أفكار وآراء

ترامب .. المواقف السياسية تتغير وفق مصالح أمريكا

25 مارس 2017
25 مارس 2017

عبد الله العليان -

كان الحديث في كل دول العالم، بعد استلام دونالد ترامب لمهام منصبه كرئيس للولايات المتحدة ، ماذا ستكون عليها السياسة الأمريكية الجديدة؟ خاصة أن الرئيس الجديد، وعد بتغييرات جذرية في هذه السياسة، التي سارت عليها في عهد الرئيس أوباما، التي اعتبر أنها خاطئة، وأعطت سمعة ليست جيدة واتهمت بالضعف والتردد، كما قال أثناء حملته الانتخابية، في قضايا عديدة في العالم، إلى جانب أن هناك الكثير من السياسات الداخلية، تجاه المهاجرين، وأزمة البطالة لا بد من أن يتم تغييرها، لكن الكثير من الوعود والتهديدات، لاقت معارضة كبيرة، في داخل الولايات المتحدة وخارجها، وهذا يبرز أن التصريحات وبعض القرارات التي صدرت عن الرئيس ترامب، لا تلقى القبول الواسع لها شعبياً، أو من بعض السياسيين الأمريكيين خاصة من الحزبين الكبيرين الجمهوري والديمقراطي، أو من مؤسسات المجتمع المدني، وبعض المؤسسات الحقوقية والصحفية ، ولا شك أن النقد الشديد الذي واجهه الرئيس دونالد ترامب، والدعاوى الكثيرة من بعض المنظمات الحقوقية الأمريكية ،والمتعلقة بمنع القادمين من مواطني سبع دول من دخول الولايات المتحدة، والذي خلفت جدلا داخلياً كبيرا ، وتم بالفعل إبطال هذه القرارات، وهذا يعني أن عددا من الدعوات والقرارات التي أصدرها أو التي تحدث عنها في حملته الانتخابية والتي لاقت عدم تجاوب ربما يتم التراجع عن بعضها قريباً، أو تجميدها خاصة إذا نوقشت من المؤسسات الرسمية الأمريكية ،عدا المتعلقة بالسياسة الأمريكية الثابتة، والحقيقة أن الرئيس ترامب ، كان متشدداً في الكثير من التصريحات، ثم القرارات التي أصدرها ، بعد وصوله إلى البيت الأبيض، وكانت صدمة للكثير من الأمريكيين، وهي التي أدت إلى مظاهر معارضة في بعض المدن الأمريكية، والتي انتقدت بعض هذه القرارات، خاصة المتعلقة بحقوق الإنسان، ولا شك أن الرأي العام الأمريكي ، كما يقول الباحث والمحلل السوري/‏‏ حاتم الزعبي «من شأنه التأثير بقوة على ترامب وإدارته، خاصة من الجهات المتضررة من القرار، وكذلك من تيار قوي في أمريكا وفي الغرب عموما وهم المدافعون عن القيم الغربية». وأوضح أنه «عندما تمنح الولايات المتحدة الإقامة أو البطاقة الخضراء (جرين كارد) لمواطن أجنبي، ويأتي ترامب لإلغائها، فهذا يناقض القيم الأمريكية،من وجهة نظرهم . مشيراً إلى »أهمية اللجوء إلى العدالة لإبطال قرارات ترامب، مثلما فعل مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية «كير»، وأن العدالة في الولايات المتحدة مستقلة». وقد مارست الكثير من الشركات الأمريكية الضخمة الكثير من الضغوط على الإدارة الحالية، للتراجع عن قراراتها ضد مواطني العديد من الدول العربية التي لها مصالح فيها،وهذا ما تحقق بالفعل، وتم التراجع عن هذه القرارات، كما أن المؤسسات الأمريكية القوية، استطاعت أن تلجم بعض الخطط والتوجهات التي تحدث عنها ترامب في حملته الانتخابية، خاصة ما قاله عن نيته إلغاء بعض الاتفاقيات مع الدول الأوروبية، وآسيا والصين، ويرى العديد من المحللين الغربيين أن التوقعات قد دارت في أذهان الكثيرين منذ فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمنصبه، بأن ما قاله سيحدث مواجهات عديدة بينه وبين المؤسسات الأمريكية، لاسيما القانونية والحقوقية، التي لها قدرة راسخة في المواجهة لأي سياسات، ترى أنها قد تخالف الدستور، أو الديمقراطية الأمريكية ، كما أرساها الرئيس توماس جفرسون، الذي أرسى الحقوق للجميع في العبادة والحرية الدينية والمساواة السياسية،وغيرها من الحقوق المتساوية لسكان الولايات المتحدة.

وبرأي هؤلاء فإن الولايات المتحدة معروفة بمؤسساتها الديمقراطية والتشريعية القوية، والتي تعد صاحبة القول الفصل في كل الشأن الأمريكي، كما أن النظام الأمريكي المعروف بنظام المؤسسات من وجهة نظرهم، ربما لا يكون متسقاً مع بعض توجهات الرئيس الجديد في بعض القرارات السياسية والاقتصادية، واتخاذ القرارات بغض النظر عن تأثيراتها على الولايات المتحدة وعلاقتها الدولية. ولا شك أن الكلام في وقت المبارزة الانتخابية، له مساحته في الوعود والكلام الذي يدغدغ المشاعر، لجذب الأصوات، ولفت انتباه الرأي العام، وأن هذا المرشح أو ذاك عنده من الآراء والأفكار، غير معتادة، وجديدة على آذان المستمعين، في فترة المنافسة الانتخابية، لكن عندما ينجح المرشح، ويصل إلى كرسي الرئاسة، فان الأمور تتغير، وقد يجد من المعوقات، والمشكلات، التي ربما تقف حائلاً دون تحقيق مطالبه ووعوده التي تحدث عنها في حملته الانتخابية، وهذا ما حصل ويحصل أيضاً في قضايا كثيرة تحدث عنها الرئيس ترامب، وربما كانت في ذهنه قبل الانتخابات، والولايات المتحدة بلد مؤسسي، وله إرث سياسي كبير، في كيفية إدارة الحكم،وممارسة العمل السياسي، وهو تحكمه مؤسسات عديدة، ومؤسسات صناعة القرار، وهذه تملك الكثير من القرار السياسي، من خلال الخبراء والباحثين والاستراتيجيين وغيرهم،والسياسة الأمريكية ثابتة تجاه القضايا التي تتعلق بالمصالح الأمريكية الإستراتيجية، ومنها أمن إسرائيل،وتفوقها العسكري على جيرانها،وهذه من الثوابت التي لا تتغير مع تغير الأحزاب السياسية الأمريكية على الحكم في الولايات المتحدة،وهذا السياسة ترسم في مؤسسات صناعة القرار،وتأتي إلى الإدارة، مشفوعة بمبررات ورؤى،لا يستطيع الرئيس أن يرفضها عادة مهما كانت صلاحيته، لكن هناك مؤشرات بدأت تبرز، في تغيير بعض السياسات في المنطقة، وخاصة موضوع الموقف الاتفاق النووي مع إيران،فبعض السياسيين من الحزب الجمهوري خصوصاً ، ليسوا راضين عن الاتفاقات النووية بين الولايات المتحدة وإيران،ويرون أن هذا الاتفاق لن يثني إيران عن نشاطاتها النووية،لكن تظل الولايات المتحدة، تحكمها مؤسسات كبيرة،فهي تقدم مصالحها على الكثير من العلاقات السياسية والإستراتيجية مع العالم الخارجي، وهذه السياسة ستخضع للظروف والتحولات الجارية، لكن التوقعات أن هناك تراجعات كثيرة لوعود ترامب، وهي متوقعة أن تتم النظر إليها وفق المصالح الأمريكية في العالم في النهاية بغض النظر عما جرى خلال حملة الانتخابات .