الملف السياسي

رفض حل الدولتين

27 فبراير 2017
27 فبراير 2017

عبدالله بن علي العليان -

جاء قرار الكنيست الإسرائيلي، بتقنين أوضاع المستوطنات، كمقدمة لرفض حل الدولتين الذي يجمع عليه المجتمع الدولي، وهذا القرار من شأنه أن يسمح لإسرائيل بالسيطرة على أراض فلسطينية في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلة، ولا شك أن هذه الخطوات الإسرائيلية أحادية الجانب، تم رفضها من السلطة الفلسطينية، ومن المجتمع الدولي، كما في قرار مجلس الأمن الذي صدر في أواخر شهر ديسمبر 2016، بإجماع أعضائه مع امتناع أمريكا عن التصويت، الذي يطالب إسرائيل بوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما طالب القرار «بوقف فوري لكل الأنشطة الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية المحتلة»، وأوضح أن أي تغييرات على حدود عام 1967م لن يعترف بها إلا بتوافق الطرفين. وأكد القرار على التمييز في المعاملات بين إسرائيل والأراضي المحتلة عام 1967. وبهذا القرار فإن المجتمع الدولي «يعتبر كل المستوطنات غير قانونية سواء أقيمت بموافقة الحكومة الإسرائيلية أو لا وعقبة كبيرة أمام تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إذ إن هذا البناء يجري على أراض يمكن أن تصبح جزءًا من دولة فلسطينية مقبلة». وهذا للأسف لم يغير من السياسة الاستيطانية الإسرائيلية منذ عقود ولا تزال، والتي بدلا من قبول هذا القرار الأممي، زادت من مواقفها المغايرة لهذا القرار لحد الرفض وتثبيت الاستيطان، وهذا ما يبرز أن إسرائيل لا تريد حلاً سلمياً للقضية الفلسطينية، وهي بلا شك ليست جادة في حل الدولتين، بل أنها ماضية في رفض قيام الدولة الفلسطينية، مع أن الولايات المتحدة، قدمت ضمانات للفلسطينيين منذ عقدين، بإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة في عام 2005، وفي حدود أراضي عام 1967، لكن هذه الوعود والتطمينات، ذهبت أدراج الرياح، وهذا ما يدعو للقلق في ظل الأوضاع الحالية للاستيطان من أن الحل السلمي سيبقى بعيد المنال، وتستمر المشكلات والتوترات، ويعيش الشعب الفلسطيني في ظل الأوضاع الصعبة، والمعاناة، والحياة المعيشية الأليمة.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك: إن الأمين العام للمنظمة انطونيو جوتيريس يرى أن «لا بديل لحل الدولتين. وأضاف:في هذا الصدد أي قرار أحادي قد يشكل عقبة لهدف قيام دولتين يقلق الأمين العام بشدة. وأكد المتحدث أن موقف الأمم المتحدة من بناء مساكن في الضفة الغربية وشرقي القدس المحتلة «لم يتغير». وقال «نعتبر ذلك ضمن فئة الأعمال الأحادية». وتابع: «على الجانبين أن يجريا مفاوضات بنوايا حسنة لتحقيق هدف الدولتين إسرائيل وفلسطين، دولتان لشعبين». والواقع أن الكيان الإسرائيلي يريد تثبيت الأمر الواقع، في ظل الصراعات العربية، والخلافات الفلسطينية، إلى جانب وعود الإدارة الأمريكية الجديدة، بدعم إسرائيل ونقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس المحتلة، ومن هذه المنطلقات يسعى اليمين الإسرائيلي في هذه الفترة إلى تثبيت البؤر الاستيطانية والمستوطنات بتشريعات قانونية من خلال الكنيست، وفي مقدمة هذه المستوطنات مستوطنة عمونا، التي أقيمت على أراض فلسطينية خاصة منذ عدة عقود، بدعم الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.وهذه بلا شك تمثل خطورة كبيرة على الحق الفلسطيني العادل، وفي إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، من كل الجوانب القانونية.

لكن إسرائيل مصرة على سياستها الاستيطانية بشكل متعجرف، وإتاحة المجال لليمين الإسرائيلي في أن يتخذ ما يراه من مخالفات للقانون الدولي، وكأن المجتمع الدولي راض عن هذه الأفعال، وهذا بالفعل يجّسد المعايير المزدوجة في المواقف الدولية، حيث تطبق القوانين على بعض الدول إن أرادت الدول الكبرى، وتغض الطرف على بعض المواقف الأخرى، وهذا سبب من أسباب الصراعات والتوترات والتطرف الذي انتشر انتشارًا كبيرًا في العديد من دول العالم.

ثم أين هم أنصار السلام الإسرائيليين، الذين تحركوا للتطبيع مع إسرائيل آنذاك، من أفعال وتجاوزات اليمين الإسرائيلي بخصوص المستوطنات وحل الدولتين ؟ ماذا فعلوا لهذه المواقف الجديدة لرفض السلام العادل تجاه معوقات السلام التي تضعها إسرائيل في الأراضي العربية المحتلة، كإقامة المستوطنات، و هدم بيوت السكان والقتل ؟ وطمس الهوية العربية، ومصادرة الأرض، والإصرار على تهويد مدينة القدس، واستباحة غزة بقتل المواطنين الفلسطينيين في الحرب على غزة في الأعوام الماضية ؟!.

فــــــــلم نر شــــــــيئًا يعزز فكرة وتأثير أنصار السلام في إسرائيل أبدًا..

لماذا طالب دعاة السلام المزعوم آنذاك بأن يتم السكوت عن هذه اللقاءات والمؤتمرات التطبيعية، في الوقت الذي نرى هؤلاء أنصار السلام في إسرائيل، لا يختلفون مع حزبي العمل والليكود في المنطلقات والأهداف والمضامين ؟.

فالإسرائيليون، من كل التوجهات الفكرية، يتبادلون الأدوار السياسية، لكسب الوقت، والتحرك في الأوقات التي يرونها مناسبة لدعم المواقف الإسرائيلية في تثبيت احتلالهم، وهذا ما فعله أنصار السلام في إسرائيل، مع أن بعض أنصار السلام العرب، قبل عقدين من الزمن صدقوا هذه الوعود والتصريحات للأسف. وقلنا منذ سنوات، ولا نزال نكرره، أن الموقف الفلسطيني الموحد هو الورقة القوية تجاه المواقف الإسرائيلية المتصلبة تجاه الخطة العادلة لحل القضية الفلسطينية، فالرهان على الحل العادل وقيام الدولة الفلسطينية، في ظل الخلاف الفلسطيني، لن يتحقق، كما نشاهد الآن المواقف الإسرائيلية تجاه تقنين المستوطنات في الضفة الغربية، والرفض المبطن لحل الدولتين، فلا يمكن أن يتحقق للمفاوض الفلسطيني نجاحاً مأمولاً في ظل هذا الانقسام بين الفلسطينيين أنفسهم، خاصة فتح وحماس، والذي لا يزال مستمرًا، وفي ظل الاحتلال القمعي والاستيطاني. فالورقة الأهم راهنًا أن يتفق الفلسطينيون على رؤية موحدة تجاه قضيتهم العادلة، أما أن يرمي المفاوض الفلسطيني، بكل أوراقه في سلة الوعود والتطمينات، فإنها لن تجدي نفعًا في ظل الخلل في التوازنات والمواقف الدولية المتناقضة، وغير الجادة في تبني قرارات تؤيد الحل العادل، وهذا ما ظهر جلياً تجاه القرار الجديد من الكنيست الإسرائيلي الذي أجاز لهم، بموجب شرعنة المستوطنات، الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة.