أعمدة

توعويات: الأمة تودع علي ليلة

22 مارس 2017
22 مارس 2017

حميد بن فاضل الشبلي -

[email protected] -

قبل ثلاثة أسابيع غادر الحياة الدنيا الأستاذ الدكتور علي محمود أبو ليلة رحمه الله، أحد علماء وأساتذة مدرسة علم الاجتماع في العصر الحديث، وأستاذ النظرية الاجتماعية بجامعة عين شمس، إلا أن مكانة وقدر هذه القامة العلمية في هذا الزمان لم تحظ بتغطية إعلامية ولم تتناقله شبكات التواصل الاجتماعي، مثل ما يحدث عندما يصاب أو يتعرض لحادث أحد الشخصيات الفنية والرياضية المشهورة، كما أن خبر وفاة العالم الجليل لم يحصل على أكبر نسبة مشاهدة عند الشباب، مثل ما تحصده مشاهدة رسائل أو مقاطع أصحاب السذاجات، وعلى الرغم أني مشترك في العشرات من مجموعات الواتساب، إلا أنه كذلك للأسف الشديد لم أشاهد للخبر تداولا إلا في مجموعة واحدة، مع أن أخبار أغلى فستان وأكبر كعكة وأجمل تسريحة شعر تتسابق المجموعات في بثها ونشرها، كل ذلك سببه يرجع إلى إعطاء الجانب الثقافي والعلمي والتنويري حيز قليل من الاهتمام ضمن مفهوم الثقافة في الوسط الاجتماعي العربي، سواء كان ذلك على مستوى المؤسسات أو على مستوى الأفراد.

واحتراما للمدرسة التي تتلمذت على أساتذتها الأجلاء، عليه سوف أحلق معكم عن جزء بسيط لشخصية الأستاذ الدكتور علي محمود أبو ليلة رحمه الله ، الذي تطلعت للاستقاء من علمه مع بقية الأساتذة الكرام بجامعة عين شمس، ولكن ساعة المنية وقدر الله لم يجعل لي نصيبا في الالتقاء بهذا العالم الجليل، رحل هذا الاستاذ القدير الذي كان أحد رموز قسم علم الاجتماع بجامعة عين شمس، كما رحل قبله أساتذة كبار في مدرسة العلوم الاجتماعية بجمهورية مصر العربية مثل الأستاذ الدكتور محمد مجدي بيومي والأستاذ الدكتور السيد عبد العاطي، الذي كتب الله لي الشرف بأن أكون أحد تلامذتهم في مرحلة الماجستير بجامعة الإسكندرية، وفيما يخص فقيد العلم والمعرفة بجامعة عين شمس، إليكم بعضا من تاريخه وإنجازاته العلمية والثقافية والفكرية رحمه الله، بدأ أبو ليلة تدرجه الوظيفي عام 1964م بمسمى باحث بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة، وخلال سنوات عمره المفعمة بالنشاط العلمي والثقافي، كانت لهذا العالم الاجتماعي العديد من الإسهامات والإنجازات، ففي مجال العضوية العلمية كانت له مشاركة في أكثر من ( 40 ) لجنة علمية، في حين كانت هناك ( 115 ) مشاركة هي عدد المؤتمرات والندوات العلمية التي شارك فيها عالمنا الجليل، وله كذلك ( 41 ) إصدارا من المؤلفات والدراسات العلمية، و ( 27 ) من البحوث الميدانية والتطبيقية المنشورة، إضافة إلى العديد من المقالات والإسهامات العلمية التي تم نشرها له في مختلف الوسائل الإعلامية المكتوبة والمقروءة، كما كان له مجموعة من كتب الترجمة ومحصول وافر من الأنشطة المجتمعية المختلفة في الوسط الاجتماعي، كذلك كانت له جهود وأنشطة أكاديمية أخرى لا يمكن لنا أن نذكرها كلها في هذه العجالة، كما ساهم في وضع خطة مشاريع لإنشاء معاهد للتدريس الاجتماعي والنفسي، إضافة إلى أنه أعير للتدريس بكليات الآداب في بعض من الدول العربية، لذلك فإن الحديث عن شخصية هذا العالم العربي لا يكفيه مقال قصير، وإنما ينبغي أن يؤلف له كتاب يتحدث عن سيرته المجيدة، ليتعلم أبناء اليوم عن أسماء علماء الأمة ومفكريها، الذين طمرت أسماءهم رياح العولمة وأشغلتهم بالبحث والتعرف على أصحاب المجون واللهو، لذلك سردت لكم هذه الشخصية بصورة عاجلة، وذلك استجابة لما تمليه علينا أخلاقيات احترام العلم والعلماء والتوعية بإنجازاتهم، وتعريف شباب اليوم بتاريخهم المجيد.