عمان اليوم

هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ترفد المكتبة المحلية والعالمية بإصدارين

21 فبراير 2017
21 فبراير 2017

العمانية: صدر عن هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية إصدارين الأول بعنوان «سلسلة البحوث والدراسات في الوثائق الوطنية والدولية 10: عصر النهضة العمانية في زنجبار 1832-1963» والثاني «سلسلة البحوث والدراسات في الوثائق الوطنية والدولية 11: دروس وحكم من أخلاق العرب في الإسلام» الجزء الثاني.

يمثل الإصداران امتدادا لسلسة البحوث والدراسات التي أصدرتها الهيئة، وانطلاقا من اهتمامها بالبحث والدراسة ورفد المكتبة المحلية والعالمية بالإصدارات التي تخدم الباحثين والدارسين وتكشف الكثير من الحقائق وتزيل الغموض عن أخرى وتشمل هاتان السلسلتان دراسة منهجية.

الجدير بالذكر أن الإصدارين سيتوفران بمعرض مسقط للكتاب 2017م بركن الهيئة إضافة إلى عدد من الإصدارات ذات البعد التاريخي الذي يؤكد عراقة التاريخ العماني التليد إلى جانب مجموعة من الوثائق والمخطوطات التي من شأنها أن تعزز الثقافة الوثائقية لدى الجمهور العماني.

وتهدف سلسلة البحوث والدراسات في الوثائق الوطنية والدولية 10 إلى الاستعانة بدراسات الباحثين والمتخصصين والمفكرين من جميع أنحاء العالم لتحري الموضوعية وعرض البحوث والدراسات التي تغطي فترات تاريخية متعددة ومن عدة مناظير أكاديمية وعلمية والمصداقية بأكبر قدر ممكن، وبناء عليه فقد قام الدكتور عيسى الحاج زيدي عميد كلية اللغة السواحيلية واللغات الأجنبية بجامعة زنجبار بالاستعانة بجميع المصادر المحلية والدولية وفي مقدمتها الوثائق والصور والخرائط المتوفرة في الأرشيف بزنجبار وكذلك الوثائق والمقابلات الشخصية مع أهالي زنجبار والمدن والقرى المحيطة بها، وذلك حتى يتسنى للقارئ رؤية الحقائق وتحليل المواقف التاريخية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية من منظور إفريقي، وسعيا لتوطيد أواصر الود والمحبة والتلاقي الإنساني عبر العصور وإلى عصرنا الحالي.

ومن هذا المنطلق قامت الدراسة بتغطية عدة موضوعات موثقة بصور، ووثائق وخرائط، وجداول إحصائية، حيث قدم الفصل الأول «خلفية تاريخية وجغرافية عن زنجبار» التي تعكس الازدهار الاقتصادي والسياسي الذي أدى إلى إحداث نهضة شاملة في جميع نواحي الحياة، ومن هذه العوامل العديد من الجوانب ومنها التربة في جزيرة أنغوجا، وسكان زنجبار والتطور الإيجابي في المنظومة الحياتية لأهل المناطق والعمانيين والعرب الذين اندمجوا وأصبحوا جزءا فاعلا من هذا المجتمع وتطوره.

وغطى الفصل الثاني عدة نواح تبرز التفاعل الاقتصادي من الجانب العماني العربي ومردوده الإيجابي على نواحي الحياة الاجتماعية، والثقافية، الحضارية من خلال تحليل الجوانب المتعلقة بأهمية دور «العمانيون والعرب في زنجبار» ودورهم في دفع وإبراز الموقع الاستراتيجي لزنجبار والنهضة الاجتماعية والثقافية والمعمارية والاقتصادية والسياسية التي تمتعت بها زنجبار حتى أصبحت مركزا تجاريا عالميا.

وشمل الفصل الثالث دراسة تحليلية لطبيعة أعمال ومهن العمانيين في زنجبار، وهي التي عكست التحديات الصعبة التي تغلب عليها العمانيون وإنجازاتهم بالتعاون والتآخي مع إخوانهم الزنجباريين.

وبحث الفصل الرابع عنوان «العرب والعمانيون وإشكالية تمليكهم للأراضي الزراعية في زنجبار» والتعامل الإيجابي في حل إشكالية امتلاك العمانيين وغيرهم من العرب للأراضي في مناطق المزارع، مما نتج عنه إيجاد منظومة متكاملة لتمليك الأراضي في جزيرة أنغوجا وبيمبا.

واختتمت الدراسة بالفصل الخامس بعنوان «العمانيون وزراعة القرنفل في زنجبار والنتائج السياسية والاستراتيجية والاقتصادية والثقافية» الذي أبرز دور العمانيين في استجلاب ونجاح تجربة زراعة القرنفل في زنجبار بعد التغلب على التحديات التي واجهت العمانيين لتطوير عملية زراعة القرنفل في زنجبار، ومما لا شك فيه فإنه يمكن مقارنة نمو وزراعة القرنفل في هذه الحقبة بالبحث والتنقيب واكتشاف البترول في عصرنا الحالي مما كان له دور بارز في ازدهار الأحوال الاجتماعية والاقتصادية مما له من أهمية استراتيجية وسياسية لزنجبار دون إغفال للنهضة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية المصاحبة لها.

وقام الباحث بإعطاء خلفية تاريخية وجغرافية عن زنجبار فتطرق إلى أنواع التربة في زنجبار وبيمبا وتأثيرها على الحياة السكانية وهجرتها من مكان إلى آخر، حيث إنه عاش حقبة من الزمن عاصر فيها الحكم العماني، مثلما عاش آباؤه وأجداده.

وحرص على استقصاء الحقائق والوقوف عن كثب على الحقائق والواقع متجردا من أي ميول بهدف الكشف عن الغموض وتقديم الصورة الحقيقية لهذا الدور العماني كواحد من الأدوار المهمة في تنمية الجوانب الاقتصادية والمعيشية لسكان سلطنة زنجبار.

وقد قام الباحث في مسار دراسته بإعطاء خلفية تاريخية وجغرافية، حيث تطرق إلى الطبيعة الجغرافية لأرضها وأنواع التربة وأثر ذلك على الحياة السكانية وهجرتها من مكان لآخر بما في ذلك التداخل السكاني للعمانيين مع بقية السكان المحليين في إطار مكون واحد كان تأثيره على سكناهم وطبيعة أعمالهم، فضلا عما أنتجه ذلك الامتزاج العماني والعربي الآخر مع القبائل الإفريقية الأخرى، وجاءت من مناطق عديدة واستوطنت في أنغوجا (زنجبار)، وبيمبا (الجزيرة الخضراء)، ليشكلوا مع العمانيين وغيرهم من العرب الذين أتوا معهم أو الهجرات التي أتت لاحقا من مناطق أخرى المكون السكاني لزنجبار.

وقد سلك العمانيون مسلكا اتسم بحسن المعاملة والأخلاق مما أكسبهم محبة بقية السكان، وهذا النهج ساعدهم على نشر الإسلام وبناء علاقات أسرية واجتماعية تمثلت في الزواج والعادات والتقاليد والمعيشة المشتركة، سواء كانوا تجارا أو مزارعين أو أي مهنة عملوا فيها، فقد اتصفوا من خلالها بمحبتهم للآخرين.

وتناول الباحث ذلك مبينا الأثر العماني في الحياة الاجتماعية والأنشطة اليومية، وفي شكل الهندسة المعمارية والطراز الفني في نمط البناء المتميز، وأن التفاعل العماني وجديته في العمل ساهم في التغلب على الظروف البيئية والجغرافية لطبيعة زنجبار التي شكلت بعض مواقعها الصخرية التي تم التغلب عليها واستصلاح تلك المناطق التي هيئت لتكون أراضي زراعية، حيث تبعها جلب المحاصيل الزراعية المختلفة وعلى وجه الخصوص القرنفل والأرز.

وقدم الباحث شرحا تفصيليا موضحا دور العمانيين في جلب نبات القرنفل إلى زنجبار وزراعته مما كان له المردود الاقتصادي والاجتماعي الطيب ليس فقط على العمانيين المقيمين بزنجبار، بل وأيضا على المزارعين المحليين وكافة السكان المحليين والعمانيين وغيرهم من العرب، والآخرين المقيمين بزنجبار، مثل الهنود والشيرازيين وغيرهم، حيث عم الرخاء وتطور أسلوب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمدنية في زنجبار، عنها في المناطق والمدن أو القرى الأخرى، مما جعل من زنجبار مركزا تجاريا عالميا ذا أهمية استراتيجية لبلد ينعم بالرقي والنهضة في نواحي الحياة المختلفة.

وتطرقت الدراسة أيضا وبأسلوب توضيحي تدعمه الوثائق والصور والخرائط إلى القوانين والأعراف المتبعة في زنجبار قبل وصول العمانيين إليها، وكيف احترم العمانيون تلك القوانين والأعراف في الزراعة وتملك الأراضي وتحويلها إلى مزارع ليعمل فيها العمانيون مع إخوانهم الأفارقة حيث سمح ملاك الأراضي العمانيون لإخوانهم الأفارقة الذين يعملون في مزارعهم ببناء مساكن خاصة لهم وتخصيص أماكن لزراعة المنتجات التي يحتاجها هؤلاء المزارعون الأفارقة على أرضهم أو تلك التي يملكها المزارعون العمانيون.

وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على الترابط والتآخي وروح الود والمحبة والسلام التي أكدت الامتزاج الإنساني بين شركاء العمل والوطن ومن هذا المنطلق أكدت الدراسة المدعومة بوثائق رسمية ومعتمدة من عدة جهات، ومنها قنصليات أجنبية، بملكية تلك المزارع والأراضي للعمانيين، وهي التي تبين خطأ مزاعم الانفصاليين العنصرية حيث تغاضوا عن التاريخ والحقائق الواقعة على الأراضي والقوانين السائدة في هذا الوقت، والأعراف الإفريقية بزنجبار التي احترفها العمانيون وغيرهم من العرب وتجاهلها الآخرون لأهداف سياسية، أو عنصرية، أو مآرب شخصية.

واستعانت الدراسة بمنهجية عرض وجهات النظر المختلفة معتمدة أيضا على مصادر أجنبية وغربية وتحليل أسباب نجاح العمانيين وغيرهم من العرب في زراعة القرنفل، والتجارة، والأعمال المدنية في زنجبار، وناقشت التحديات الطبيعية، والاقتصادية، والسياسية والاستراتيجية ومنها التنافس مع الدول الأخرى، وغيرها التي تغلب عليها العمانيون لوضوح أهدافهم، وصلابتهم، وأمانتهم، وأخلاقهم الحميدة التي كانت عونهم لتحقيق نجاحاتهم الكثيرة بمشاركة إخوانهم السكان المحليين بزنجبار، ولذلك كان المردود طيبا على المناطق التي أقام بها العمانيون، أو قاموا بزراعتها وتحويل الأراضي الميتة إلى مزارع منتجة، وتطويرها مقارنة بالمناطق الأخرى التي لم يوجد فيها العمانيون وغيرهم من العرب، فاتبعوا ما ذُكر في كتاب منهاج الطالبين وعمدة المفتين في الفقه للنووي اللذين كانا منتشرين في زنجبار أن: «الأرض التي لا تعمر قط إن كانت ببلاد الإسلام فللمسلم تملكها بالإحياء.

..

وإن كانت جاهلية فالأظهر أنه يملك بالإحياء»، فتحولت زنجبار من قرية صغيرة إلى مركز تجاري عالمي على طول الساحل كنتيجة طبيعية لروح الود والتآخي الإنساني بين العمانيين وأهل زنجبار الطيبين والعرب والجنسيات الأخرى التي وجدت في زنجبار من الفترة 1832-1963م.

من جانبها تهدف «سلسلة البحوث والدراسات في الوثائق الوطنية والدولية 11: دروس وحكم من أخلاق العرب في الإسلام الجزء الثاني» إلى خدمة البحث العلمي والتعريف بالجوانب الحضارية والتاريخية لعُمان، وفي هذا الصدد رأت الهيئة إمكانية انتقاء بعض البحوث أو الموضوعات خارج المؤتمرات والندوات التي تعقدها التي ترى من خلالها مد أفراد المجتمع بموضوعات متنوعة تحتوي على مجموعة من المبادئ والقيم لموضوعات تبرز دور الإسلام الحضاري في نشر ثقافة التسامح والمحبة بين أفراد المجتمع من خلال الدروس والموضوعات التي تلامس المعاملات بين الناس وتظهر أهمية القيم والأخلاق. ويتناول الإصدار الحادي عشر من سلسلة البحوث والدراسات «دروس وحكم من أخلاق العرب في الإسلام» في الجزء الثاني، وهو من تأليف الشيخ ناصر بن محمد بن راشد الزيدي، فهو شخصية لا تحتاج منا إلى التعريف بخبرته العلمية والأدبية وسيرته العملية، وكان تأليفه لهذه الموضوعات على شكل دروس قدمها في سلسلة برامج إذاعية على شكل موضوعات متنوعة تبين بعضها توضيحات وشروحات تكريم الله للإنسان وأفضليته في كثير من الأمور، ودلل على ذلك في كثير من المواقف كما برز موضوعات حول الشباب وغيرها من الدروس جلها تتحدث عن المبادئ والقيم والتعامل والأخلاق الحسنة، وما يتوجب على الفرد في المجتمع الذي يعيش فيه ولعل هذه الدروس تفيد الأبناء في المراحل التربوية المختلفة، كما أنها تذكر الإنسان بواجبات إنسانية قيمة.

ويضم الإصدار ثمانية فصول حيث يتحدث الفصل الأول عن مكارم الأخلاق وفيها يتحدث الشيخ الزيدي عن أخلاق الـرسـول صلى الله عـليه وسـلم ومـواقـف من مـكارم الأخـلاق، والمـرء بأصـغـريه، ووجـوه المـعـروف، وكـرم الأخـلاق وسـوء الأخـلاق. وفي الفصل الثاني تطرق في العلم والأدب، مـقـدمـة، وحـديث الإمـام عـلي، ومـنزلة العـلمـاء، وإمام القـوم رائـدهـم، والظـلم ظـلمات يـوم القـيامة، وجاء الفصل الثالث بعنوان «مـواقـف الإيمـان» تطرق فيه إلى التعـاون بين أفـراد المجـتمع وتحـريم الغـش في الإسـلام ودور الخـلافة للإنسان في الأرض والنصح في البيع والشـراء، والإسـلام يـراعي الجانب الخلقي، وغيرها من الأمور المتعلقة بالحكم والأخلاق.

وعنون الفصل الرابع بـ«الأسـرة والمجتمع» والفصل الخامس بـ«العلم والعمل به»، أما الفصل السادس فهو بعنوان «شـؤون مخـتـلـفـة»، والسابع في «الـدين والحـياة»، واختتم الشيخ ناصر بن محمد بن راشد الزيدي الإصدار بالفصل الثامن وتناول فيه بعـض المناسبات الـدينية.