abdallah
abdallah
أعمدة

هوامش .. ومـتون : نبض القراءة

25 فبراير 2017
25 فبراير 2017

عبدالرزّاق الربيعي -

[email protected] -

يرى أطبّاء القلب أن أفضل وأسهل طريقة لقياس النبض تتمّ عن طريق جَس النبض وذلك بوضع اصبعي السبابة، والوسطى على أحد الشرايين، وبعد ذلك يجري تعداد دقّات القلب في الدقيقة الواحدة، وإذا كان لكلّ شيء في الكون نبض، تستمدّ من الحياة من حركته ديمومتها، ويجعل نسغها يتدفق في شرايينها، وجب علينا أن نبحث عن مجسّات نعرف من خلالها قوّة النبض، لكي نطمئنّ على الحالة الصحيّة للكيان الذي به ذلك النبض، فللأشجار نبض، وللريح نبض، وللبحر نبض، وللحضارة نبض، وللقراءة نبض أيضا، ولكلّ مما ذكرت مجسّات لقراءة نبضها

ولكن كيف يمكننا جسّ نبض القراءة؟

كما هو متعارف عليه، تعطي أرقام مبيعات الكتب مؤشّرا للناشرين، والقرّاء يؤكّد درجة نجاح الكتاب، من عدمه، ومن خلال تلك الأرقام يعرف الكاتب أن نبض كتابه بخير، ولا يحتاج إلى عقارات منشّطة.

إنّ التركيز على القراءة، يعود إلى أنّها غالبا ما تكون لصيقة بالناجحين، كونها تنير الطريق لهم، وهم يسيرون باتجاه تحقيق أحلامهم مستفيدين من تجارب السابقين، سعيا لفتح أفق أكثر اتساعا يحتضن تلك الأحلام، وينمي تفكيرهم، ويعمق إحساسهم، وفهمهم للحياة، بل ان للقراءة فوائد صحية، وفي هذا السياق أشارت دراسة نشرتها جامعة إسكس أنّ القراءة لست دقائق فقط، في كلّ يوم كافية لتقليل مستويات التوتّر بنسبة تصل إلى 68%!!

ولا تحدّد القراءة بزمان، فكلّ الأوقات مناسبة للقراءة، رغم أنّ البعض يفضّل القراءة قبل النوم، وينصح الباحثون بأن 15 دقيقة قبل النوم لها فوائد كثيرة، تجعل النوم هانئا، كما أنّها من شأنها أن تبني صلة يوميّة مع الكتاب.

كما أنّ القراءة لاتحدّد بعمر معيّن، وقد أكّدت دراسة أجراها أحد الأطباء «أن تعليم الأطفال القراءة يبدأ منذ بلوغ الطفل سن ستة أشهر، ونموه الذهني يستوعب أسلوب من يقرأ له القصص»، وكذلك لاتحدّد القراءة بأمكنة معينة كالجامعات، والمدارس، والمكتبات العامة، فكلّ أرض الله فيها متسع للقراءة، والذي يزور أوروبا يرى أنّ الكتاب هناك يرى تطبيقا عمليّا لوصف المتنبي للكتاب كونه« خير جليس»، فالكثيرون يصطحبون الكتب، صغارا، وكبارا، في المتنزهات، والشواطئ، وصالات الانتظار، والمحطّات، والطائرات، والقطارات، والحافلات، ولا تقتصر القراءة على فئة من البشر، إذ تجلس على مائدتها مختلف شرائح المجتمع: السياسيون، والتجار، والرياضيون، والإعلاميون، وعامة الناس، وحتى كبار رجال الأعمال الذين يكون وقتهم محسوبا بمايدخل في أرصدتهم في كل دقيقة من أموال لا يمكنهم الاستغناء عن القراءة، كما يفعل المليادير بيل جيتس الذي يحرص على تخصيص 60 دقيقة كل ليلة قبل نومه يمضيها مستمتعا بقراءة كتاب !

ورغم انشغال رجل الأعمال والمبرمج الأمريكي مارك زوكر بيرغ مخترع «الفيسبوك» بالعالم الافتراضي، وعلوم الحاسبات، إلا أنّه لا يستغني عن الكتاب الورقي، فهو يلزم نفسه بقراءة كتاب جديد كلّ أسبوع!

ويقال أن الرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون قارئ نهم، فهو يحرص على قراءة حوالي خمسة كتب في الأسبوع! فالقراءة حاجة روحيّة، ونفسيّة، لا غنى عنها، وضرورة اجتماعيّة من ضرورات الحياة، وعنوان حضاريّ بارز، وواجب حثّت عليه الأديان السماويّة، ومنها ديننا الذي أمرنا بالقراءة، بمعانيها المجازيّة، والمباشرة، بقوله تعالى في سورة(العلق) « اقرأ باسم ربك الذي خلق»، ومن ذلك سمّيت أمة المسلمين(أمّة اقرأ)، وقوله تعالى في سورة (الإسراء) « اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا».

ولمعرفة قوّة نبض القراءة من ضعفها يستعين الدارسون، ومراكز الأبحاث بآليات تستند على استطلاعات الرأي، تقوم على فحص درجات الوعي لدى شريحة من الناس من مختلف الطبقات الاجتماعية، والأعمار، من خلال طرح العديد من الأسئلة عليهم، وتأتي معارض الكتب التي أصبحت واجهة يقصدها الجميع للزوّد بما يسمن مكتباتهم الشخصيّة من مقتنياتهم من مختلف المعارف، كما رأينا في معارض الكتب السابقة، ونشهد هذه الأيّام في معرض مسقط الدولي للكتاب، لتجسّ نبض القراءة، وتؤكّد أنّها بخير.