abdallah
abdallah
أعمدة

هوامش...ومتون: «شهر زادات» مع سبق الإصرار !

11 مارس 2017
11 مارس 2017

عبدالرزّاق الربيعي -

[email protected] -

ثلاث كاتبات عمانيّات عرضن نتاجهنّ الروائي الأول في الدورة الأخيرة لمعرض «مسقط» الدولي للكتاب، وهنّ نعيمة المهريّة (جرأة الياسمين) الصادرة عن بورصة الكتب المصرية، و منى بنت سالم المعولية (خضراء الدمن) الصادرة عن دار دجلة، وراوية الشكيلية (سطو على قمر)، الصادرة عن دار الانتشار العربي ببيروت، ووقفن إلى جوار رواياتهنّ بفخر، واعتزاز، وقمن بالتوقيع عليهن، لمن رغب، بثقة يحسدن عليها، وهذا ما حفّزني للحصول على الروايات، وإدراجهنّ ضمن برنامج القراءة الذي سأبدأ به، قريبا، إن شاء الله، لذا، لن أتحدّث،في هذه السطور، عن محتوى الروايات، ولا القيمة الفنية لما كتبن، بل أنوي التوقّف أمام الإعجاب بالجسارة التي تمتلكهنّ «الشهرزادات»، في اقتحام قلعة محصّنة هي قلعة الرواية، الفن الأدبي الأصعب، كما يتّفق الكثير من الكتّاب، ونقّاد الأدب، بغضّ النظر إن كانت هذه الجسارة ناتجة عن عدم معرفة بخطورة المغامرة!، أم عن امتلاكهنّ روح التحدّي، التي تجعل درجة الحماس عالية، للقفز إلى القمّة، بغية إثبات الذات، وذلك يتطلّب مضاعفة الجهود، لتجاوز الصعوبات التي تعترض طريقهنّ، بما فيها طباعة رواياتهن على النفقة الشخصيّة، وهذا الأمر يشتركن به، مثلما تشترك اثنان منهنّ في عدم نشر أيّ نتاج أدبي في الصحف، والمجلات، أما منى المعولية فقد نشرت عددا من النصوص في مجلة (التكوين)، كما قالت خلال استضافتها ببرنامج إذاعة الوصال (كتاب من مسقط) للزميل نصر البوسعيدي.

هذا الحماس، المنقطع النظير، لكتابة الرواية، جعل إحداهن تنجز كتابها خلال شهرين ونصف! بينما يمضي كتّاب معروفون سنوات في البحث، وجمع المعلومات، وتدوين كلّ ما يخصّ الشخصيّات، قبل البدء بالكتابة، أو خلالها!

ومن ثمّ الإصرار على طباعة ما كتبن، وتجشّم الصعوبات، والبحث عن منفذ النشر خارج السلطنة، وهذا يجعلنا نتساءل عن الدافعيّة التي تجعلهنّ يصعدن متن هذا المركب الذي يهابه الكثيرون، فكتابة الرواية تحتاج إلى خبرة في الكتابة، وتجربة في الحياة، وثقافة واسعة، ومخيّلة خصبة، وقدرة عالية على بناء الجملة بشكل سليم، وصبر على الكتابة، بخاصة إذا كانت من النوع الطويل كما في رواية ( سطو على قمر) التي تتألف من 323 صفحة !

والمعروف أنّ الكثير من الكتّاب يبدأون بكتابة الشعر، باعتباره «أقرب الأسلحة إلى اليد» حسب وصف د. حاتم الصكر، وحتّى نجيب محفوظ بدأ شاعرا، وكذلك أحلام مستغانمي التي كانت شاعرة في مقتبل حياتها، قبل أن تدوّن(على مرفأ الأيّام)، والبعض يبدأ حياته الأدبيّة بكتابة الخواطر، كما نرى في الكتابات الأولى لطالبات المدارس، كون الكاتب الناشئ يستقي كتاباته من نيران الذات التي تكون في أوجّ اشتعالها، فتوفّر له مصدرا خصبا، وفي بعض الأحيان يجنح الكاتب الناشئ إلى القصّة القصيرة، لكن أن يبدأ الكاتب رحلته بكتابة رواية، فهذا أمر لا يخلو من المغامرة!

وقد تكون لهذا التوجّه الذي لمسته عند بعض الفتيات الخليجيات أسباب، ربّما من بينها إنّنا نعيش عصر الرواية، كما يذهب إلى هذا الدكتور جابر عصفور، في كتابه «زمن الرواية»، فاحتّلت منزلة رفيعة ضمن اهتماماتنا حتى عدّت (ديوان العرب) لتزيح الشعر عن عرشه، وتجلس مكانه، كما يذهب بعض المنبهرين بالرواية.

وهناك أسباب أخرى لعلّ أبرزها الإعجاب بالدويّ الذي لاقته روايات حقّقت مبيعات عالية في أسواق الكتب، ونالت كاتباتها شهرة واسعة، كـالكاتبة السعودية رجاء الصانع بعد نشرها رواية «بنات الرياض»، هذا النجاح حفّز العديد من الكاتبات الخليجيّات على تكرار التجربة، وهناك سبب نفسي يكمن في ميل المرأة إلى السرد، والبوح، وذكر أدقّ التفاصيل في الأحاديث، لتكون كلّ واحدة منهنّ (شهرزاد) جديدة، ولكن هل هن متمكنات من صنعتهن الروائيّة؟

هذا ما سنعرفه حين نقرأ الروايات، ونصغي إلى حكايات (الشهرزادات).