أفكار وآراء

جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة يعززه برنامج تسويقي استراتيجي

11 مارس 2017
11 مارس 2017

د. محمد رياض حمزة -

[email protected] -

تمتلك السلطنة كافة مقومات جذب الاستثمار الأجنبي التي يمكن أن تجعل من البرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي مسهما أكبر في تنمية الناتج المحلي الإجمالي ومضاعفة الدخل القومي للسلطنة. وإن هذا الكم من الجهد الذي تعمل معظم المؤسسات الحكومية لتنفيذ المشاريع الاستراتيجية الواعدة في برنامج «تنفيذ». ويجب أن يقترن العمل ببرنامج تسوق لتعريف المستثمرين على صعيد العالم. أظهرت إحصاءات للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات، أن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الكلية في السلطنة بلغ 7.03 مليار ريال (18.3 مليار دولار) حتى نهاية الربع الثالث من 2016. وأفاد المركز أن نشاط استخراج النفط والغاز استحوذ على النصيب الأكبر من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر، حتى نهاية الفترة المذكورة. بقيمة 3 مليارات ريال (7.8 مليار دولار)، حيث أسهم بنسبة 43%.. وجاء قطاع الوساطة المالية في المرتبة الثانية بنسبة 20% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر حتى نهاية الربع الثالث من 2016، بقيمة بلغت نحو 1.4 مليار ريال (3.6 مليار دولار)، تلاه قطاع الصناعة والأنشطة العقارية بنسبة 14% و8.8% على التوالي. وحسب الإحصاءات تصدرت المملكة المتحدة قائمة الدول في الاستثمار الأجنبي المباشر في السلطنة بقيمة 2.8 مليار ريال (7.3 مليار دولار)، وتركزت معظم استثماراتها في نشاط استخراج النفط والغاز، تلتها دولة الإمارات بـ924 مليون ريال (2.4 مليار دولار)، ثم الكويت وقطر ومملكة البحرين.

الاستثمارات الأجنبية المباشرة هي استثمارات يقوم بها أشخاص (طبيعيون أو معنويون) مقيمون في بلد معين خارج حدود هذا البلد، وتأخذ شكل إنشاء مشاريع جديدة أو تملك حصص في رأس مال الشركات القائمة، على أن تقترن هذه الملكية بالقدرة على التأثير في إدارة هذه الشركات.

حدد التقرير السنوي لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد ــ 2016 ) أدنى للحصة الواجب تملكها في رأس مال الشركات الأجنبية (10% أو أكثر) وذلك حالات الاستثمار في العالم. وذلك للتمييز بين الاستثمارات الأجنبية المباشرة بين بالاستثمارات بالمحافظ (أقل من 10%). وجاء في تقرير للجزيرة الفضائية أن دول العالم قاطبة -المتقدمة منها والنامية- منذ شيوع اقتصاد السوق، تتسابق لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتودد إلى المستثمرين العالميين والشركات المتعددة الجنسيات من خلال عرض رزمة من الحوافز، على أمل استقطابهم والظفر بحصة من استثماراتهم في الخارج. تحقق الاستثمارات الأجنبية المباشرة مكاسب مهمة لفائدة البلدان النامية، وتعود عليها بمجموعة من المنافع مثل المساهمة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية. ونقل الخبرات والمعرفة، وتوطين التكنولوجيا. وتوفير مصادر تمويل جديدة بالعملة الصعبة. وتوفير فرص عمل إضافية والمساهمة في نمو الاقتصاد الوطني. وتنمية الصادرات وتحسين وضعية الميزان التجاري. وتختلف أهمية كل شرط من الشروط المذكورة باختلاف القطاعات الإنتاجية التي تستهدفها الاستثمارات الأجنبية، واستراتيجيات المستثمرين، وبلدانهم الأصلية، والأفق الزمني لاستثماراتهم. يختلف إذا الاستثمار الأجنبي المباشر عن الاستثمار في الأوراق المالية في أن الأول ينطوي على تملك المستثمر الأجنبي لجزء من الاستثمارات في المشروع المعين أو كلها. هذا فضلا عن قيامه بالمشاركة في إدارة المشروع مع المستثمر الوطني في حالة الاستثمار المشترك، أوأنه يفرض سيطرته التامة على الإدارة والتنظيم في حالة ملكيته المطلقة لمشروع الاستثمار، بالإضافة إلى قيام المستثمر الأجنبي بتحويل كمية من الموارد المالية والتكنولوجية والخبرة الفنية في المجالات المختلفة إلى البلدان المضيفة. في حين ينطوي النوع الثاني من الاستثمار على تملك الأفراد والأشخاص المعنويين بعض الأوراق المالية دون ممارسة أي نوع من الرقابة أو المشاركة في تنظيم المشروع الاستثماري وإدارته، كما يعد الاستثمار في الأوراق المالية عموما استثمارا قصير الأجل بالقياس إلى الاستثمار الأجنبي

*عندما نستعرض ما سُمي بـ«المعجزات الاقتصادية» السنغافورية والماليزية وأخيرا وليس آخرا الصينية والهندية، يتركز الحديث على قادة دول المعجزات. ويُسهب الكُتّاب والمحللون في تعظيم القادة الذين كانوا المنفذين للنظم والمشاريع التي نقلت شعوب تلك الدول منتجة صناعية ومن حالة التخلف والفقر إلى وضع إنساني متقدم. نعم إن قادة «المعجزات» يستحقون كل الثناء وما مُدحوا به على دورهم في قيادة عملية التحول الاقتصادي والنمو. إلا أن القليل ما كُتب عن نخبة التكنوقراط من العقول الذين كانوا يعملون مع القادة فسنوا القوانين ووضعوا التشريعات التي فتحت أبواب دولهم وسهلت دخول الاستثمارات الأمريكية والأوروبية واليابانية. وضمنت رؤوس الأموال المستثمرة وأرباحها بما يفوق ما يمكن أن تحققه في أوطانها. ولعل ما يجب الإحاطة به وتبنيه من أجل إحداث التغيير في الواقع الاقتصادي عدد من الثوابت التي حولت دولا فقير معجزات.

وخلال عام 2015 ارتفع حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 38%، وبلغ إجمالي هذه التدفقات 1762 مليار دولار أمريكي. وتعد هذه الزيادة هي الأكبر من نوعها منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008، مما يؤشر على عودة حركة الاستثمار العالمي إلى الانتعاش من جديد. ويرجع هذا الارتفاع إلى تضاعف الاستثمارات الأجنبية في عمليات الدمج والاستحواذ التي شهدت ارتفاعا قياسيا، إذ وصلت إلى 721 مليار دولار مقابل 432 مليارا سنة 2014. في حين بقيت الاستثمارات الجديدة في مستوى مرتفع وناهزت مبلغ 766 مليار دولار. وسجلت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوافد على الاقتصادات المتقدمة نموا مضاعفا عام 2015 بالمقارنة مع السنة التي سبقتها، لتبلغ بذلك 962 مليار دولار. مما جعلها تستأثر بحوالي 55% من إجمالي هذه الاستثمارات. في حين حصلت الاقتصادات النامية على 765 مليار دولار، ولم يتجاوز نصيب الاقتصادات في طور التحول 35 مليار دولار. وحافظت الولايات المتحدة والصين على صدارتهما كأهم وجهتين للاستثمار العالمي، إذ استقبل الاقتصاد الأمريكي 380 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، في حين تمكن الاقتصاد الصيني من استقطاب 311 مليار دولار (منها 175 مليار دولار ذهبت إلى هونج كونج وحدها). وتليهما إيرلندا (101 مليار دولار) وهولندا (73 مليار دولار)، ثم سويسرا (69 مليار دولار) وسنغافورة (65 مليار دولار). تفردت السلطنة عن غيرها بتوفر الشروط الجاذبة للاستثمار الأجنبي. فمجمل الظروف والأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والمؤسساتية والإجرائية التي يمكن أن تؤثر على فرص نجاح المشروع الاستثماري في دولة معينة، أو القرار التي تأخذه شركة أو شخص ما بالاستثمار.

وبشكل عام تعتبر محددات الاستثمار عناصر متداخلة تؤثر ببعضها البعض ومعظمها عناصر متغيرة يخلق تفاعلها أوضاعا جديدة بمعطيات مختلفة وتستطيع أن نترجم آثارها كعناصر جاذبة أو طاردة للاستثمار.

يمكن تقسيم العوامل المحددة للاستثمار إلى محددات إدارية ومالية وفنية وقانونية. أمثلة على العوامل المحددة للاستثمار: سعر الفائدة والكفاية الحدية لرأس المال ودرجة المخاطرة والاستقرار الاقتصادي والسياسي والشفافية والبنية التحتية وغيرها. أما المقومات الذاتية الجاذبة للاستثمار الأجنبي فإن للسلطنة وليس لغيرها في الخليج. فالسلطنة من بين أكثر دول العالم استقرارا وأمنا. وموقها الجغرافي ميزة تتفرد بها. إذ تبدأ من ثغر الخليج العربي امتدادا إلى بحر عمان وإلى المحيط الهندي ويتواصل التحديث في التشريعات والقوانين التي تسهل الاستثمار الأجنبي. ونظام نقدي قويم مؤزر بنظم مصرفية نشطة. كما أن الأرض العمانية بتنوعها تكتنز الكثير المغذي للصناعات التحويلية. ولابد من التأكيد على أهمية الشروع ببرنامج تسويق لكل ما في السلطنة من مشاريع قائمة كصحار والدقم والمطارات والمناطق الصناعية والمقاصد السياحية البنية الأساسية الممهدة للخدمات اللوجستية.