عمان اليوم

محاضرة تنشر مفهوم الاقتصاد الجديد في جامعة السلطان قابوس

22 فبراير 2017
22 فبراير 2017

توظيف وتفعيل تقنيات المعرفة في الأنشطة الإنتاجية -

نظم مركز البحوث الإنسانية في جامعة السلطان قابوس أمس «الأربعاء» محاضرة بعنوان: «الاقتصاد الجديد»، وقد ألقى المحاضرة الدكتور ناصر بن راشد المعولي مدير المركز وأستاذ الاقتصاد المساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، تم في المحاضرة مناقشة العديد من المحاور التي تخص الاقتصاد الجديد، الإطار المفاهيمي للاقتصاد القائم على المعرفة، حقائق وأرقام تصف واقع الاقتصاد الجديد، علاقة التعليم بالاقتصاد القائم على المعرفة، تطبيقات الاقتصاد الجديد أو ما يعرف بـ «التكنولوجيا الهادمة»، وتطرق الدكتور ناصر المعولي إلى استشراف مستقبل الاقتصاد الجديد في ظل التغيرات السريعة والمتلاحقة في عالم التكنولوجيا وتقنية المعلومات.

الاقتصاد الجديد: حقائق وأرقام

أشار الدكتور ناصر المعولي في بداية المحاضرة إلى بعض الأرقام والإحصائيات المتعلقة بالاقتصاد الجديد وذلك ليسترعي انتباه الحضور حول أهميته مؤكدا لهم أهمية الاعتماد على مقومات الاقتصاد الجديد في عملية التنمية الاقتصادية، كما تم في هذا المحور ذكر تجارب دولية وعالمية في عملية التحول إلى الاقتصاد المعرفي مثل فنلندا وكوريا الجنوبية وسنغافورة وكيف استطاعت تلك الدول وفي فترة وجيزة أن تنهض باقتصاداتها الوطنية بالاعتماد على الاقتصاد المعرفي وخير مثال على ذلك شركة نوكيا الفنلندية الرائدة في صناعة الهواتف النقالة، التي كانت معتمدة على صناعة الورق سابقا، وشركة سامسونج الكورية التي بدأت عملها كشركة تبيع السكر والأرز قبل أن تتوجه لتصنيع الإلكترونيات، أما اليوم فهي ثاني أكبر شركة برمجيات في العالم. ولقد دعم الدكتور ناصر المعولي فكرة الاقتصاد المعرفي بذكر أمثلة على شركات قائمة على الفكر والإبداع والابتكار حيث ذكر تجارب شركة واتس أب «Whatsapp» وفيسبوك«Facebook» وأبل «Apple» وغيرها، وكيف استطاعت تلك الشركات أن تحقق أرباحا هائلة من مقومات بسيطة. وأكد المعولي في هذا المحور أن الأرض والأيدي العاملة ورأس المال لم تعد هي المحددات الرئيسية للإنتاج ومسارات النمو الاقتصادي وإنما الاقتصاد الجديد القائم على الإبداع والذكاء والمعلومات هو من يفعل.

الإطار المفاهيمي

أما فيما يتعلق بالمفاهيم المتعلقة بالاقتصاد القائم على المعرفة فقد شرح المعولي في هذا المحور المقصود بكل من الاقتصاد المعرفي والاقتصاد القائم على المعرفة، حيث يعرف الاقتصاد المعرفي على أنه الاقتصاد الذي يركز على إنتاج وإدارة المعرفة مثل عمليات البحث والتطوير والتدريب، أما الاقتصاد القائم على المعرفة فهو عبارة عن مرحلة متقدمة من الاقتصاد يقوم بتوظيف وتفعيل تقنيات المعرفة في الأنشطة الإنتاجية، وذكر الدكتور ناصر المعولي في هذا المحور أنه يوجد أربعة مرتكزات يرتكز عليها الاقتصاد القائم على المعرفة وهي: النظام التعليمي حيث يجب توفر نظام تعليمي يدمج تقنية المعلومات والاتصالات والمهارات الإبداعية في المناهج التعليمية، البنية التحتية: حيث يتوجب توفير بنية تحتية قائمة على تقنية المعلومات والاتصالات حتى يتسنى النهوض بالاقتصاد المعرفي، الابتكار: ويعنى به وجود نظام ابتكار فعال يربط المؤسسات التجارية والمؤسسات الأكاديمية، وأخيرا الأنظمة والسياسات: حيث يجب توفر الأنظمة والأطر القانونية التي تهدف إلى زيادة الإنتاج.

علاقة التعليم بالاقتصاد المعرفي

ناقش المعولي في هذا المحور العلاقة القوية التي تربط بين التعليم والاقتصاد المعرفي مؤكدا أنه لا يمكن أن يقوم اقتصاد معرفي قائم على الإبداع والابتكار دون وجود نظام تعليمي يعمل على جعل الطلاب يستخدمون كل مهاراتهم وقدراتهم في سبيل النهوض بالاقتصاد الجديد، وأكد المعولي أن دور الجامعات في المساهمة في عملية إيجاد اقتصاد معرفي يتمثل في ثلاثة عناصر رئيسية هي: التعليم وإنتاج كفاءات معرفية، بحث علمي وصناعة المعرفة، التقانة والابتكار والشراكة المجتمعية وبالتالي إيجاد مجتمع معرفي. وأضاف الدكتور ناصر المعولي في هذا المحور أن المؤسسات التعليمية اليوم يجب عليها أن توسع أدوارها لتشمل الابتكار والتقانة والشراكة المجتمعية.

التكنولوجيا الهادمة

سلط الدكتور ناصر الضوء في هذا المحور على تطبيقات الاقتصاد القائم على المعرفة مبتدئا بتعريف مصطلح التكنولوجيا الهادمة، وتعرف على أنها التكنولوجيا التي تزيح التقنيات السابقة (الراسخة) والتي لها القدرة على هز الصناعات والمنتجات الرائدة حاليا لتستبدلها بتقنيات متطورة جديدة كليا. وكنماذج على التكنولوجيا الهادمة ذكر المعولي خمسة نماذج هي: الطباعة ثلاثية الأبعاد، إنترنت الأشياء، الذكاء الاصطناعي، المركبات ذاتية القيادة والتكنولوجيا الملبوسة. ولقد تم ذكر العديد من الأمثلة على تطبيقات هذه النماذج الخمسة مثل الأقفال الإلكترونية المرتبطة بالإنترنت وفرشاة الأسنان الذكية والمرآة الذكية والساعات الذكية.

الأربعون سنة القادمة

في آخر المحاضرة تطرق الدكتور ناصر إلى توقعات مستقبلية يتوقع لها أن تحدث خلال الأربعين سنة القادمة من شأنها أن تحدث تغيرات جزية ونقلة نوعية في حياة الأفراد، وذلك اعتمادا على تقرير «استشراف المستقبل العالمي» الصادر من قبل أكاديمية دبي للمستقبل خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، حيث استعرض هذا التقرير ما يقارب (112) تنبؤا مستقبليا في سبعة قطاعات استراتيجية وهي قطاع الطاقة المتجددة، وقطاع المياه، وقطاع التكنولوجيا، وقطاع الصحة، وقطاع التعليم، وقطاع النقل، وقطاع الفضاء. ففي قطاع الطاقة المتجددة كان من أهم التنبؤات فيه أنه في عام 2035 ستصبح (90%) من المركبات كهربائية وذاتية القيادة، وفي قطاع المياه يتوقع أن ينتهي الصراع العالمي على الماء في عام 2050، وأما بالنسبة لقطاع التكنولوجيا فيتوقع أنه في عام 2036 سيمتلك كل شخص روبوتا خاصا به. وفي قطاع الصحة فيتوقع أنه في عام 2048 ستعمل الحكومات على توفير العلاجات الجينية على شكل لقاحات بالمجان، وبالنسبة لقطاع التعليم (أهم القطاعات المتعلقة بالاقتصاد المعرفي) فيتوقع له أن يتم في عام 2030 إيجاد عقاقير تعطي قدرة دماغية قوية تعمل على تسهيل تعلم الأشياء المعقدة، وفي قطاع النقل يتوقع أنه خلال الثلاث سنوات القادمة (2020) سيتم تجربة القطار فائق السرعة (Hyperloop) وللمرة الأولى، وأخيرا قطاع الفضاء فقد توقع له أنه في العام القادم (2018) سيتم إطلاق أقوى تليسكوب في العالم بقوة تصل لـ 100 ضعف التليسكوب الحالي. ولقد تم إعداد هذا التقرير من قبل خبراء من وكالة ناسا ومركز لانجون الطبي التابع لجامعة نيويورك، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وشركة كونسين سيس للإنتاج، ومؤسسة سنس العالمية للأبحاث وشركة تويوتا العالمية. وفي آخر هذا المحور تطرق الدكتور ناصر إلى الحديث عن الثورة الصناعية الرابعة وهي المرحلة المبتدئة منذ عام 2011 والتي ظهرت مع ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات، والتي تم من خلالها تحقيق معدلات عالية من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، كما تم تخفيض تكاليف الإنتاج، ولكن بالمقابل أدت هذه الثورة الصناعية إلى زيادة نسبة الباحثين عن عمل كما أدت إلى تغير القيم الثقافية والاجتماعية.

الجدير بالذكر أنه تأتي أهمية هذه المحاضرة من كونها تعد محاولة لنشر مفهوم الاقتصاد الجديد الذي تشكلت ملامحه مع ظهور الثورة الصناعية الرابعة التي تقوم على التقانة والإبداع والابتكار والتميز بين الحضور ومحاولة للخروج من الاعتماد على الأفكار التقليدية القائمة عليها التنمية الاقتصادية.