحاد سوف تحافظ في المستقبل أيضا على خصوصياتها القومية، وقال: «لن نعاصر مطلقا الاتحاد الأوروبي كدولة واحدة...نحن لسنا على طريق التأميم وفقا لنموذج الولايات المتحدة الأوروبية.

أنا سعيد لكوني من لوكسمبورج وسعيد لكوني أوروبيا، وهناك آخرون سعداء لكونهم من ولاية تيرول النمساوية أو ولاية النمسا السفلى أو لكونهم نمساويين أو بافاريين أو بريطانيين».

ميدانيا نظم آلاف الأشخاص مسيرة عبر شوارع العاصمة البريطانية لندن أمس للاحتجاج على انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قبل أربعة أيام فقط من تفعيل رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي للعملية الرسمية للانسحاب من التكتل الذي انضمت إليه بلادها قبل 44 عاما.

ومن المقرر أن تصب المسيرة التي تحمل اسم (اتحدوا من أجل أوروبا) في ميدان البرلمان الذي شهد هجوما الأسبوع الماضي نفذه خالد مسعود البريطاني المولد الذي اعتنق الإسلام وقتل فيه أربعة أشخاص.

ووقف المشاركون في المسيرة دقيقة حدادا على الضحايا في بداية المظاهرة.

ولوح متظاهرون بأعلام الاتحاد الأوروبي وحملوا لافتات تحمل شعارات من بينها «حسنا..ما هي الخطة» و «أوقفوا خروج بريطانيا من الاتحاد» فيما شقوا طريقهم نحو مقر البرلمان.

وقالت لافتة أخرى ببساطة «عيد ميلاد سعيد للاتحاد الأوروبي» في إشارة لإحياء الذكرى الستين لتأسيس التكتل التي تعقد من أجلها حاليا قمة في روما.

وكانت جوس دنيس من بين متظاهرين جاءوا بحافلات من بريستول في غرب إنجلترا التي صوتت بنسبة 62 بالمائة لصالح البقاء في الاتحاد في الاستفتاء الذي أجري في يونيو الماضي مقارنة بتصويت بريطانيا ككل بنسبة 52 بالمائة تأييدا للانسحاب.

وقالت لرويترز «مع تقارب النتيجة لا أعرف كيف يمكن أن يصف أي شخص ذلك بأنها إرادة الشعب...لدينا الكثير لنخسره بيئيا وسياسيا وماليا...خطأ فادح ارتكب لكن لم يفت الأوان لإصلاح الموقف».