956657
956657
العرب والعالم

زيادة في القوات وتوافق مع روسيا

16 مارس 2017
16 مارس 2017

استراتيجية ترامب العسكرية -

واشنطن - أثير كاكان - الأناضول:-

مع اقتراب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من إكمال أول شهرين له في البيت الأبيض، بدأت تتضح بعض ملامح استراتيجيته العسكرية، والتي يبدو أنه سيكون من أبرزها زيادة القوات الأمريكية في الخارج، لا سيما في سوريا وأفغانستان، وتسليح دول الخليج العربي في مواجهة «النفوذ الإيراني» وتنظيم «داعش»، فضلا عن التعاون مع روسيا، القطب المنافس للولايات المتحدة الأمريكية، في الحرب على «داعش».

ورغم أن هذا قد يبدو إلى العديدين من مؤيدي الجمهوري ترامب (70 عاما)، الذي تولى السلطة في 20 يناير الماضي، خارطة طريق لانتصارهم على «داعش»، إلا أنها في الحقيقة، ووفق خبراء، تطبيق شبه حرفي لسياسات سلفه (الديمقراطي) باراك أوباما (2009-2017)، الذي كثيرا ما انتقد ترامب ولا يزال سياساته الخارجية.

وقال خبير الشؤون العسكرية، مدير مركز السياسات الدولية بواشنطن، ويليام هارتونغ، إن «الرئيس ترامب لن يمتلك أي خيار غير الذي اتبعه سلفه أوباما، وهو عدم الزج بالجيش الأمريكي في حروب مباشرة قد تكون لها عواقب مشابهة كتلك التي تلت حرب الرئيس الأسبق جورج بوش الابن (2000-2008) ضد العراق عام 2003».

ومضى هارتونغ، قائلا في حديث للأناضول، إن «إدارة ترامب تريد على ما يبدو تصعيد الحضور العسكري في المنطقة (الشرق الأوسط)»، ومشددا على أن «استراتيجية ترامب العسكرية لا تزال غير واضحة»، أعرب عن اعتقاده بأنه «خلال الأشهر القليلة القادمة، واستنادا إلى رد فعل الكونجرس والرأي العام الأمريكي، سنستطيع استشعار إذا ما كان (ترامب) سيصبح أوباما مع بعض التغيير، أو أنه سيتبع استراتيجية جديدة».

نشاط عسكري متصاعد

للولايات المتحدة الأمريكية 8400 عسكري في أفغانستان، لكن توجد دعوات إلى زيادة عددهم، فخلال جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي، يوم 9 فبراير الماضي، قال قائد قوات التحالف في أفغانستان، الجنرال جون نيكولسون، إن قيادة القوات الأمريكية في أفغانستان «تملك موارد كافية لأداء مهمة مكافحة الإرهاب، لكنها تعاني عجزاً قدره بضعة آلاف (من القوات والمستشارين العسكريين) في مجال تدريب وتوجيه القوات الأفغانية».

ومنذ دخول ترامب البيت الأبيض، زادت الهجمات الأمريكية بطائرات دون طيار في اليمن، فضلا عن الإنزال الجوي، الذي تقول واشنطن إنه استهدف عناصر من «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» باليمن يوم 29 يناير الماضي.

وفي سوريا، كان لواشنطن 500 عسكري، ثم نشر ترامب 400 عسكري إضافي، لتقديم الدعم الناري والمشورة لما تسمى بـ»قوات سوريا الديمقراطية»، وتردد واشنطن أن هذا الدعم لـ»قوات سوريا الديمقراطية» يستهدف في مرحلة ما تحرير مدينة الرقة السورية (شمال) من «داعش». ووفق صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية فإن استراتيجية ترامب في الرقة «موازية لمنهج الولايات المتحدة في (مدينة) الموصل (425 كم شمال العاصمة العراقية بغداد)، وتعكس بشكل كبير الفرضيات التي قادت عملية التخطيط خلال حقبة إدارة أوباما».

ورجحت الصحيفة، الخميس الماضي، أن استراتيجية ترامب في الرقة ستتمثل في أن «القوات السورية ستقود معظم المعارك البرية، لكن الأمريكيين سيساعدونهم بالمستشارين والقوة النارية».

دعم عسكري للخليج

على صعيد دول الخليج العربي، رجح هارتونغ أن «ترامب سينهي الوقف المؤقت، الذي فرضه أوباما، على مبيعات ذخائر الصواريخ الموجهة، إلى السعودية، وطائرات «أف 16» المقاتلة إلى البحرين، بعد أن كانت الإدارة السابقة قد أوقفت هذه المبيعات لأسباب إنسانية».

ومضى قائلا إن «ترامب ربما يمضي إلى أبعد من ذلك بإنشاء نظم مضادة للصواريخ في المنطقة (دول الخليج) بأكملها، عن طريق وضع كل واحدة منها في دولة، ومن ثم فتح قناة اتصال مع بعضها البعض، وهو مشروع قيد البحث منذ مدة طويلة وتكلفته المالية مرتفعة».

واعتبر أن «ترامب قد يحاول فعل شيء جديد مع دول الخليج، إلا أن ذلك سيكون مبنيا على شيء قد فعله أوباما».

محاربة النفوذ الإيراني

وفق زميل مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي بواشنطن، المحلل السياسي، ريتشارد سكولوسكي، فإن رؤية الرئيس ترامب، بعد استلامه مقاليد الحكم، لدول الخليج قد تغيرت عما كانت عليه أيام حملته الانتخابية.

وأضاف سكولوسكي، في مقال نشره موقع «كارنيغي» الإلكتروني، يوم 7 مارس الماضي، أن ترامب بات يسعى إلى تقوية علاقاته مع دول الخليج لتحقيق ثلاثة أهداف حيوية، وهي: «محاربة النفوذ الإيراني، وجمع دول الخليج لمحاربة داعش، إضافة إلى التفاوض على (تحقيق) السلام بين إسرائيل والفلسطينيين».

تعاون مع روسيا

وفي أكثر من مناسبة، أعربت إدارة ترامب، الذي كثيرا ما أشاد بالرئيس الروسي، فيلاديمير بوتين، عن استعداد الولايات المتحدة الأمريكية للعمل مع روسيا ضد «داعش»، الذي ينشط في العراق وسوريا بشكل أساسي.

وردا على سؤال حول إمكانية تعاون واشنطن مع موسكو في محاربة «داعش»، أجاب المتحدث باسم البيت الأبيض الأمريكي، شون سبايسر، الإثنين الماضي: «لن أبدأ باستبعاد بلد واحد»، وتابع سبايسر: «لكنني أعتقد أن الرئيس (ترامب) كان واضحا فيما مضى بأن أي بلد يشاركنا التزامنا في هزيمة داعش، ونستطيع العمل معه في مجال لدينا اهتمام مشترك فيه، فسوف نفعل ذلك».

ومنذ 30 سبتمبر 2015، تشن روسيا، الداعم الرئيس للنظام السوري، غارات جوية في سوريا تقول إنها تستهدف مواقع لـ«داعش»، بينما تقول فصائل المعارضة إن الغارات الروسية تستهدفها بالأساس، وهو ما تنفيه موسكو.

زيادة الإنفاق العسكري

مع تزايد النشاط العسكري الأمريكي منذ دخوله البيت الأبيض، طالب الرئيس الأمريكي من الكونغرس زيادة الميزانية المخصصة لوزارة الدفاع (بنتاجون)، لتزيد بمقدار 54 مليار دولار عن ميزانية «البنتاجون» لعام 2016، لتصل بذلك إلى 603 مليارات دولار.

ويسعى ترامب إلى استقطاع أجزاء كبيرة من ميزانية وزارة الخارجية وبرنامج المساعدات الأجنبية التابع لها بغية زيادة النفقات العسكرية، وهو أمر يرى مراقبون أنه غير قابل للتنفيذ بسبب أهمية وزارة الخارجية وبرنامج المساعدات الأجنبية.

ووصف هارتونغ الزيادة التي طلبها ترامب على ميزانية «بنتاجون» بأنها «غير ضرورية»، معتبرا أن ترامب بحاجة بدلا من ذلك إلى «استراتيجية واضحة»، ومحذرا من أن هذا سيقوده إلى «ما كان يتهم به أوباما وهو عدم امتلاك منهج فعال».

تحذير من معركة واسعة

مع اتضاح بعض ملامح إستراتيجية ترامب العسكرية، حذر هارتونغ، المعروف بانتقاده سياسات التسلح التي تتبعها واشنطن، من «خطورة انجرار ترامب إلى معركة واسعة.. أعتقد أننا عند تلك النقطة الحرجة».

وتابع بقوله إن تورط الولايات المتحدة في حروب الشرق الأوسط سيبدأ عندما «ينشر (ترامب) المزيد من القوات دون أن تحدث فرقا، فسيكون هنالك حاجة إلى إرسال المزيد والمزيد والمزيد، لأنه (ترامب) وعد بمحوهم (مسلحي داعش) في فترة قصيرة، وبالطبع هذا مستحيل».

وأعرب هارتونغ، مؤلف كتاب «أنبياء الحرب»، عن «عدم التفاؤل بقدرة العسكريين، الذي يحيطون بترامب، على كبح جماح توجهاته العسكرية، لكنهم سيكون أكثر تقيدا وخبرة عسكرية من (ستيف) بانون (رئيس فريق الرؤى الاستراتيجية في إدارة ترامب) وأشخاص آخرين في البيت الأبيض».

ويحيط ترامب نفسه بثلاثة عسكريين رفيعي المستور ومعروفين في الجيش الأمريكي، وهم وزير الدفاع الجنرال المتقاعد، جيمس ماتيس، ووزير الأمن الوطني، جون كيللي، ومستشار الأمن القومي، هربرت ريموند مكماستر.