953945
953945
مرايا

أغلب أنواعها معرض للخطر على مستوى العالم - النسور تطير نحو الموت بسبب سلبيات البشر

22 مارس 2017
22 مارس 2017

تعاني النسور من سمعة سيئة لدى من يعرف الفرق بينها وبين العقاب ومن يعلم أن النسور هي ذلك الطائر الجارح الذي لا ينقض على فريسته إلا بعد أن تكون لفظت أنفاسها الأخيرة أو حصل منها الحيوان المفترس على مشتهاه. فالنسور لا تتمتع على سبيل المثال بما يتمتع به العقاب من اعتزاز وكبرياء ولا تمتلك بهاء طائر القطرس، أكبر الطيور.

تحوم النسور بنظر حاد فوق الأرض باحثة عن جيف حيوانات للانقضاض عليها في الوقت المناسب والتهامها، والوقت المناسب هنا هو التأكد من موت هذه الحيوانات والتيقن بأنه ليس هناك حيوان مفترس آخر يتربص بهذه الجثث أو ربما بحيوان آخر يقترب منها.

وهناك لدى الألمان عدة تعبيرات لغوية مشهورة تستخدم فيها النسور بمعنى سلبي منها على سبيل المثال: «فليأكلك النسر!» كتعبير عن الغضب أو في إشارة إلى ما يشيع عن النسور من جشع، وكذلك «ينقض على شيء انقضاض النسر». ولكن ربما أصبحت هذه الاستخدامات اللغوية متقادمة قريبا في ظل تراجع أعداد النسور على مستوى العالم بشكل مأسوي وفي ظل مخاوف من انقراضها.

فعلى سبيل المثال تراجعت خلال العقود الماضية أعداد النسور في أفريقيا وآسيا حيث تعيش ما يعرف بالجوارح القديمة، وبلغ هذا التراجع 95% حسبما أعلن الخبراء قبل بضعة أيام خلال مؤتمر في مدينة طليطلة الاسبانية وهو المؤتمر الذي انتهى إلى إعداد خطة عمل لإنقاذ النسور. وأشار الخبراء إلى أن 16 من إجمالي 23 نوعا من النسور معرض للخطر على مستوى العالم.

ووضع الاتحاد العالمي لحماية الطبيعة IUCN أربعة أنواع من النسور الآسيوية وأربعة أنواع من النسور الأفريقية ضمن القائمة الحمراء للطيور «المهددة بشكل خطير» من بينها «نسر الأذون» و «النسر أبيض الظهر» والنسر الهندي و «النسر الأبقع». وشدد إيفان راميريز، رئيس قسم الطيور في أوروبا وآسيا الوسطى لدى الجمعية العالمية لحماية الطبيعة على أن هناك إجراءات ضرورية يجب اتخاذها وأضاف: «الأمر لا يتعلق فقط بطيور رائعة جدا يجب الحفاظ عليها بل أيضا بالشرطة الصحية لنظامنا البيئي». لماذا تكتسب النسور هذه الأهمية؟

أجاب نايك ويليامز، خبير النسور بالأمانة العامة لـ «ميثاق بون» الخاص بالحفاظ على أنواع الطيور البرية المتجولة عن هذا السؤال قائلا إن دور النسور في النظام البيئي هو تنظيف الأرض من الجيف «ولولا النسور لقامت أنواع أخرى من الطيور بهذه المهمة أو لظلت الجيف على الأرض وهو ما من شأنه أن يزعزع أنظمة بيئية أخرى كاملة وساهم في نشر الأمراض ليس فقط بين الحيوانات ولكن أيضا بين البشر». وأضاف ويليامز: «النسور جزء رائع من مكونات تنوع الأنواع في البيئة التي تعيش بها».

وتساهم العديد من العوامل في انقراض النسور أكثرها خطورة هو تسميم الطيور، وهو ما يحدث غالبا عن غير قصد حيث تلتهم جيف الضباع وحيوان ابن آوى الذي يقوم بدور يشبه دور الذئب البري والتي تتعرض للملاحقة في أفريقيا بشكل خاص بسبب الخطورة التي تمثلها على الحيوانات المنزلية. وكثيرا ما تقع عشرات الطيور الجارحة من مختلف الأنواع على أحد الحيوانات النافقة ثم تموت هي الأخرى ميتة مؤلمة.

ولكن صائدي الحيوانات البرية الذين يلاحقون في الأصل الفيلة ووحيد القرن يضيقون الخناق على النسور حيث يسعى هؤلاء الصيادون للحيلولة دون اكتشافهم من قبل حماة الحياة البرية الذين يمكن أن توشي النسور بهم من خلال تحليقها في الهواء فوق جثة فيل على سبيل المثال، وهو ما يجعل الصيادين في بعض الأحيان يتعمدون تسميم جيف الحيوان لقتل أكبر عدد من النسور مرة واحدة.

كما يساهم «الطب التقليدي» في أجزاء واسعة من أفريقيا وآسيا في نفوق النسور بشكل واسع وصفه اتحاد «نابو» الألماني لحماية الطبيعة على موقعه الإلكتروني بالصادم ناقلا عن مارك أندرسون، مدير قسم حماية الحياة البرية في جنوب أفريقيا، قوله: «يأكل المهوسون بالرهانات مخ النسور منذ بطولة العالم لكرة القدم عام 2010 للتمكن من التنبؤ بنتيجة إحدى المباريات والتحكم في أموال الرهانات».

تتضمن خطة العمل التي ينتظر إقرارها في العاصمة الفلبينية مانيلا في أكتوبر المقبل 100 إجراء خلال الـ 12 سنة المقبلة يسعى الباحثون من خلالها لإنقاذ النسور أبرزها اعتماد قوانين صارمة لحماية النسور وتحسين إجراءات الحفاظ عليها. ولم تسلم النسور من شر الإنسان حتى في أوروبا نفسها حيث أصبحت اسبانيا وإيطاليا حيث يعيش 80% من جميع النسور في أوروبا تسمحان منذ فترة باستخدام المادة الفعالة ديكلوفيناك في علاج الحيوانات الرعوية مثل الأبقار والخنازير وهي المادة التي تسببت في التسعينات في نفوق واسع للنسور في الهند أفنى نحو 99% من إجمالي أعدادها هناك.

ويخشى الخبراء حدوث الشيء نفسه الآن في أوروبا «حيث إن هذا العقار غير خطير على البشر ولكنه قاتل للنسور» حسبما حذر خوان كارلوس أتيانزا من جمعية الطيور العالمية في طليطلة. أضاف أتيانزا: «اسبانيا هي آخر دولة في أوروبا تمتلك النسور بكثافة عالية ولم تعد أيضا مكانا آمنا لهذه الطيور». وطالب أتيانزا الحكومة الاسبانية بحظر استخدام مادة ديكلوفيناك بشكل فوري خاصة في ظل وجود بدائل مناسبة وغير خطيرة لهذه المادة التي تستخدم في الطب البيطري.

وحظرت ألمانيا التي يعيش النسر الملتحي في مناطقها الجنوبية هذه المادة مما جعل تسمم النسور جراءها غير وارد حسبما أكدت خبيرة بميثاق بون. ومع ذلك فإن النسور السمراء التي تحلق من وقت لآخر في منطقة جبال الألب الألمانية تعاني من قلة الجيف التي تعيش عليها لأن المعنيين بجمال هذه المناطق يسارعون لنقل هذه الجثث التي تعتمد عليها النسور في طعامها من الجبال إلى الوادي ثم يتخلصون منها تاركين بذلك نسورا جائعة تحوم فوق الألب باحثة عن جيف.