salem-22
salem-22
أعمدة

إضاءة :لنجعلها نعمة

09 مارس 2017
09 مارس 2017

سالم بن حمدان الحسيني -

أصبحت السيارة في عصرنا الحالي من أساسيات الإنسان لا يستغني عنها بحال، بها يقضي حاجاته الضرورية ومآربه، فهي من نعم الله سبحانه وتعالى التي لا تعد ولا تحصى ولا تُحد ولا تستقصى، سخرها سبحانه لعباده فقرب بها البعيد وسهلت على الإنسان ما كان عليه صعب شديد، ولذلك وجب شكرها وتسخيرها لصالح البلاد والعباد، وما يحز في النفس أحيانا أن نجد من الممارسات الخاطئة من بعض قيادي المركبات في الشوارع والأزقة الضيقة بسرعات لا تتناسب وأحوال تلك الأماكن المكتظة بالمنازل وساكنيها حيث تكون المفاجآت حاضرة في كل وقت وحين، فهناك أطفال يلعبون ويدخلون إلى بيوتهم ويخرجون وهناك من النساء ومن كبار السن من لم تسعفه أحواله في تفادي سرعة تلك المركبات ومنهم من يكون ضعيف الإبصار أو لا يبصر بحال، بل يتلمس الجدار إثر الجدار، فتوخي الحيطة والحذر في مثل تلك المواطن أمر واجب، ومن ينطلق في تلك الأزقة الضيقة المكتظة بالسكان وكأنه سهم مارق وتسبب في إزهاق روح برية أو أصاب إنسانا بعاهة أقعدته عن الحركة أو لازمته طوال حياته لا شك يكون عليه من العواقب الدنيوية والأخروية ما عليه يكفي أن يكون السبب في قطع العلاقات وأواصر المحبة بين الأهل والجيران وبعث الكراهية والبغضاء وإشاعة الفساد في الأرض، فهل يعد من القتل الخطأ أن لم يتوخ الحيطة والحذر ويتسبب في وقوع مثل تلك الحوادث.

ولم يكن انتشار كاسرات السرعة في معظم الأزقة من الأحياء السكنية والتجارية وأمام المدارس إلا نتيجة تزايد مثل تلك الممارسات الخاطئة، مما حدى بالكثير إلى المطالبة بالمزيد منها حفاظا على أرواح الناس، في وقت عجز القانون المروري في الحد منها، وهناك نداءات تعالت بوضع البدائل التي تحد من السرعة في تلك الأماكن كرصف الشوارع الداخلية بالبلاط المتشابك «الإنترلوك» كما هو معمول به في كثير من دول العالم لأنه الأقل تكلفة وسهل التغيير والتبديل إضافة إلى كونه يحد كثيرا من السرعات التي أصبحت تمثل هاجسا مقلقا لكثير من الأسر.

وكذا الحال في الشوارع العامة فهناك من السرعات المبالغ فيها، والتسابق غير المبرر الذي يصل بصاحبه في بعض الأحيان إلى حد التحدي بحيث لا يترك له المجال للتجاوز، ويكون الشيطان بينهما حاضرا فيحمل احدهما على الآخر فيتحين الفرصة للانتقام منه ولو أدى ذلك إلى هلاكه أو إهلاك صاحبه وكم وقع من ذلك من مآس ليدركا بعد فوات الأوان أن العاقبة التي وقعا فيها لا مبرر لها إطلاقا، إذ لو أدرك عاقبة القتل العمد، كما جاء ذلك في الكتاب العزيز: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) لكان حريا بأن يزدجر عن ذلك، إذ الصورة هنا واضحة جلية وكفى بذلك تشنيعا على هذا الجرم، وليعلم فاعل ذلكم الأمر أن تصرفه لا ينم عن مهارة في القيادة ولا عن شجاعة أو بطولة، وليس الشارع مضمارا للتسابق ولا مسرحا للتفاخر، فتلك المركبة مهما بلغت فخامتها وقوتها وأناقتها لا مسوّغ للتفاخر بها، فهي لم تصنعها يده أو حتى بلده، بل التفاخر بفعل الخيرات والتسابق إلى عمل الطاعات.. (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)، وعلى أولئك أن يدركوا أن هذه الحياة الفانية لا ترقى لأن يتطاول فيها الإنسان على غيره، أو يعمل بغير مقتضى أمر الله عز وجل، وقد جاء التنبيه اثر التنبيه في القرآن الكريم، يقرع آذاننا صباح مساء.. (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) فإذا كانت الحياة كلها مجرد متاع يكتنفه الغرور فلنحذر جميعا من هذا الغرور الذي ربما يردي بصاحبه إلى حيث يكره، وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ.