938771
938771
مرايا

فترة الاستيطان تعود إلى العصر البرونزي المبكر - حصن سلّوت يحكي انتصار مالك بن فهم على الفرس

01 مارس 2017
01 مارس 2017

يعد موقع حصن سلّوت الأثري والمنطقة المحيطة به في ولاية بهلا بمحافظة الداخلية أحد أهم المواقع الأثرية العمانية ويعود تاريخه إلى فترة الألف الثالث قبل الميلاد وشاهداً على عمق وعراقة الإرث الحضاري العُماني كأحد المواقع المبكرة لاستخدام نظام الأفلاج في عُمان، وكونه مسرحاً للأحداث التاريخية عن بداية عهد عربي جديد في ربوع

عُمان بانتصار مالك بن فهم الأزدي على الفرس (البارثيين) في معركة سلّوت.

وأكدت نتائج أعمال الحفريات الأثرية بأن فترة الاستيطان في الموقع والمنطقة المحيطة به تعود إلى فترة العصر البرونزي المبكر (3000 قبل الميلاد) واستمرت خلال

العصور اللاحقة. كما كشفت التنقيبات في السهل المحيط لحصن سلّوت عن أبراج ضخمة تعود إلى بداية الالفية الثالثة قبل الميلاد عثر فيها على مواد أثرية كالفخار والجرار والأختام أهمها ختم من بلاد السند ومدفن على سفح حصن سلّوت توجد به مجموعة من الهياكل العظمية ومعثورات من أواني الحجر الصابوني الأملس يعود إلى نفس الفترة، كما كشفت الحفريات أعلى جبل سلّوت على عدد من المدافن الركامية تعود إلى فترة العصر البرونزي وأُعيد استخدامها خلال فترة العصر الحديدي (1.300 قبل الميلاد)، وعثر على ضريح تذكاري فريد من نوعه في شكل البناء يعود إلى العصر الحديدي.

وتؤكد الدارسات الأثرية أن نظام الأفلاج في عُمان يعود إلى فترة الألفية الثالثة قبل الميلاد، واستخدم هذا النظام في سلّوت منذ الألفية الثانية قبل الميلاد، وأن منطقة سلّوت كانت خصبة وذات نظام ريّ فعّال، ودلّلت تحاليل لعينات البذور ولقاح الطلع على وجود تنوع نباتي، كما أن التمور والسمسم كانت أبرز المحاصيل التجارية التي تم العثور عليها في منطقة سلّوت خلال فترة العصر الحديدي.

يذكر أن سلّوت كانت خلال فترة العصر الحديدي موقعاً محصناً مثيراً للإعجاب، وقد يكون مكاناً للعبادة، يشير إلى ذلك الاشكال المعمارية للبناء والمصاطب التي تحيط به من

جميع الجهات، وتؤكد نتائج الحفريات الأثرية أن الاستيطان بالموقع كان متواصلاً فترة العصر الحديدي من خلال وجود مستوطنة تحيط بحصن سلّوت، وأن الموقع شهد ازدهاراً اقتصادياً واجتماعياً ودينياً من خلال وجود المعثورات الأثرية المختلفة من أختام متنوعة وجرّار وأواني الحجر الصابوني ومواد برونزية وفخارية على هيئة ثعابين استخدمت كأدوات نذرية، ورسومات صخرية تنتشر في المنطقة المحيطة بمنتزه حصن سلّوت الأثري تمثل أشكال متنوعة لخيول وجمال وفرسان مرتدين الخناجر ورجال حاملين سلاح المطرد وهو سلاح أبيض يتكون من رمح وفأس حربي.

وقد أسند مؤخرا مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية مناقصة تنفيذ المرحلة الأولى لتطوير وتأهيل (متنزه حصن سلّوت الأثري) لإحدى الشركات المحلية وذلك بعد صدور المرسوم السلطاني رقم (٨ /‏‏ ٢٠١٦) بتقرير صفة المنفعة العامة للمشروع بولاية بهلا والمنطقة المحيطة به في محافظة الداخلية.

وقد تم اعتماد الموقع وإدراجه في القائمة التمهيدية للجنة التراث العالمي تمهيداً لتسجيله مستقبلاً في قائمة التراث العالمي الثقافي والطبيعي التابعة لمنظمة اليونسكو، وفي هذا

الإطار تم إعداد خطة عمل متكاملة لتطويره كمتنزه أثري.

معركة سلوت

تقدم مالك بن فهم في قبائل الأزد معه من أحياء قضاعة إلى أرض عمان، وتوجد بعمان الفرس من جهة الملك دارا بن دارا بن يهمن بن أسفيديا وهم يومئذ أهلها وسكانها؛ فعند ذلك أنزل مالك بن فهم من كان معه إلى جانب قلهات، ثم سار هو ببقية عساكره وصناديد رجاله؛ وأرسل إلى الفرس والمتقدم عليهم يومئذ المرزبان عامل الملك على عمان؛ فأرسل إليهم يطلب منهم النزول في قطر من عمان؛ وأن يفسحوا له ويمكنوه من الماء والكلأ ليقيم معهم؛ فتشاورا في أمره؛ ثم أنهم أجمع رأيهم على صرفه؛ وأن لا يمكنوه مما طلب وقالوا لا نحب أن ينزل هذا العربي معنا فيضيق علينا أرضنا وبلادنا؛ فلا حاجة لنا في قربه وجواره .

فلما وصل جوابهم إلى مالك أرسل إليهم أنه لا بد لي من المقام في قطر من عمان، وأن تواسوني في الماء والمرعى، فإن تركتموني طوعا نزلت في قطر من البلاد وحمدتكم؛ وإن أبيتم أقمت على كرهكم؛ وأن قاتلتموني قاتلتكم؛ ثم إن ظهرت عليكم قتلت المقاتلة وسبيت الذراري ولم أترك أحدا منكم ينزل عمان أبدا؛ فأبت الفرس أن تتركه طوعا وجعلت تستعد لحربه وقتاله؛ وأن مالك ابن فهم أقام في مدته تلك بناحية الجوف وحفر بناحية الجوف الفلج الذي بمنح ويعرف اليوم بفلج مالك.

ثم أن المرزبان أمر أن ينفخ في البوق وخرج من صحار في عسكر جم، فيقال إنه كان في زهاء أربعين ألفا ويقال ثلاثون ألفا، وخرج معه بالفيلة وسار يريد الجوف في لقاء العرب، فعسكر بصحراء سلوت وبلغ ذلك مالكا ومن معه، فركبوا جميعا وكانوا في زهاء ستة آلاف فارس وراجل، فأقبل في تلك الهيئة حتى أتى صحراء سلوت فعسكر بإزاء عسكر المرزبان.

واستمر القتال ثلاثة ايام، واستطاع مالك أن يهزم قادة جيش الفرس؛ وفرحت بذلك الأزد فرحا شديدا ونشطوا للحرب، فلما رأى المرزبان ما صنع مالك في قواده الثلاثة دخلته الخيمة والغضب، ثم نادى مالكا وقال أيها العربي اخرج إليّ إن كنت ملكا، فأينا ظفر بصاحبه كان له ما يحاول؛ ولا نعرض أصحابنا للهلاك، فخرج إليه مالك برباطة جأش وشدة قلب؛ فتجاولا مليا وقد قبض الجمعان أعنة خيولهم فأوقفوها ينظرون إلى ما يكون منهما.

ثم إن المرزبان حمل على مالك بالسيف حملة الأسد الباسل ؛ فراغ عنه مالك روغان الثعلب ؛ وعطف عليه بالسيف فضربه على مفرق رأسه وعليه البيضة والدرع ففلق البيضة وأبان رأسه فخر ميتا.

وحملت الأزد على الفرس، وزحف الفرس إليهم فاقتتلوا قتالا شديدا من ظهر النهار إلى العصر، وأكل أصحاب المرزبان السيف وصدقتهم الأزد الضرب والطعن، فولوا منهزمين حتى انتهوا إلى معسكرهم، وقد قتل منهم خلق كثير، وكثر الجراح في عامتهم. فعند ذلك أرسلوا إلى مالك بن فهم يطلبون منه أن يمن عليهم بأرواحهم ويجيبهم إلى الهدنة والصلح، وأن يكف عنهم الحرب ويؤجلهم إلى سنة ليستظهروا على حمل أهلهم من عمان، وأن يخرجوا منها بغير حرب وقتال؛ وأعطوه على ذلك عهداً وجزية على الموادعة؛ فأجابهم مالك إلى ما طلبوه وسألوا منه وهادنهم وأعطاهم على ذلك عهداً وميثاقا أنه لا يعارضهم بشيء إلا أن يبدأوه بحرب وقتال؛ فكف عنهم الحرب؛ وأقرهم في عمان على ما سألوه، فعادوا إلى صحار وما حولها فكانوا هناك؛ وكانت الأزد ملوكا في البادية وأطراف الجبال؛ وانحاز مالك إلى جانب قلهات.