943308
943308
مرايا

بعضهم يشترونها ولا يقرؤونها - مكتبات في البيوت تبحث عن قُرّائها

08 مارس 2017
08 مارس 2017

استطلاع - نايف بن علي المعمري -

انتهى معرض مسقط للكتاب في دورته الثانية والعشرين، إلا أن بعض المرتادين يقولون بأنهم يشترون الكتب وللأسف لا تجد من يقرأها في البيت، إشارة منهم إلى أنهم ربما يكونون مُجبرين على الذهاب للمعرض، أو تحت ضغط ومطلب أسري لشراء قائمة من الكتب المطلوبة، وبذل المال والحال من أجل العمل على صفّها وترتيبها وتنظيمها فقط في رفوف مكتباتهم، وربما البعض قد نأى بنفسه عن الذهاب للمعرض في دورته هذا العام؛ خشية من الإنفاق والكلفة المالية غير المبررة لشراء الكتب في ظل ارتفاع أسعار الوقود، والذي هو الآخر انعكس تأثيره سلبا على مرتادي المعرض، ومبرر ذلك هو أن مكتباتهم المنزلية - كما يشيرون- مكتظة بأعداد الكتب والمراجع لكنها تبحث عن قُرّائها. يقول أحدهم ممن استاء من هذا الموضوع في تصريح لـ«مرايا»: صار لدينا ثلاث مكتبات كبيرة في البيت، تحمل أكثر من ستة آلاف كتاب، إلى جانب أنها متنوعة، فلم تقتصر على جانب معين وإنما في شتى مجالات الحياة، ولكن الحقيقة نادرا جدا ما يجلس أفراد الأسرة لقراءتها، ولعل ذلك راجع إلى انشغالنا بالتقنية والهواتف، ويتساءل: إن كان الحال كذلك، فلماذا التكلُّف في شرائها!، وأضاف مبررا: لهذا السبب لم أذهب لشراء أي كتاب من المعرض هذا العام بالرغم من مطالبات بعض أفراد الأسرة لشراء بعض المسميات من الكتب، لكنني رفضت ذلك الطلب، وطلبت منهم الرجوع إلى المكتبات الثلاث في البيت، والبحث عما يريدون البحث فيه، مؤكدا لهم أنهم حتما سيجدون ما يريدون البحث عنه.

فيما تبرر إحدى الموظفات في القطاع الحكومي، والتي أيضا لم تذهب هذا العام كعادتها السنوية إلى معرض مسقط للكتاب، حيث تقول: في الحقيقة لم أذهب للمعرض هذا العام؛ كون هناك الكثير من الكتب متوفرة في مكتبة البيت، وحول مبرر ذلك، تؤكد بقولها: لا أحد يقرأها، ربما لكثرة انشغالنا الآن، وكثرة الأعباء المطلوبة على عاتقنا، وخصوصا أن أغلبنا يعمل الآن في مؤسسات حكومية وخاصة، فلا يوجد وقت كاف لقراءتها. هذه الأقوال، ونحن نؤكدها أيضا على أن مكتباتنا المنزلية تبحث عن قرائها. فما هي الأسباب التي جعلت من مكتباتنا مهجورة إلى هذا الحد، وما هي الطرق الصحيحة نحو اقتناء الكتب وضمان الاستمرارية في الاطلاع عليها وقراءتها؟

أسباب

«مرايا»، استطلعت عددا من الآراء، كما أجرت لقاء مع مدرب التنمية البشرية فهد الكلباني للحديث حول الموضوع، حيث يؤكد خالد الهطالي الأقوال السابقة، ويرجع الأسباب إلى عدم إدراك الكثير من الناس بنوعية الكتب الراغبين في اقتنائها من المعرض، وماهية عناوين الكتب التي تضمن الاستفادة منها، كما يرجع إلى سبب آخر، وهو أن بعض الكتب قد جُملت إعلامياً ولكن المحتوى لا يَصِل الى المستوى المطلوب من الاستفادة منها، فترى الكثير منا يشتريها بسبب الكاتب الفلاني أو لأن فلانا آخر اشتراها، وعلى هذا الأساس يحملون من الكتب ما لا طاقة لهم به.

ويقترح خالد الهطالي أن يقوم من أراد اقتناء كتب معينة أن يقوم بإعداد قائمة مسبقة بالكتب الراغب في شرائها وانتقاء القيمة الأنسب التي تتوافق مع إمكانياته المادية، ويمكن معرفة ذلك من خلال متابعة العروض بواسطة محرك البحث للمعرض، ويرى خالد الهطالي إضافة إلى أهمية تحديد الكتب ومراعاة أسعارها عدم شراء كتب دون الحاجة إليها، أو قد تكون الاستفادة منها ضئيلة جدا، لأنها ستسبب زخما في مكتبته وعبئا مضاعفا على المكتبة.

تيار إلكتروني

من جانبه يؤكد سليمان بن محمد الحبسي بقوله: بالفعل هذا واقع قراءة الكتب في الكثير من بيوتنا، حيث أصبحنا في زماننا هذا نتكلف فقط في شرائها واقتنائها، وفي النهاية مصيرها الركن فوق رفوف مكتباتنا لا أكثر. وحول الأسباب يقول: انشغلنا كثيرا بأعمالنا وخصوصا مع ظهور الأجهزة الإلكترونية من حولنا، إلى جانب ظهور مواقع التواصل الاجتماعي والتي أخذت من وقتنا الكثير؛ ويستطرد قائلا: قديما كان الإنسان يقضي وقته بالقراءة فعلا، أما الآن فمعظم أوقات الفراغ نقضيها مع أجهزتنا الخلوية؛ وهذا ما يجعلنا بعيدين عن قراءة ما هو متوفر في مكتباتنا.

ورغم أن سليمان الحبسي لا يؤيد ترك الكتب الورقية، لكنه يقترح تطوير القراءة الإلكترونية وتوسيع مجالاتها وتوفيرها والتشجيع عليها، باعتباره حلا مناسبا؛ كون أننا أمام تيار إلكتروني لا نستطيع الاستغناء عنه، بحيث يمكن أن نقرأ أثناء أوقات الفراغ كتبا كثيرة من خلال تنزيل تطبيقات المكتبات الإلكترونية على أجهزتنا الخلوية.

القارئ والكتاب..

والتقت «مرايا» مع مدرب التنمية البشرية، فهد بن عبدالله الكلباني، الذي تناول بعض من الجوانب الصحيحة نحو اقتناء الكتب وضمان الاستمرارية في الاطلاع عليها وقراءتها، وطرح بعضا من التساؤلات التي تهم من أراد أن يملأ مكتبته بالكتب والمراجع، حيث يتساءل: هل القارئ عندما يشتري الكتاب لديه خطة عندما يقرأ هذا الكتاب، هل لدى القارئ خطة أن يستفيد من هذا الكتاب، هل القارئ يستفيد من هذا الكتاب معرفيا ومهاريا، هل يستفيد من واقع التجارب والخبرات والسير الذاتية والروايات التي تضمها هذه الكتب، هل القارئ ينقل المعرفة إلى واقع حياته وإلى زيادة وعيه ومعرفته؟

القراءة السريعة

ويستطرد فهد الكلباني أثناء حديثنا معه بالقول: بطبيعة الحال الكتب كثير ما تنقل تجارب، وتعطي مهارات على مختلف الأوجه، الحياة المهنية، الحياة الاجتماعية، الحياة الدراسية، مستوى المدرسة، الجامعة، مؤسسة سواء قطاع خاص أم حكومي، ويضيف: فمع هذا التوسع، وهذه الكثافة، وتزايد مطرد في أعداد الكتب، والعناوين والمؤلفين سنويا، هل هنا القارئ يقرأ ولو من 5 إلى 10 كتب سنويا؟. وحول علاقة القارئ بالكتاب على مستوى المعرفة، هل تزداد حصيلة القارئ المعرفية عندما يقرأ الكتاب أم فقط قراءته قراءة عادية، ونحن الآن نطرح موضوع القراءة السريعة والقراءة العميقة، وملخص الكتاب الذي يقرأه، هل يستخدم نمط القراءة السريعة، هل يستخدم مهارات تلخيص هذا الكتاب؟ وكما تعلم أن مهارة القراءة السريعة من أفضل المهارات المتقدمة التي يستطيع القارئ من خلالها أن يستفيد الاستفادة القصوى، كما يمكن من خلالها الاستفادة من عدد أكبر من الكتب.

نقاط مهمة

ويضيف فهد الكلباني قائلا: على كل قارئ يريد أن يشتري كتابا أن يضع في الحسبان النقاط التالية: هل تم اختيار عنوان الكتاب الذي يريده مسبقا، على سبيل المثال؛ من خلال الاطلاع على موقع معرض الكتاب المتاح أثناء المعرض، أو بالسؤال عنه من خلال الخبراء والمستشارين، أو القراءة عن الكتاب قبل الذهاب لشرائه؟، هل يضع خطة عملية لقراءة هذا الكتاب؟، مثلا؛ خلال سنة كاملة أقرأ هذه الكتب بتواقيت مختلفة، هل يستشعر أو يحس بمنفعة عملية عندما يقع في حدث معين، بحيث يستطيع الاستشهاد بما قرأ واطلع، هل يستفيد فعليا من الكتاب في لقاءاته أو محاضراته إن كان شيخا أو حصصه إن كان مدرسا، أو حتى في المجالس؟ على سبيل المثال لا الحصر؛ قرأ مثلا كتابا في التسامح، هل هو يشعر بقوة التسامح لديه، قرأ في مجال التخطيط. هل لديه تخطيط، قرأ كتابا في التعامل مع الشخصيات الصعبة، هل أصبحت لديه هذه المهارة مع المراهقين، مع الأطفال، كيف يمكن أن ينقل هذه المعرفة لأسرته ومجتمعه ومن حوله؟.

محركات البحث

ينظر فهد الكلباني إلى أهمية أن يستفيد المقبل على شراء الكتب أو إنشاء مكتبة في بيته بهدف المعرفة والثقافة من خلال محركات البحث المتاحة على الشبكة العالمية، ففيها من الفوائد الكثيرة التي تفيد الأفراد الذين يرغبون بإنشاء مكتبات في بيوتهم ويضمنون عدم هجرها، بحيث يحاول من خلال تلك المحركات أن يتعلم كيفية القراءة أو إجراء تساؤلات، لماذا يوجد لدى القراء الوقت الكافي لقراءة الكتب، بحيث يستلهم منهم التحفيز والهمة.

ثقافة القراءة

وحول الحد من مشكلة هجر المكتبات المنزلية، يقول فهد الكلباني: نستطيع أن نُفيد الآخرين من الكتب التي أنهينا قراءتها، وبالتالي منحك لشخص آخر للقيام بقراءة ما قرأت، هذه بحد ذاتها ثقافة، لذا، على القارئ أن تكون لديه ثقافة القراءة من خلال منح الكتاب لأحد أقاربه لقراءته ولو لمدة محددة من الزمن، ولتكن على سبيل المثال؛ شهرا لإفادة الآخرين منه، وبالتالي يكمن دورنا أيضا كمجتمع في نشر ثقافة القراءة بيننا.