962101
962101
المنوعات

أربعة شعراء يتتبعون جماليات تجربة حمود الحجري الشعرية ويسردون ذكرياتهم معه

22 مارس 2017
22 مارس 2017

في ندوة احتفائية بالجمعية العمانية للكتّاب والأدباء -

كتب : ماجد الندابي -

962102

نظمت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء مساء أمس ندوة حول تجربة حمود الحجري الشعرية وذلك ضمن فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للشعر، شارك فيها العديد من الأدباء والباحثين العمانيين المختصين في جوانب الشعر الشعبي في السلطنة وهم: سماء عيسى وطاهر العميري وعبدالله الشعيبي وزهران القاسمي الذين تناولوا عددًا من الأفكار مع طرح تساؤلات وتحولات واقعية في تجربة الشاعر الحجري، وأدارت الندوة الكاتبة بدرية العامرية وذلك بمقر الجمعية بمرتفعات المطار.

في بداية الأمسية ألقى الشاعر حمود الحجري مجموعة من قصائده الشعرية بعدها قدم زهران القاسمي ورقة سرد فيها تفاصيل علاقته بالحجري، وكذلك ما يمتاز به هذا الشاعر من براعة في الإلقاء فهو يقول: «يأتي صوته رخوا هادئا عندما يلقي قصيدته، تشعر وكأنه يلقي القصيدة لنفسه، ينفصل عن المكان، ولا يبقى فيه غيره، وكان سهرا وكان ليلا وكان شعرا ينساب على غيل وادي الطائيين في نهاية تسعينات القرن المنصرم».

كما وصف زهران تجارب السفر مع الحجري بأنها مظهر من جماليات شخصيته فيقول: «جرب أن تسافر معه، ستجد راحتك في سفرك، ألم يقل اختر الصديق قبل الطريق؟ هكذا هو في السفر، لا يمانعك على مكان تود أن تذهب إليه، لا يتذمر، وفي السفر يخرج الصامت الهادئ الرزين من مكانه، ويختفي فجأة ليحتل المكان شخص فوضوي ضاج بالحياة والنكات والغناء والصخب والشعر والحياة، وعندما يخرج ذلك المارد فما عليك إلا أن تستجير بالجهات حتى تحفظك من الوقوع في دوامة الضحك والمزاح وتبقى على حافة الأسئلة التي لا تجد لها جوابا: ترى أين اختفى؟، ومن هذا المارد الذي أخرج زوابعه في المكان، لكن المحبة كما يقال في المأثور الشعبي: هي من تقرب الوحش وتخرج الثعبان من مكمنه، والمحبة التي تضخ من قلب الشاعر هذا الصديق الجميل صاحب العينين المحترستين دائمًا الذي ينظر بهما عادة من أسفل إلى فوق دلالة على استقرائه للوضع المحيط، تلك المحبة هي من تطلق الكائن الأكثر جمالاً وشعرًا وإنسانيةً».

بعدها قدم الشاعر سماء عيسى ورقة تناول فيها دواوين الحجري الشعرية ذاكرًا فيها: «إن الشاعر يمتهن البساطة مع العمق في تقديم تجربته، ويتحدث عبرها عن مشاعر حب وعشق يوجه من أناه إلى العالم، العالم الذي كان متجسدًا في حبيبته التي رحلت عن عالمه، عن معشوقة أو وطن أو أخ ميت..».

ويضيف: «صوت الشاعر مكثف برومانسية تراجيدية حملها إليه الريف العماني الحزين. لذلك يعود الشاعر إلى الريف العماني الوديع كمكان لحمايته، في مواجهة عالم الإسفلت والإسمنت. الجذور الريفية تمتلئ بذاكرة شاعر يرفض التخلي عنها، وهو يراها أمامه تسقط ورقة تلو أخرى من أشجار الخريف. هذه الإشكالية الكبرى واجهت قبله شعراء عربًا وعالميين فترة التحولات هذه تشعل ثيمة الحنين إلى العالم الزائل في مواجهة العالم القادم، خاصة، وهو يحمل علاقة اغتراب تطحن العلاقات الحميمة التي تربى عليها الشاعر. هكذا واجه من قبله منافي المدن السياب وحاوي وحجازي وعبدالصبور وغيرها، ولذلك أيضًا نجد اقترابًا حميما مبين حمود الحجري وشعراء الريف اللبناني، متجليا ذلك في صوت فيروز الملائكي.

هذا المعادل الذي يحتمي بالطفولة في مواجهة عالم جديد يدرك الشاعر من خلاله؛ لأن عودته ثانية يستحيل إدراكها، خاصة وأن العالم ذاك ارتباط بالفقد والرحيل إلى الموت، فقط مفردات تلك الأيام البعيدة تعود موثقة مشهدًا شعريًا أخاذًا يتسم بالحنين الفجائعي إلى الماضي».

وقدم طاهر العميري ورقة رصد فيها تجربة الشاعر حمود الحجري من خلال دواوينه،

تتبع فيها الجوانب الفنية والإبداعية لهذه التجربة الكتابية، التي اعتبرها تجربة مختلفة في خط الكتابة للقصيدة الشعبية الحديثة. كما استعرض في ورقته جوانب هذه التجربة وتتبع خط سيرها الكتابي فهو يقول: «بحكم قربي من تجربة الشاعر فإني أرى حمود الحجري شاعرًا مسكونًا بهاجس الكتابة والتجريب والبحث والمغامرة، وهو شاعر يشتغل على تجربته قرائيًا وكتابيًا وتجربته لم تتوقف عند الإصدارات الأربعة، وإنما لديه نصوص كتابية وتجريبية وشعرية أخرى سنجد فيها الجديد في إصداراته القادمة».

ويضيف: «بدءًا من ديوان «الغرفة بلد» ومرورًا بـ«تتسع حدقة على آخر مداها» حتى الديوان الأخير «شق فجرك ظلامي وانجلت عتمتي» نجد أن الشاعر يتبنى خطًا شعريًا واحدًا يتصاعد مع كل ديوان شعري، فبدءًا من الديوان الشعري الأول يستطيع القارئ أن يتبين الخط الشعري الذي يتبناه الشاعر، ويستطيع أن يلحظ التطور الذي يتصاعد مع باقي الإصدارات الشعرية اللاحقة سواء على صعيد الشكل الخارجي للإصدار أو على صعيد تشكيل النص أو على صعيد الفكرة والمضمون. إذ أننا من الديوان الأول نستطيع أن نكتشف الخط الكتابي الذي يتبناه الحجري في باقي أعماله، فديوان «الغرفة بلد» هو المؤسس لباقي التجربة الشعرية في الإصدارات الأربعة».

كما قدم عبدالله الشعيبي ورقة نقدية تحدث فيها عن التوظيف الجمالي عند الشاعر حمود الحجري ذاكرًا أن: «تجربة الشاعر حمود الحجري تشكل مناخًا مفتوحًا على الأسئلة، وهي ناشئة عن امتداد زمني، حَفَر فيها الشاعر بصمة خاصة في تعاطيه مع العديد من العناصر التي تشكل حالته الشعرية، بامتياز خصوصيتها، وفرادة مناخها..».

ويضيف: «من زاويتي الشخصية التي أرى منها تجربة حمود الحجري أقسمها إلى منظورين، أحدهما يخص المتلقي في داخلي، والثاني يخص الشاعر في استشفافه عناصر البناء الشعري، ولذلك وجدت على امتداد زمني قرائي، مساحات مختلفة في هذه التجربة، وتلك المساحات تحتاج إلى قراءات مستقلة، لربما تشكل في مجموعها رؤية نقدية شمولية لاحقة».