أفكار وآراء

الـرئيـس الألمانـي الجـديد.. خبرة سياسية وشعبية كبيرة

24 مارس 2017
24 مارس 2017

سمير عواد -

يعتقد بعض المراقبين في برلين، أن شتاينماير، سيكون رئيسا يختلف عن الذين سبقوه في هذا المنصب، نظرا لخبرته الطويلة في مجال السياسة، فهو يتمتع بسمعة جيدة لدى كافة الأحزاب الكبيرة، ودبلوماسي هادئ، له علاقات دولية، واستفاد كثيرا من المشاركة في حل العديد من الأزمات الدولية.  

أصبح فرانك فالتر شتاينماير (61 عاما) رسميا رئيسا لألمانيا ليلة الثامن عشر من شهر مارس 2017، بعدما انتهت ولاية سلفه القسيس الألماني الشرقي السابق، يواخيم جاوك. وتمت مراسم التسلم والتسليم الرمزية في اليوم التالي في القصر الجمهوري «بيلفو» وسط العاصمة الألمانية برلين.

لذلك انتهت ولاية جاوك، التي دامت خمسة أعوام، دون أن يحدث خلالها ما يلفت الأنظار، والمقصود عدم حدوث أمور جدلية أو فضائح، وهذا يكفي كي يُشاد به وبرفيقة دربه، دانييلا شاد، الصحفية السابقة. والآن فرضت عليها الظروف، أن تترك مكانها إلى «إلكي بودنبندر» عقيلة الرئيس الجديد فرانك شتاينماير، التي تخلت أيضا عن عملها كقاضية لتقوم بمهام سيدة ألمانيا الأولى، وتكون بجانب زوجها، وزير الخارجية الألماني السابق، في القيام بالواجبات التي يمليها عليه منصبه كأعلى مسؤول بروتوكولي في الدولة الألمانية.

وبهذا استعاد ألماني غربي أعلى منصب في الدولة الذي تقلده ألماني شرقي في السنوات الخمسة الماضية، وهي الفترة الدستورية لرئيس الجمهورية الألمانية. وكان جاوك البالغ 77 عاما من العمر، قد رفض تمديد ولايته بسبب تقدمه في السن وخوفه من أن تخونه صحته في القيام بمهامه، وخلافا لشتاينماير، لم يكن جاوك يتمتع بخبرة في مجال السياسة، وكان يعتمد كثيرا على نصائح مستشاريه، وكان يساعده في ذلك، كون الرئيس الألماني رغم أنه أعلى شخصية في ألمانيا، إلا أنه رئيس شرفي ، بمعنى أنه لا يتخذ قرارات سياسية، ويكتفي دوره بالتوقيع على القوانين، وبوسعه الامتناع عن ذلك، إذا كانت مثيرة للجدل ويرفضها غالبية الألمان. أما السلطة السياسية فهي في يد مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل ، بحكم اختصاصات منصبها.

إلا أن الرئيس الألماني الثاني عشر، شتاينماير، دخل المعترك السياسي منذ سنوات طويلة وتدرج من موظف بسيط إلى منصب رئيس الجمهورية ليتوج حياته السياسية. وكان حتى نهاية العام الماضي 2016، يشغل منصب وزير الخارجية الألماني، في حكومة الائتلاف المسيحي - الاشتراكي التي تتزعمها منذ عام 2013 المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وكان الأكثر شعبية بين السياسيين الألمان، وبالنسبة للمواطنين الألمان، كان شتاينماير بمثابة وجه السياسة الخارجية الألمانية. وكان هذا آخر مناصبه خلال عقدين الزمن في العمل السياسي وخدمة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني. فقد شغل قبل ذلك مناصب عالية بعد أن أنهى الاشتراكيون العهد الطويل للمستشار هيلموت كول، فعمل في منصب وزير ديوان المستشارية، ثم رئيسا للكتلة البرلمانية للاشتراكيين في البرلمان الألماني، ثم وزيرا للخارجية، وخلال عمله في هذا المنصب، لحقت به في عام 2009 هزيمة قاسية أمام ميركل، عندما رشحه الاشتراكيون لمنافستها. لذلك، فإن شتاينماير، اعتلى حلبة سياسية ليس غريبا عليها، وفي مرحلة لا يُحسد عليها، لكون شعبيته تعتبر أكثر من شعبية ميركل.

ويعتقد بعض المراقبين في برلين، أن شتاينماير، سيكون رئيسا يختلف عن الذين سبقوه في هذا المنصب، نظرا لخبرته الطويلة في مجال السياسة، فهو يتمتع بسمعة جيدة لدى كافة الأحزاب الكبيرة، ودبلوماسي هادئ، له علاقات دولية، واستفاد كثيرا من المشاركة في حل العديد من الأزمات الدولية، وخاصة الاتفاق النووي مع إيران في يوليو 2015.

كان والده عاملا بسيطا في النجارة، وهو ينحدر من ولاية شمال الراين وستفاليا، وحرص على أن تحضر والدته، عملية انتخابه أخيرا في برلين. ويؤكد المراقبون أن خبرة شتاينماير في السياسة الخارجية، ستعود بالنفع على ألمانيا، وعلى علاقاتها الدولية.

وكان شتاينماير، يسافر حوالي أربعمائة ألف كيلومتر في العام، في زيارة مختلف عواصم العالم، ولعب دورا مهما في البحث عن حل للأزمة الأوكرانية وكان باستمرار يتنقل بين موسكو وكييف، حتى تم التوصل لاتفاق «مينسك». ويؤكد بعض المراقبين أنه ساهم في خفض حدة التوتر بين طرفي الأزمة الأوكرانية.

ولم يلتزم شتاينماير الصمت عندما بدأ دونالد ترامب خلال الحملة الانتخابية، يستفز العالم، بتصريحاته الانتخابية، وقال شتاينماير: سوف يبكي العالم عندما تنتهي ولاية أوباما. كما أعرب شتاينماير عن اعتقاده بأن ترامب سوف يسعى إلى وضع نهاية للنظام العالمي. وبعد أن تم انتخابه رئيسا للجمهورية الألمانية، كتبت صحيفة «هاندلسبلات» الألمانية تقول: إن شتاينماير خصم سياسي لترامب.

وكان شتاينماير قد بدأ عمله السياسي إلى جانب المستشار الألماني السابق جرهارد شرودر، والذي ينتمي أيضا إلى الحزب الاشتراكي، حين عمل مديرا لمكتبه في مقر رئاسة حكومة ولاية سكسونيا السفلى، ثم عينه شرودر وزيرا لديوان المستشارية بعد فوزه بالمستشارية في عام 1998، وكانت هذه الخطوة بداية الصعود السياسي لشتاينماير.

وفي عام 2009 خسر شتاينماير المنافسة أمام ميركل، ومني حزبه الاشتراكي بأسوأ هزيمة في تاريخه، وظن الكثيرون أن هذه نهايته السياسية، لكنه عاد إلى الأضواء في عام 2010 كرئيس للكتلة البرلمانية لحزبه ووزيرا للخارجية، وحصل على تعاطف واسع من قبل المواطنين الألمان عندما طلب إجازة من العمل السياسي ليتبرع بإحدى كليتيه لزوجته، مما أدى إلى ارتفاع شعبيته. وفي عام 2013، كان من أبرز الذين تركوا بصماتهم على السياسة الخارجية الألمانية بعد هانز ديتريش جينشر وزير خارجية ألمانيا الأسبق .

وإلى جانب شتاينماير، تقف اليوم «إلكي بودنبندر» سيدة ألمانيا الأولى «، التي لا يعرف الرأي العام الألماني الكثير عنها، لأنها كانت تفضل الحياة الخاصة بعيدا عن الأضواء. وسمع الألمان باسمها لأول مرة بعدما تبرع زوجها بكليته لإنقاذ حياتها.

وكانت «إلكي» تعمل قاضية وقررت التخلي عن وظيفتها لتكون إلى جانب زوجها في منصبه الجديد، وقالت إنها ستقوم بواجبات «السيدة الأولى» وسوف تحمل اسم زوجها، بعد أن صرفت النظر عن ذلك في السنوات الماضية.

ويقال أن «إلكي»، فقدت حذاءها في القاعة من شدة الفرحة، عندما انتخب الحزب الاشتراكي زوجها لينافس ميركل على المستشارية في عام 2009.

ومنذ ذلك الوقت، أدرك العديد من المراقبين السياسيين أن «إلكي» التي تعرف زوجها منذ أيام الدراسة، هي المرأة المناسبة في جانبه.