953392
953392
شرفات

أغاني الزراعة التقليدية.. أداء المزارع ونداء الأرض

13 مارس 2017
13 مارس 2017

الباحث : جمعة بن خميس الشيدي -

هناك العديد من الأغاني الخاصة بعملية الزراعة والحراثة، وهي تختلف في الأداء، وتتفق في الهدف منها، وهي تحميس المشتغلين في هذا المجال، وتحفيزهم على بذل مزيد من الجهد والعمل، وسنتناول فيما يلي ثلاثة نماذج لهذه الأغاني والأهازيج.

1 ـ الجازرة

الجازرة وتُنطق (يازرة) في بعض المواقع من محافظتيّ الباطنة، وتُسمّى «زاجرة» أيضًا كما في بعض الأماكن الأخرى مثل محافظتيّ الداخلية والشرقية، ومصطلح «جازرة» يُطلق على التركيبة الخشبية (الآلة) التقليدية التي كان العُمانيون يستخدمونها في رفع المياه من الآبار العميقة لسقي مزروعاتهم.

والجازر أو الزاجر هو الشخص الذي يقوم بهذا العمل ويؤدي الغناء الذي يُواكبه أثناء رفع الماء من الآبار العميقة بواسطة ثور كبير، وهو صاحب المقود الذي يقود الثور جيئة وذهابا في المكان المخصّص لحركته في (الخب) كما في محافظات الباطنة والداخلية والظاهرة وهو يغني.

وهذا النوع من الأعمال الشاقة يتطلب جهدا وصبرًا ويستغرق وقتا طويلا، ودور الغناء فيه محوري ويُحقق أهدافا مهمة، فالجازر (صاحب المقود) الذي يقوم بالعمل على الجازرة يُغني ليُسلي نفسه بهذا الغناء كي يسهل عليه أداء عمله، فتمر الساعات الطوال عليه دون ملل أو ضجر، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن ذلك الغناء يطرب الحيوان، ويستمتع به فتراه يشنّف أذنيه لسماع ذلك الغناء مع النغم الموسيقي الصادر من العجلة (المنجور)، ويُصبح أكثر حيويةً ونشاطًا، فيستسلم لصاحب مقوده وتنسجم حركتهما معًا في الخب خلال فترة العمل الطويلة، هذا ما يُؤكّده المشتغلون في هذا العمل من المزارعين.

ويُعرف الغناء في الجازرة باسم (المهوبل)، فيقال: «اليازر يهوبل»، وهو غناءٌ جميل يغلب عليه طابع الشجن الممتزج بشيء من البهجة والتأمل، وليس لهذا الغناء نصوص شعرية تختص به، فقد تكون نصوصه من شعر المسبّعات، أو شعر الطارج البدوي أو السيع كما في شمال الباطنة، أو غيرها من الأشعار التي تتّفق والعمل الذي يقوم به المُغني.

ومن أمثلة هذه النصوص ما يلي:

حطّيت مـِ اليازرة جالوا بعد غبّـر

واليوع في مْضامري والويه متكدّر

يا طير طاير ضحى سلّم على بلادي

وسلّم على فاطمة بنت النبي الهادي

لا تْكثـّر الدوس عـ الخلان بيـملوك

لو كنت خاتم ذهب في الأرض ما شلوك

2ـ الجِدَاد

الجداد هو الغناء أثناء حصاد تمر النخيل، يُؤديه جميع من يقوم بهذا العمل، وخاصة الشباب والأطفال أثناء لقاط حبات التمر التي حُصدت، وتم جمعها ثم وضعها في الأماكن المخصصة لها. ويُغنيه كذلك الجدّاد الذي يقوم بعملية حصاد النخل. ومن أغانيه التي لا يخلو الكثير منها من الدعابة في كلمات نصوصها هذه الأمثلة من شلات الغناء:

ـ طاح موراده الجدّاد

يخدم على وْلاده الجـدّاد

لقطوا لقطوا البسر

بنـعشـيكم عصـر

لقطوا لقطوا الهـماد

بـنـعشـيكم سـماد

ـ باه سيف اعطينا فلوسنا

والشمس حرْقـت روسنا

باه سيف أعطينا غوازينا

باه سيف عن لا تْـجازينا

باه سيف نـلقـط لـك بـسرك

باه سيف طيـنا حصى نْـكسرك

3ـ الحرث

«الحرث» هو حراثة الأرض وتقليبها أو كما يُطلقون عليها في الدارجة العُمانية في بعض المواقع «الهياسة»، وهي عملية حرث الأرض بواسطة الأدوات التقليدية كالمحراث التقليدي الذي تتم صناعته من قبل حرفيين عُمانيين مهرة من الخامات المتوافرة في البيئة العُمانية مستخدمين الحيوانات لجر ذلك المحراث كالثيران التي يتم استخدامها في شمال عُمان أو الجمال في جنوبها.

فيغني صاحب مقود الثور أو الجمل أثناء قيامه بهذا العمل، وهذا الغناء مثله مثل غناء الجازرة ليس له نصوص خاصة به فيتم الغناء فيه من شعر المسبّعات أو ما يتوافق مع نوعية هذا العمل من النصوص.