957559
957559
المنوعات

الوفد الإعلامي العماني يتصفح ملفات سياسية وتجارية وتراثية في إيران

18 مارس 2017
18 مارس 2017

ربط موانئ صحار والدقم وشهبار بخط بحري للتبادل التجاري وإنشاء صناعات مشتركة منها الغذائية -

خطوات جديدة مشتركة وجادة لتعزيز الاستثمار بين البلدين -

رسالة طهران : خالد بن حمد المعمري -

قضى الوفد الإعلامي العماني خمسة أيام في إيران بدعوة من وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، تجول خلالها في الحضارة الإيرانية العريقة واطلع على شواهد تاريخية تربض في المتحف الوطني في العاصمة طهران وفي أصفهان ، حيث تعانق معالم الدولة الصفوية الأمكنة هناك، وفي زوايا متعددة يفترش التاريخ تلك البقعة من العالم ، ولاشك أنها حضارة عريقة ومبهرة .

الوفد أتيحت له زيارة معالم ومؤسسات حكومية والتقى عددا من المسؤولين، وكان من الطبيعي بحكم المهنة التي يشتغل بها أعضاء الوفد السبعة أن يجري حوارات صحفية مع المسؤولين في تلك المؤسسات ويقف على رؤى المسؤولين ويطلع على آليات العمل والدور الذي تضطلع به تلك المؤسسات. وفي هذا التقرير لن أعتمد على تسلسل الزيارات بل سأبدأ بالأخيرة وهي وزارة الخارجية ، العقل الذي يصنع السياسة الخارجية الإيرانية ، حيث كان اللقاء والحوار مع الناطق الرسمي باسم الوزارة ثريا وطاف على عدة محطات مهمة في الساحة الإقليمية والدولية .

وقد أكد بهرام قاسمي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية أن العلاقات العمانية الإيرانية علاقات عريقة ويمكن البناء عليها وتعزيزها لتصبح أنموذجا في المنطقة وتحقق مصالح البلدين والشعبين في كافة المناحي، وقال بهرام قاسمي: لقد تبادلنا الزيارات واللقاءات الثنائية لكننا لم نصل إلى ذروة العلاقات المطلوبة بين هذين البلدين الجارين العريقين الذين تربطهما مصالح كثيرة، مشيرا إلى أن بناء علاقات ومصالح أكبر بين عمان وإيران تتوفر لها أرضية مناسبة ومتهيئة إلى حد بعيد، ونحن في إيران نؤمن بهذا المناخ الصحي والنقي الذي يتنفسه البلدان ، وقد كنت في اجتماع مع عدد من الشخصيات الدبلوماسية في وزارة الخارجية الإيرانية، يمثل نوعا من الامتحان ويختص بنقل عدد من الأطقم الدبلوماسية إلى بلدان ومناطق أخرى وسألتهم عن إمكانية أن يحددوا الدولة التي يمكن أن نصل معها إلى علاقات مثلى، فأجاب الأكثر ذكاء بينهم بأنها سلطنة عمان ، وهذه حقيقة، فالعلاقات العمانية الإيرانية عريقة ومتجذرة وهي تنمو وتتسع وترتكز على أطر راسخة ومصداقية واضحة لا تحتمل المراوغة ، ولكن نعتقد أننا لم نصل بعد بهذه العلاقات إلى الذروة ، فالأهداف التي تحقق مصالح البلدين والشعبين كثيرة ومتعددة، لذلك نتمنى أن نصل إليها من خلال الجهود المبذولة ، وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية أن العمانيين يدركون بأن السياسة الإيرانية تنشد إحلال السلم والأمن في المنطقة ، لأنهما يمثلان سلما وأمنا لإيران، وكرر بهرام قاسمي (ننشد أمنا راسخا يخدم أهداف التنمية ويساعد على توجيه الطاقات والموارد لأهداف التنمية ورفاهية الشعوب، ونعتقد أن لهذه الأهداف أعداء يتربصون ويضمرون السوء بنا) لذلك هم لا يرغبون في بناء علاقات ود ومصالح مشتركة لذلك علينا أن ننتبه لهذا الأمر ونتعاون ونتضامن لتحقيق غاياتنا المشتركة مهما واجهنا من تحديات، ولدى سؤالي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية إن كانت العلاقات العمانية الإيرانية قد بلغت الذروة قال على الفور: إنها علاقات جيدة لكنها لم تصل إلى ذروة ما ننشده ونتطلع إليه كبلدين جارين ، خاصة في القطاعات التجارية والاقتصادية والاستثمارية والسياحية ، ولاشك أننا عندما ننظر إلى العقود الماضية سنجد أن العلاقات بين البلدين حاضرة ، ونؤمن تماما أن هذه العلاقات ستتطور أكثر وأكثر وذلك بإرادة قيادتي البلدين المبنية على المصالح المشتركة وأمن واستقرار المنطقة، وأكد بهرام قاسمي أن العلاقات العمانية الإيرانية مبنية على المصداقية والوضوح وليس بها أية نقطة سوداء ، وكما قلت إن الأرضية ممهدة لتطويرها حيث توجد آفاق رحبة ومجالات واسعة ، وإذا استطعنا أن نستغل الثروات والإمكانيات المتوفرة في البلدين مثل المعادن وغيرها من الثروات الطبيعية التي وهبها الله لنا ، سنكون في وضع تعاوني أفضل وسنحقق مكاسب أكبر للبلدين والشعبين ، وأمامنا فرص التعرف على المجالات التي يمكن استثمارها مثلا في الاقتصاد خاصة عن طريق القطاع الخاص ، وشخصيا لدي تفاؤل وثقة مبنية على ما يتمتع به جلالة السلطان قابوس من رؤى ثاقبة للمستقبل وهي رؤى متوافقة مع نظرة طهران .

وعرج بهرام قاسمي إلى الأوضاع الإقليمية والدولية فقال إن المنطقة تعيش حاليا ظروفا غاية في الحساسية، ولعله أصبح عالما ينذر بتغييرات جديدة وتطورات متسارعة لدرجة أنه يصعب التكهن بها وهي تولد حالة من الحيرة لدى الجميع .

ولدى سؤالي الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية عما إذا كانت طهران تشعر بخطورة نسف الاتفاق النووي لم يتردد في القول (ليس لدينا تخوف من مخاطر نسف الاتفاق النووي ، فإذا كان أحد لديه تصرفات جنونية فنحن قادرون على العودة إلى سابق عهدنا)، مضيفا (إن زمن فرض العقوبات على إيران قد زال) مشيرا إلى أن بلاده على دراية بأهمية الاتفاق النووي وأتصور أنه في أمريكا يوجد بعض من أصحاب العقول (النيرة) ولن يسمحوا بالإخلال بهذا الاتفاق النووي، ولا شك أنه ليس اتفاقا ثنائيا وإنما حصل مع عدد كبير من دول العالم (خمس دول في مجلس الأمن بينها أمريكا كما أن الأمم المتحدة صادقت على الاتفاق وهي تمثل دول العالم ، وأردف بهرام قاسمي ، نجزم وبدون قطعية أنه في المجال السياسي يصعب على أمريكا أن تستميل الدول الأخرى لتغيير رأيها في هذا الاتفاق ، واستدرك قاسمي بقوله لا أضمن ماذا يمكن أن سيحدث مستقبلا لكنني أؤكد أننا (ملتزمون تماما بهذا الاتفاق وأوفياء له ولن نكون الجهة الأولى التي تخل ببنوده).

وحول سؤالي عن موقف طهران تجاه التوجه نحو تشكيل حكومة انتقالية في سوريا بدون الأسد ومن ثم إجراء انتخابات رئاسية ، أجاب قاسمي: الأولوية في الشأن السوري الآن وبعد وقف إطلاق النار المتبادل يجب أن تركز على مكافحة الإرهابيين وتكريس الجهود لطرد الدواعش من المنطقة وبعد ذلك يكون الهدف هو المحافظة على وحدة سوريا وعدم تقسيمها وهذا ليس في صالح سوريا وحدها بل الجوار السوري بأسره ، وكانت إيران قد نبهت منذ أربع سنوات إلى مخاطر المجموعات الإرهابية وبمرور الوقت اتضح أن رأي طهران هو الأقرب إلى الواقع الآن.

وخلال الفترة الماضية كان وقف المجازر ونزيف الدماء هو الأهم وبالتعاون مع روسيا وتركيا المتوافقين معها بشأن سوريا انعقد مؤتمر استانا واستطاع وقف إطلاق النار وكان تمهيدا لاجتماعات جنيف ، أما ما يجب أن يحصل في سوريا مستقبلا على صعيد الحكومة فهو (لا يهم إيران وهو حق الفصائل السورية والشعب عامة وطهران ستؤيد ما سيتخذه الشعب السوري) ويمكن القول إنه في الفترة الماضية قبل أربع سنوات لم يكن أحد بديلا للأسد بإمكان أن يحافظ على استقلال وأمن سوريا.

نقلة جديدة في التعاون

التجاري قريبا عبر شهبار

وفي مرفق آخر طاف بنا اللقاء والحوار مع د.عبدالرحيم كوردي مدير عام منطقة التجارة الحرة في شهبار على المصالح التجارية والاقتصادية المشتركة بين السلطنة وإيران وآفاق التعاون بينهما لتقوية هذه المصالح وزيادة الاستثمارات وفتح منافذ جديدة لها استغلالا للإمكانيات والثروات الطبيعية في البلدين ، حيث قال كوردي إن إحدى النقاط المشتركة بين عمان وإيران هي المنطقة الحرة في شهبار وهي منطقة تحظى باهتمام الحكومة الإيرانية لاستكمال بنائها ، ولعلنا سنشهد نقلة مهمة في هذا الإطار قريبا تخدم مصالح الطرفين عمان وإيران ومنها مشروعان كبيران تم التركيز عليهما في مجال البتروكيماويات بإنتاج 20 مليون طن من مواد البتروكيماويات ونهدف إلى إنتاج الفولاذ بواقع 10 ملايين سنويا وهذا ليس كل الاهتمامات بل جزء منها ، وتوقع د.عبدالرحيم كوردي أن تدخل منطقة شهبار بمنتجاتها أسواقا مهمة منها روسيا وشرق أوروبا وآسيا الوسطى وأفغانستان ، بحيث تصبح ركيزة أساسية ونقطة اتصال بين شرق آسيا وشرق أوروبا وآسيا الوسطى . وأشار د.عبدالرحيم كوردي إلى أهمية بناء سكة حديد لتحقيق أهداف هذا الميناء التجاري وهي ما تلقى اهتماما ونسعى للوصول إلى إنتاج 86 مليون طن من البتروكيماويات والفولاذ مع اكتمال السكة الحديد من شهبار إلى أفغانستان حيث نعمل على استيراد الحديد وصهره وتصديره إلى جانب تشغيل الميناء في الترانزيت ، وهذا سيضيف بعدا جديدا للسياحة في المدينة التي تتمتع بمقومات كثيرة.

وقال كوردي إن العلاقات السياسية بين عمان وإيران في أفضل حالاتها ، ويبقى أن نوسع العلاقات التجارية وفي هذا الإطار أمامنا آفاق واسعة وقد زادت عملية تبادل الوفود في الفترة الماضية وتم بحث العديد من مجالات التعاون المشترك ولا شك أن التبادل التجاري بين البلدين نما في السنوات الأخيرة ، موضحا أن منطقة شهبار الحرة تعد مهمة لتوسيع التعاون التجاري والاستثماري وهي محطة لتنويع المنتجات المصدرة والمستوردة بين البلدين ومنها إلى دول العالم ، وأبدى كردي تطلعه إلى ربط فعلي بين موانئ صحار والدقم وشهبار ، كاشفا عن دراسة دقيقة أجريت بين هذه المناطق في العام الماضي ، وإذا استطعنا تأسيس خط بحري لتصدير البضائع إلى شرق آسيا سنكون قد خطونا خطوة عملية جادة ومفيدة ، وفي هذا الإطار لا بد من دخول القطاع الخاص في البلدين كمستثمر أساسي وقد شكلنا مجموعة أعمال تضم عددا من الشركات العمانية والإيرانية ونأمل خلال شهرين أو ثلاثة أشهر أن نكمل هذه الخطوات ، وإنشاء الخط البحري الذي نتوقع أن يكون نقطة تحول كبيرة ، وأشار د.عبدالرحيم كوردي أن التفكير في هذا التوجه لابد أن ينطلق من مبدأ التعاون والمصالح المشتركة وليس التنافس ، وأمامنا فرص كثيرة لتوسيع وتطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة بين ميناءي صحار وشهبار بحيث يتوفر جزء في صحار وآخر في شهبار ثم ينظر في الأسواق الأفضل بحيث نقدم كافة التسهيلات المتبادلة ، وكشف كوردي عن حوارات جدية تجرى بين رجال أعمال في البلدين خلال هذه الفترة تعكس الرغبة في استغلال الإمكانيات المتوفرة ولاشك أن حكومتي البلدين تعملان على توفير التسهيلات للقطاع الخاص وقد تشكلت لجنة لدراسة النقاط القانونية والحقوقية، ويجري التركيز في منطقتي شهبار وصحار على إنتاج الفولاذ الصخري وتوسيع مجالات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتبادل المواد الغذائية ، ولعلنا سنشهد مبادرات فعلية جدية في مجال التصنيع الغذائي وفي مجال الأسماك وستكون نقطة اتصال بحري عبر صحار والدقم ، منوها إلى أهمية اتفاقية عشق أباد، ومتوقعا ان تكون لمنطقة شهبار الحرة حصة الأسد في التبادل التجاري ، وتحدث عن التسهيلات التي تقدمها هذه المنطقة الحرة ومنها الإعفاء الضريبي لمدة 20 سنة لكل مستثمر والتملك بنسبة 100 بالمائة للشركات التي يتم تسجيلها في المنطقة إضافة إلى حقها في تشغيل 10 بالمائة من العمال من بلدها ولها حرية حركة رأس المال وإقامة سنة في البداية ثم 3 سنوات وفتح مجال التملك العقاري .

المتحف الوطني الإيراني

ذاكرة واسعة لتاريخ المنطقة

يعد المتحف الوطني الإيراني ذاكرة واسعة لتاريخ المنطقة والحقب التي مرت عليها منذ 500 سنة قبل الميلاد، كما ذكر لنا المسؤولون عن المتحف الرئيسي بطهران الذي يضم أكثر من 800 ألف قطعة أثرية أقدمها من حوالي مليون سنة وأحدثها هي حقبة الساسانيين والاخبيليين ، وقد دخل في موسوعة جينيس في الحجم والقدم التاريخي بحسب المسؤولين ، فيروز مسؤولة عن المتحف تقول إنه تم تقسيم المحتويات إلى قسمين رئيسيين ، قسم يختص بالتاريخ الإسلامي والآخر يختص بالحقب التاريخية التي سبقت الإسلام ومنها أحداث خاصة بحقبة الساسانيين ، ومحتويات المتحف تم تجميعها من جميع مناطق إيران ، من خراسان وأطراف بحيرة قزوين وبلوشستان وغيرها من المناطق الإيرانية المترامية .

الشعب العماني يمثل قيمة

غالية لدى الإيرانيين

وفي وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي تحدث مساعد الوزير للصحافة والصحفيين حسين انتظامي مؤكدا أن الشعب العماني يمثل قيمة غالية لدى الشعب الإيراني ، والحكومة الإيرانية لن تنسى دور جلالة السلطان قابوس ، كما تعرفون فإن الاتفاق النووي كانت بداية مفاوضاته بمبادرة من جلالة السلطان قابوس ، وتواجدكم هنا حاليا يمثل جانبا من رغبتنا في توسيع آفاق التعاون الثنائي في شتى المجالات التي منها المجال الإعلامي الذي يحظى ، كما هو في عمان باهتمام ورعاية واسعة على الصعيدين الرسمي والخاص وتتعدد الإصدارات المطبوعة والمرئية والمسموعة لتتجاوز 800 منها حوالي 200 صحيفة محلية تتنوع بين العلمية والاجتماعية والسياسية والسياحية والاقتصادية والطبية والفنية والرياضية ، ومن بين الصحف 30 صحيفة حكومية و100 صحيفة تصدر باللغة العربية وأغلبها على شكل مجلات أسبوعية وفصلية ولدى حكومة الدكتور روحاني اهتمام جدي بتوسيع عمل الصحافة وفق قوانين وضوابط وتحت مظلة هيئة الإشراف على الصحافة على رأسها وزير تضم قاضيا وممثلا لمجلس الشورى وهي تتكون من سبعة أشخاص .

(أرنا) مؤسسة شاملة تصدر

5 صحف وتؤهل الصحفيين

وفي مقر وكالة الأنباء الإيرانية (أرنا) بطهران لمسنا أن هذه المؤسسة غير عادية وهي تضاهي نظيراتها من المؤسسات العالمية الكبرى ، ولا يقتصر دورها في بث الأحداث المحلية والدولية ومواكبة التقنية الحديثة فهي تقوم بأدوار متعددة وتصدر خمس صحف يومية بالفارسية والعربية ولها إصدارات للمكفوفين ، وهي لا تتلقى دعما ماديا من الحكومة رغم أنها مؤسسة حكومية تضم 500 موظف ثلثهم من النساء ، ولدى وكالة (أرنا) مركز تدريب متكامل يؤهل الصحفيين ميدانيا للعمل الصحفي والإعلامي ، ويتفاعل مع بث وإصدارات هذه المؤسسة التي تعتمد كثيرا على وسائل التواصل الاجتماعي 30 مليون متابع كما ذكر لنا المسؤولون الذين يؤكدون على أن أزمة أسعار النفط لم تؤد إلى تقليل إصدارات المؤسسة أو أعمالها على كافة الأصعدة..