abdullah
abdullah
أعمدة

رماد: الصُمود

15 مارس 2017
15 مارس 2017

عبدالله بن محمد المعمري -

[email protected] -

إن الساعة التي أرتديها في معصمي ماهي إلا مؤشر لذلك الوقت الذي ينقضي من هذه الحياة، العمر يمضي في تناقص أجهل أين يذهب أو كيف ينصرف من هذا العمر، ولكني مدرك بأن هنالك دقائق تعبر محيط تلك الساعة في الاتجاه الصحيح، يكون فيها الصمود عنوانا أكبر اتساعا من الساعات أو الأيام التي انقضت في كثير من الأحيان.

أبحث في تلك الدقائق رسائل للقلب بأن لا يشتكي، وللعين بأن لا تدمع، فأنا رجل أملك من القوة ما قدّره الله لي، لا ينثني معها العزم إن انتشر الشوك على مسار الطريق، فمن بين ذلك الشوك هنالك زهر ذو شذا جميل، ولون أجمل، معه ومع التعب ابتسم وأمضي نحو المسير. ولن تكن تلك الصخرة عقبة في ذات الطريق، فلقد كانت محطة استراحة تحت ظلها حين استدارة الشمس للاختباء خلفها.

خلقت حرا كذلك العصفور الذي يغادر العش في الصباح باكرا، يمضي نحو جمع قوته تارة، وتارة أخرى يصلح ويبني عشا جديدا، لا أقسو على نفسي، ولا أجملها بما لا تستحق، أتزن فيما أريد ولا أحقق لتلك النفس كل ما تريد، وما انكسر بالأمس، فإما أن أصلحه اليوم، أو أتخلص منه إلى الأبد، فالشعور بمثل هذا الأمرر صمود يجعل النفس تستلذ الصعاب، وتشرق معها شمس الطموح، بغد أكثر تفاؤلا من هذا اليوم الذي قد يكون كئيبا.

أدركت بعد هذا العمر وما انقضى منه من أعوام وشهور وحتى ساعات ودقائق بأن الناس لا يصنفون الأحياء إلا بالأموات، ولا يصنعون للأموات سوى ذكريات تسردها الأفواه تارة، وسطور الكتب تارة أخرى، ما تلبث إلا أن تتلاشى مع مرور السنوات، وأدركت بأن ما أبنيه اليوم، هو لمن أحب في الغد، لهذا فصفعة العمر تشفى بالشقاء في هذه الحياة، حينما يثمر ذلك الشقاء بحياةٍ بعد موت، أيّا كان نوع ذلك الموت، أهو في الفكر أو في القلب أو حتى في عمل لم يكن يُنجز كما يجب.

الصمود صفة العقلاء، ومنجاة النبلاء، ممن يمتلكون السمو، وإن رحل عنهم أو تركهم من يساندهم، فأنا مع تلك القوة التي منبعها “الله”، فقد خلق الكون للتعمير، لا للتدمير، وأنا جزء من هذا الكون، بل وخليفة الله في أرضه التي هي مقر هذا الكون، المسخر لي، فما أجمله من صمود!