abdullah
abdullah
أعمدة

رماد: لو كنتُ أنتَ

22 فبراير 2017
22 فبراير 2017

عبدالله المعمري -

ليس من السهل أن تختار توقيت العزلة بما يناسب ما أنت عليه، وما تريد أن تحدث نفسك به، ولترسم صورة لتلك الأفعال التي قمت بها أو التي لم تستطع فعلها، بل من وحتى أن تجالس الروح وتخبرها عن البكاء، وعن ذلك الألم الذي يعتصر قلبك، ويجعل منك متمردا مع ذاتك كما أفعل أنا الآن.

لكن المتحدثون عنك وعن ما انت عليه ممن حولك كُثر، لا يدركون شيئا عن عالمك في العزلة، ولا يفقهون حالتك النفسية والعاطفية والوجدانية، وأي حالة أخرى تمر بك وتعبر طريق حياتك وأنت نمضي بسنواتك نحو الشيب، نحو النهاية التي توصلك لتلك البداية.

فماذا سيحدث لو كنت أنا هو أنت، ذلك المحدث عن ما انا به، أعيش بقالبك الدنيوي، ومحيطك اللامتناهي من الكلمات المسطرة في كتاب أو صحيفة، أو مذاع عبر تلفاز أو مذياع، أتسم بشهرة ذات نطاق يتسمع لتلك الأفكار التي اختزلها في عقلي ولم ترى النور بعد، فحققتها بإنجاز عالمي، ماذا لو كنتُ أنت، ذلك الذي يجد متسعا من الوقت ليلعب ويمارس الرياضة، ويحلق في سماوات الدنيا طائرا من بلد إلى أخر، في عمل أو سياحة.

ماذا لو كنتُ أنت، أملك من المال الوفير ما يجعلني جل أعمال، رصيدي البنكي يوازي ربع ما يملكه العالم أجمع، أبني القصور، وأعيش رفاهية المكان والتنقل من مكان إلى مكان، وأمهد الطريق لأن أكون وزير، وصاحب سعادة وجاه، يشار لي بالبنان، أنفع القريب والبعيد، معطاء في الخير، ومؤسس لجمعية خيرية.

لكني، لا أستطيع أن أكون أنت، فالحديث منك نحوي يطول، ومن أسهل الأمور أن تقول كما أن غيرك عني يقول، فليس كل من لبس الجديد، يحمل في جيبه المال، وليس كل من وجد مساحة في الكتابة، طبع ونشر كتابه، وقس على ذلك تصاريف الأعمال طول الزمان، فما ترى مني لا يجعلني بالضرورة قادرا على أن أكون بمثل ما تنظر لي أو تقول عني.