khaseeb
khaseeb
أعمدة

نبض المجتمع: يوميات مسافر«1»

22 مارس 2017
22 مارس 2017

خصيب عبدالله القريني -

السفر والترحال متعة من المتع التي تسمو بمعارف الإنسان ومهاراته وأخلاقه وتفتح له أبوابا موصدة لا يمكن أن يراها وهو قابع في مكانه، لأنه سيرى عوالم جديدة وأماكن متنوعة وأجناس مختلفة ويرى كيف يحدث التفاعل وكيف تكون الحياة، فيبدأ المقارنة بين ما يملكه وبين ما يملكه الآخرون، وفي النهاية هو المستفيد، فلو كان ما يملكه من إمكانيات وسبل راحة أفضل من غيره فسيكون تأثير ذلك إيجابيا على حياته وسيحمد الله على ان خصه بنعم لا توجد عند غيره، وإذا حدث العكس فيمكن ان يستفيد من تلك التجارب ويطبقها في موطنه، وهذا هو جوهر السفر والترحال مع بقي من الفوائد الأخرى المعروفة.

والسفر بمفهومه العام ليس شرطا أن يكون خارج نطاق الدولة، بل يمكن ان يكون في حدود الوطن الذي يعيشه، فقد يكون الإنسان أحيانا أحوج لمعرفة وطنه قبل معرفة بقية الأوطان، أو ما يسمى بالسياحة الداخلية، ذلك ان قدرتك على معرفة ما يزخر به وطنك من إمكانيات هو السبيل الذي من خلاله تستطيع اكتشاف بقية الأوطان، وهنا عندما نتكلم عن قدرتك على المقارنة فهي ستكون اعم واشمل واكثر مصداقية.

كما ان الرفقة الطيبة والرائعة التي تساعدك على تحقيق أهداف الترحال والسفر هي إحدى المقومات الرئيسية التي يجب اختيارها بعناية ودقة، لأنها هي رمانة الرحلة والأساس الذي قد ينجحها أو يفشلها، فمتى ما كانت الطباع متوافقة، والأهداف متسقة ومتشاركة، كانت عوامل النجاح اكبر، ولا شك ان اختيار مهمة السفر للكشف عن طباع البشر لم تأت عبثا، فالسفر سمي سفرا لأنه يسفر عن معاني وأخلاق الأشخاص الذين يرافقونك.

أسوق كل ذلك وقد يتهمني الكثير ممن يقرأ المقال بأنني لم آتِ بجديد، وأقول إنني لم أسع لأن أجلب الجديد بقدر ما سعيت أن أسجل كلمة شكر وعرفان لمن كانوا خير مساعد لي على الاستفادة من تجربة السفر والترحال المتواضعة، التي أجد أنها تحقق أهداف كبيرة لا يفقه كننها سوى من جربها، تجربة اقل ما توصف بأنها تغير مفاهيم وتغير أفكار بل وتغير حياة في بعض الأحيان، فالنظرة القاصرة التي تحصر أهمية السفر في الترويح عن النفس هي جزء يسير وطبيعي من قصة السفر لدينا.

شكرا لذلك الشخص الذي لم أجد إنسانا إيجابيا طوال حياتي يشبهه، شكرا لمن يقهر المواقف السلبية بابتسامته المعهودة، ولا يرى في الحياة إلا الخير فقط، وبالتالي لن تجده إلا متعاونا دائما وأبدا. شكرا لرجل المواقف الذي يحاول ان لا يحدث ما يفرق المجموعة مهما كانت الظروف والأحوال، شكرا لمن يحب الطبيعة بكل تجلياتها، ويصنع الفارق في كل موقف. شكرا لمن يعمل على الترويج للرحلة وإظهار النقاط الإيجابية بها، ويغض الطرف عن أي سلبية، شكرا لمن يحاول ان يجعل كل شي سهلا مهما بدت صعوبته، شكرا لكل هؤلاء الذين حولوا السفر من مجرد ترفيه لدروس وعبر وخبرات وصداقات لا تنسى، شكرا لهم لان المتعة الحقيقية لا تكمن في المكان بقدر ما تكمن في الأشخاص .

وللحديث بقية...