randa-s
randa-s
أعمدة

عطر : مطلوب رجل تحت “راية المسؤولية”

15 مارس 2017
15 مارس 2017

رندة صادق -

عنوان جريء لكنه مطلب محق يرتبط بثنائية الوجود بين (الرجل والمرأة)، الحياة رجل وامرأة شئنا أم أبينا، والعالم يخصص هذا الشهر ليحتفل بمناسبات تتعلق بالمرأة وحدها، أولها يوم المرأة العالمي الذي يُحتفل به بالثامن من مارس من كل عام، ولهذا العيد مناسبة كارثية خلدت هذا اليوم في تاريخ البشرية الحديث، هو ليس عيدا بمعنى العيد، بل هو نكبة وتوثيق لجريمة بشعة حدثت في 8-3-1908 في أمريكا، حيث قام أحد أصحاب مصانع النسيج بإغلاق أبواب المصنع على العاملات ثم قام بحرق المصنع بسبب إضرابهنّ عن العمل داخل المصنع لتحسين أجورهن، مما أدى إلى وفاة مائة وتسع وعشرين امرأة من الجنسية الأمريكية والإيطالية، وقد أصبح هذا اليوم رمزا وذكرى لظلم المرأة ووحشية رد الفعل على مطالبتها بحقوقها، هو يوم حزين وليس عيدا كما يظن البعض ويعترض عليه، نحتاج أن ننعش ذاكرة العالم عن تاريخ الإساءة للمرأة، في الربع الأخير من هذا الشهر “عيد الأم” هي الدنيا هي الحضن هي الملاذ هي كل الذاكرة وكل الطفولة التي لا ترغب في أن تكبر، في داخل كل منا طفل يَشتم عطر أمه، ويدندن كلماتها ويتذوق طعامها فطعام أمي ساحر ووجه أمي أجمل الوجوه، وصوتها ترتيلة ملائكية، لطالما ظننت أن الشمس تشبه أمي وأن القمر طلتها وأن الربيع حكاياتها، وكل ما عرفته عن ديني ودنيتي “أمي” هذا اليوم هو يوم استحدث في بداية القرن العشرين من قبل المثقفين والمفكرين الغربيين تعبيرا عن تقديرهم للأم ولدورها، وهو يوم يختلف تاريخه من دولة لأخرى، فمثلا في العالم العربي يكون اليوم الأول من فصل الربيع أي يوم 21 مارس، أما النرويج فتقيمه في 2 فبراير، أما في الأرجنتين فهو يوم 3 أكتوبر، وجنوب أفريقيا تحتفل به يوم 1 مايو. وفي الولايات المتحدة يكون الاحتفال في الأحد الثاني من شهر مايو من كل عام.

في كل هذه المناسبات هناك أمر غائب أمر يجعل النساء بيد واحدة وقلب مقسوم ينتظر أن يسكنه الحب والسكينة وعقل يعمل بنصف طاقته، ينقصها رجل يدرك فيدعم ويبادر ويحتوي ويحب. المرأة المعاصرة امرأة خذلتها مفاهيم الرجولة التي تربت عليها، فاختلت النماذج من حولها، نحن النساء زُرع في وجداننا وذاكرتنا صفات للرجولة وصلت الينا من الحديث عن بطولات الرجل في الحياة عامة، ولكن الرجل المعاصر لم يعد رجلا يملك صفات قوية كما كان يوصف بها، صفات الفارس الشهم، القوي المبادر، شمشون الجبار، وأطلس حامل السماء، الرجل اليوم تقهقر دوره وتراجع في كثير من المجتمعات، لأنه تنازل عن جزء كبير من دوره وتنحى أمام حضور المرأة التي غزت سوق العمل بقوة ونافسته وأصبحت تنتج أكثر منه، المادة هي الخلل الأساسي الذي جعل المرأة تتصرف بندية وقوة ولا تشعر بحضور الرجل القوي بحياتها، خاصة أنه اعتمد عليها إلى حد كبير، نعم نرغب برجال أقوياء ومسؤولين يُعيدوننا إلى طبيعتنا يُعيدوننا إلى رقتنا وتلقائيتنا.

نحن معشر النساء لا نحتاج يوما للمرأة أو للأم نحتاج يوما “للعائلة”، يوما يمنحنا القوة معا لبناء المجتمع بمنطق الرضا عن الأدوار المرسومة لنا، لا يحتاج المجتمع إلى رجل عنيد يبطش بالمرأة ويحجمها ولا يتقي الله بها، وكذلك لا يحتاج إلى امرأة مسترجلة تظن نفسها أهم من شريك حياتها. أعيدوا لنا توازننا الطبيعي وارحموا الأسرة من تأثير الواقع الاستهلاكي والاقتصادي على نواة المجتمع، نحن نلعب دور “ الكومبارس” في حياتنا فمن يديرنا أكبر من إرادتنا.

إلى الرجل: لا تتخلى عن راية المسؤولية فأنت مكلف بذلك من الله سبحانه وتعالى .