humada
humada
أعمدة

مشكلة

12 مارس 2017
12 مارس 2017

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

تذهلني كثيرا قدرة البعض على تحويل كل حدث عارض إلى مشكلة كبيرة، والأدهى والأمر أن هذه الفئة من الناس رغم قدرتها الخارقة على إيجاد المشاكل وتحليلها إلا أنها لن تحرك ساكنا لاتخاذ خطوة للمساهمة في حل تلك المشكلة التي اختلقوها للتو، وإنما تجدهم يجرونك معهم في دوامة لا تنتهي من الشكوى والتذمر، فمهاراتهم تكمن فقط في معرفة الشخص المتسبب في المشكلة، ويعتقدون أن تنقيبهم الدائم عن المشاكل هو معروف يسدونه لك أو للمؤسسة، لكن مهارة هذه الفئة تكمن فقط في إيجاد المشاكل لا إلى اقتراح حلول لها، المشكلة الكبرى أن هذه الفئة موجودة وبكثرة من حولنا، لذا فإن معرفة طريقة التعامل معها في غاية الأهمية، لعل أبسطها هو عدم إعطائها فرصة للشكوى والتذمر، وذلك من خلال مطالبة خبير المشاكل بإيجاد حل لأي مشكلة يطرحها، على مدى سنوات من عملي كقيادية، اكتشفت أن هذا الأسلوب لا يجعل الموظف يفكر قبل أن يبدأ مسلسل الشكوى والتذمر فقط، لكنه يجبره على التفكير وابتداع الحلول، دائما ما أبادر من يأتي إلي بمشكلة وبعد أن أصغي إليه بانتباه بسؤال واحد: ما هو الحل برأيك؟

أحيانا كثيرة تكون المشاكل فعلا موجودة إذ ليس بالضرورة أن تكون مفتعلة، لذا فإن الإصغاء بحذر للشاكي المتذمر مهم دون أن تفقد السيطرة وتجعله يجرك معه في مستنقع من المشاكل المفتعلة، كثير من مشاكلنا سواء في محيط العمل أو البيت ممكن حلها بتطوير مهارة التواصل مع الآخرين، وتعلم فن الإنصات، وطرح الأسئلة، وعدم مقاطعة المتحدث، كثيرا جدا ما يساء فهم سكوتي شخصيا بأنه لقلة معرفة أو عجز عن التصرف، لكن التجربة فعلا أثبتت لي بأن، إعطاء نفسي فرصة للإصغاء للطرف الآخر غالبا ما يكشف لي أن المشكلة ماهي إلا عارض لمشكلة أكبر، عندما يأتي لي أحدهم بمشكلة وأنصت له باهتمام ثم أطرح عليه السؤال التالي: والحل؟ المتعامل معي للمرة الأولى يربكهم السؤال والمتذمرون سيفكرون مائة مرة قبل أن يأتوا إلي بشكوى لمجرد الشكوى، أما من يعرفني جيدا فسيأتي بالمشكلة ومعها فكرته عن حلها الذي من الممكن أن اتفق معه أو أختلف لكن ليس بدون نقاش مطول إما أن يقنعني أو أقنعه، هذه الطريقة على مدى عقود أوجدت فريق عمل مفكرا ومبدعا لا يخشى النقاش وإبداء الرأي.

هناك مشاكل بالطبع ليس لنا سلطة عليها كتقلبات الطقس والاقتصاد والأحداث السياسية، بالتالي فإن الحديث فيها لا يجد نفعا، سوى أنه يدخلنا في دوامة من اليأس والإحباط نحن في غنى عنها، لكن المشاكل التي قد أكون سببا فيها أو أستطيع المساهمة في حلها هي فقط التي أشعر بأنني يمكن أن أتحدث فيها، وفي كل الحالات حل المشكلة ليس بالشكوى والتذمر، وإنما بمحاولة إيجاد حل أو اقتراحه إن لم يكن حله بيدي، لأن الشكوى تولد الإحباط ومزيد من الإحباط ليس إلا.