عمان اليوم

تأهيل كوادر صحية للإرشاد الوراثي بجميع المحافظات

27 فبراير 2017
27 فبراير 2017

تخريج الدفعة الأولى.. غدًا -

كتبت - عهود الجيلانية -

تحتفل وزارة الصحة ممثلة بالمركز الوطني للصحة الوراثية في الأول من مارس المقبل بتخريج الدفعة الأولى من خريجي البرنامج التعليمي المتكامل للإرشاد الوراثي المكونة من ثمانية طلاب، وذلك تحت رعاية سعادة الدكتور علي بن طالب الهنائي وكيل وزارة الصحة لشؤون التخطيط، بقاعة السندباد بفندق كراون بلازا.

وقال الدكتور مسلم بن سعيد بن محمد العريمي رئيس الاستشارات الوراثية والتعليم الوراثي في المركز الوطني للصحة الوراثية بالمستشفى السلطاني خلال تصريحه لـ($): يأتي تأسيس وتنفيذ هذا البرنامج الأكاديمي عبر تطبيق منهج أكاديمي متكامل فيما يعرف بالتدريب خلال الأداء الوظيفي لتأهيل وإعداد مرشدين وراثيين ليقوموا بتأدية خدمة الإرشاد الوراثي بجميع محافظات السلطنة، إيمانًا بأهمية هذه الممارسة العملية لتكامل البرنامج العلاجي والوقائي الخاص بالأمراض الوراثية بالسلطنة، وذلك عبر إعداد منهج أكاديمي يحوي جميع الجوانب النظرية والعملية الخاصة بتأهيل المرشد الوراثي.

وأضاف: يعد هذا البرنامج التعليمي الأول من نوعه بدول مجلس التعاون والمنطقة حيث لا يوجد برنامج أكاديمي للتأهيل العالي في مجال الإرشاد الوراثي بالمنطقة وإنما يتم الابتعاث للخارج للحصول على هذه الدرجة العلمية المتخصصة.

لقد تم عرض البرنامج على جهات دولية محكمة ومتخصصة في ذات المجال، منها الجمعية الأوروبية للإرشاد الوراثي متمثلاً في بعض الأعضاء المؤسسين وكذلك عرض على متخصصين من المملكة المتحدة للاستفادة من تجاربهم في إعداد وتأهيل مرشدين وراثيين للحصول على الرأي والمشورة.

كما أيدوا رفع درجة التأهيل إلى درجة الماجستير مستقبلا وذلك لما احتواه البرنامج من عناصر أكاديمية وعملية قوية تواكب هذه الدرجة العلمية المرموقة.

يعد الإرشاد الوراثي (Genetic Counseling) فرعًا مهمًا من فروع علم الوراثة الإكلينيكية يتم من خلالها تقديم الحقائق العلمية بدون التأثير في اتخاذ القرار الخاص بأي مرض وراثي.

والمشورة الوراثية تتعلق بالتعامل مع الجوانب الطبية للمرض الوراثي وخاصة المعلومات الخاصة باحتمال تكرار حدوث المرض ووسائل العلاج والوقاية منه.

وأشار الدكتور العريمي إلى أن البرنامج التعليمي المتكامل للإرشاد الوراثي كان قد انطلقت فعالياته في الثاني والعشرين من سبتمبر الماضي برعاية كريمة من معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة بالمركز الوطني للصحة الوراثية بالمستشفى السلطاني، ويضم 8 طلبة متدربين يمثلون محافظات السلطنة المختلفة.

والبرنامج مقسم إلى 9 وحدات دراسية مقسمة حسب التخصص والمتطلبات الأكاديمية تنفذ خلال مدة زمنية محددة (16 شهرًا). وذكر رئيس الاستشارات الوراثية والتعليم الوراثي انه من ضمن الأهداف المرجوة من تفعيل هذا البرنامج التدريبي الحد من تنامي معدلات الإصابة بالأمراض الوراثية بين الولادات الجديدة للأشخاص الحاملين للصفات الوراثية مما يؤدي إلى أمراض وراثية مزمنة ومستعصية على العلاج بإذن الله، وكذلك تجنيب الأسرة والمجتمع المشاكل الاجتماعية والنفسية التي قد تعاني منها الأسرة كنتيجة لإصابة أطفالها بأمراض وراثية مزمنة قد تكون بالغة التعقيد.

ومن المعروف أن تلازمات الأمراض الوراثية وأعراضها تشكل تساؤلات عديدة لدى المهتمين بها سواء من الكادر الطبي أو أفراد المجتمع فهي تتبع نظاما متداخلا في تزامن ظهورها يختلف باختلاف نوع المرض وجنس وعمر المصاب به، وليست كبقية الأمراض العضوية الأخرى من حيث سهولة التعرف عليها وفي كثير من الأحيان توقعها، لذا ظلت منظومة الأمراض الوراثية تحمل الكثير من الهواجس والتساؤلات بل وربما التخوف والقلق.

وتتم في عملية الإرشاد الوراثي بإيضاح طرق التوارث للأمراض الوراثية والاعتلالات الجينية وكذلك شرح الوسيلة المناسبة للاقتران في حالة حمل المورثات، حيث يمكن للمصاب بأحد الأمراض الوراثية أن يتزوج وينجب أطفالا أصحاء من خلال الاقتران بالزواج السليم الذي لا يحمل الاعتلالات الوراثية نفسها.

وتطرق العريمي بقوله: لو عرفنا مفهوم ومصطلح الإرشاد الوراثي بشكل أكثر شمولية فهو عملية متسلسلة ومستمرة بهدف التأهيل السيكولوجي للأسرة والمريض حتى يكون باستطاعتهم التأقلم والتعايش مع المرض الوراثي وذلك من خلال منظومة متكاملة وخاصة بكل مجتمع على حدة يأخذ بعين الاعتبار المعايير الأخلاقية والمبادئ والأعراف الخاصة بذلك المجتمع.

وتقدم عملية الإرشاد الوراثي للمتلقين من الذين قاموا بإجراء الفحص عن أمراض وراثية معينة أما قبل الزواج عن أمراض الدم الوراثية أو كون الفرد ينتمي لعائلة بها تأريخ مرضي لأحد الأمراض الوراثية أو أحد متلازمات التشوه الخلقي، تقدم الدعم المعنوي والشرح المفصل عن كل ما يتعلق بالمرض الوراثي المشخص من خلال عملية الفحص المخبري الدقيق من حيث ماهيته وأسباب تواجده واختلاف شدة الأعراض واحتماليات انتقاله للأجيال القادمة بنسب احتمالية معروفة تعتمد على نوعية ومدى قوة الصفة المورثة بالإضافة إلى مدى تقارب الأشخاص المورثين.

ويعدُّ الإرشاد الوراثي من أهم مراحل العلاج الحديث في مجال التعامل العلاجي والوقائي مع الأمراض الوراثية ففيها يتم توضيح الوضع الصحي للمتلقي من المصاب أو أبويه أو المعنيين برعايته وذلك يساهم كثيرًا في تخفيف حدة الصدمة التي قد تنجم عن مواجهة مثل هذا الوضع الصحي الجديد وغير المفهوم والذي يحتاج إلى تعامل مباشر من قبل الأبوين مما يجعله منعطفًا جديدًا في الحياة الأسرية ونقطة تغير شاملة من مسار الرعاية الأبوية، لذا لزم الأهمية القصوى في توفير النصح والإرشاد الوراثي كونه تدخلاً علاجيًا مهمًا وتعاونًا حيويًا أكثر أهمية من قبل الكادر الطبي لذوي المصاب الذين هم في أمسّ الحاجة لكل ذلك.