940682
940682
أعمدة

مسقط بعد ١١ عاماً على زيارتي الأولى لها

27 فبراير 2017
27 فبراير 2017

نضال شقير -

[email protected] -

في ‏أبريل من عام ألفين وستة زرت العاصمة العُمانية مسقط للمرة الأولى، حيث شاركت حينها مع شركة أمريكية في تنظيم فعاليات « القمة العالمية للإبداع ومبادرات الأعمال » التي استضافتها السلطنة لعدة أيام في « منتجع بر الجصة » في أطراف العاصمة مسقط… والحقيقة أن هذه الزيارة كانت مميزة وممتعة وسمحت لي بالتعرف على هذا البلد العريق والجميل وعلى حضارته المميزة وطبيعته الخلابة.

ويجب القول إن أول ما تعرفت عليه خلال هذه الزيارة وتفاجأت به هو طيبة العُمانيين الزائدة (التي كنت قد سمعت عنها كثيراً) وترحابهم المميز وتواضعهم الكبير… فأهل عُمان يشعروك ومنذ أن تطأ قدماك أرض السلطنة بأنك في منزلك وبين أهلك ضيفاً عزيزاً مكرماً، والحق يقال إن هذا كان شعوري منذ نزولي من الطائرة حتى ركوبي بها لمغادرة العاصمة مسقط.

أما الشيء الثاني الذي لفتني خلال زيارتي هذه فهو سحر مسقط وبساطتها وجمال طبيعتها المتنوع ما بين جبالها وشواطئها… فأنا كنت قد سمعت كثيراً عن جمال السلطنة لكنني لم أتوقع أن تكون بهذا السحر والجمال خاصة وأننا كنا نعتقد أن كافة دول الخليج هي عبارة عن أراض صحراوية خالية من المعالم، لكن الطريق من مطار مسقط الدولي حتى « منتجع بر الجصة » وعلى الرغم من وعورتها آنذاك كانت كفيلة بتغيير هذه الصورة، حيث اكتشفنا مدينة ساحرة ذات طبيعة خلابة ومتنوعة استطاعت أن تأسر قلوبنا خلال أيام قليلة…

اليوم وبعد قرابة أحد عشر عاماً عدت مجدداً للمرة الثانية إلى السلطنة بدعوة كريمة من معالي وزير الإعلام الدكتور عبد المنعم للمشاركة في الفعاليات المميزة للدورة الثانية والعشرين من « معرض مسقط الدولي للكتاب »… والحقيقة أنه ومنذ وأن وصلتني الدعوة وأنا أحاول أن أتخيل كيف أصبحت مسقط بعد احد عشر عاماً من زيارتي لها…

الجواب جاء سريعاً… مسقط تطورت كثيراً وقد ازدادت سحراً ورونقاً وجمالاً… فشبكة الطرقات الجديدة قد طورت العاصمة كثيراً من دون أن تغيرها حيث بقيت مسقط هادئة وحافظت على هويتها… لكن لإرضاء فضولي وللمزيد من المقارنة بين زيارتي السابقة والحالية سلكت نفس الطريق التي سلكتها عام الفين وستة …فتوجهت من المطار شرقاً نحو « منتجع بر الجصة » من خلال شبكة طرقات مميزة تخترق الطبيعة الخلابة وتشق طريقها عبر الجبال والسهول أوضلتني سريعاً إلى الخيران البحرية وسحر « منتجع بر الجصة »…

والحقيقة أنه من خلال هذه الرحلة لمست مدى التطور الكبير الذي عاشته المدينة فبعيداً عن شبكة الطرقات التي تتمنى العديد من الدول الأوروبية أن يكون لديها مثلها تلمس التطور العمراني الجميل في مسقط خاصة في المدينة القديمة وبعض الأحياء الأخرى… تطور جميل طبيعي وبسيط حافظ على هوية البلاد وأبقى لمسقط هويتها العُمانية الهادئة البعيدة عن التكلف… كما يمكن القول إن المشهد غير المألوف للحافلات الكثيرة التي تقل السياح الأجانب إلى « سوق مطرح » في وسط المدينة أعطى المدينة رونقاً خاصاً ونبضاً قوياً شبيهاً بذلك الموجود في ابرز المدن السياحية العالمية مثل روما أو باريس.

إذاً يمكن القول إن أموراً كثيرةً قد تغيرت بشكل لافت في العاصمة مسقط منذ عام الفين وستة وحتى يومنا هذا، لكن يجب القول أيضاً إن هناك شيئاً واحداً لم يتغير خلال تلك الفترة الطويلة من الزمن وهو طيبة العُمانيين وتواضعهم وترحابهم… وهي صفات تبقى ثابتة لأنها جزء لا يتجزأ من الهوية العُمانية التي تشعرك بدفء الاستقبال وتسرع الزمن خلال وجودك في السلطنة…

اليوم أغادر مسقط عائداً إلى باريس وأنا متشوقٌ للعودة إليها مجدداً لأراها أكثر تطوراً وألمس المزيد من سحرها … أغادر وأنا متأكد بعد كل ما رأيته خلال هذه الزيارة القصيرة بأنه خلال زيارتي المقبلة سأرى مسقط أكثر جمالاً رونقاً وأفضل حالاً، سأرى مدينة عُمانية جميلة ببساطتها وغنية بهويتها… أنا متأكد من ذلك خاصة وأن هناك مليونين ونصف المليون عُماني يعملون على ذلك.

■ رئيس جمعية الصحافة الأوروبية للعالم العربي