الملف السياسي

قطاع الصناعة.. الأكثر موارد وتشغيلا

20 فبراير 2017
20 فبراير 2017

د. محمد رياض حمزة -

في 9 من فبراير الجاري احتفلت السلطنة بيوم الصناعة، وفي كلمته بهذه المناسبة أكد معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة أن «الاستثمار في القطاع الصناعي مستمر في النمو».  

فبالإضافة إلى مشروع المدينة الصناعية الصينية العمانية في المنطقة الاقتصادية الخاصة في الدقم باستثمارات متوقعة تناهز الـ 10 مليارات دولار حتى عام 2022 فإن البيانات الإحصائية المتوفرة ولغاية النصف الأول من عام 2016 تشير إلى أن حجم الاستثمارات للقطاع الخاص بالمناطق التابعة للمؤسسة العامة للمناطق الصناعية بلغ حوالي 6 مليارات ريال عماني، بلغ الاستثمار المحلي منها 3110 ملايين ريال عماني وهو ما يعادل 52% كما بلغت المشاريع 1688 مشروعا بمختلف المناطق وبلغ العامل منها 1062 مشروعا و277 مشروعا قيد الإنشاء والبناء و349 مشروعا بمرحلة الحصول على التراخيص، أما فيما يتعلق بحجم القوى العاملة في المناطق التابعة للمؤسسة فقد بلغ أكثر من 46000 عامل وموظف وبلغت نسبة التعمين فيها 36 % أو ما يقدر بحوالي 17000 عامل وموظف في حين تجاوزت مساحة الأراضي المؤجرة للشركات العاملة بالمناطق الصناعية 33 مليون متر مربع مع نهاية النصف الأول من العام 2016.

وبينما بلغ متوسط التعمين في المصانع أكثر من نسبة 35% فهناك مصانع فاقت نسب التعمين فيها الـ 50%. وأود ان أؤكد هنا انه بات من غير الجائز إطلاقا أن نرى مصانع لا تحقق الحد الأدنى المتفق عليه مع وزارة القوى لعاملة وهو 35%. وسوف نتطرق في نقاشاتنا لاحقا حول الآليات التي يمكن أن تجعل القطاع الصناعي أكثر جاذبية للشباب العماني.

وتؤكـــد تصريحـــات المسؤولين عن إدارة الاقتصاد الوطني في السلطنة ضرورة تنويع مصادر الدخل وتهيئة البلاد لمرحلة ما بعد النفط، ليأخذ الدخل ومصدره القطاع الصناعي البديل عن الدخل الذي يوفره قطاع النفط حاليا، أي أن الاقتصاد الوطني سيتوجه نحو المزيد من تأسيس الصناعات.

ومن خلال معرفة متطلبات الصناعة، إضافة إلى مقوماتها المادية، فإنها تحتاج إلى المزيد من القوى العاملة المؤهلة والمدربة لفرص عمل تناسب الصناعات التحويلية والاستخراجية والثقيلة والخفيفة.. وغيرها، فطبيعة المهن المباشرة وغير المباشرة في الإنتاج الصناعي تتطلب التخصص الفني الدقيق مضافا إلى الخبرة، ومن هنا توجّب تعدد التخصصات وتقسيم العمل، الأمر الذي أدى إلى الحاجة إلى المزيد من المهن وفرص العمل.

تجدر الإشارة إلى أن القطاع الخاص العماني يمكن أن يلعب الدور الأكبر في إقامة المشروعات الصناعية، فقد بلغ إجمالي عدد المؤسسات المسجلة في السجل التجاري حسب فئة رأس المال (بدون الفروع) 38 ألفا و362 مؤسسة، منها فقط (511) منشأة صناعية، وأن جملة استثماراتها 26 مليونا و811 ألف ريال عماني حتى نهاية 2015- المركز الوطني للإحصاء والمعلومات الكتاب الإحصائي السنوي الإصدار 44 لسنة 2016 .

دول مجلس التعاون الخليجي ومنذ بداية السبعينات شرعت في تنفيذ العديد من برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية الطموحة التي تضمنت العديد من مشروعات المرافق والبنية الأساسية ومشروعات الخدمات.

وبهدف تنويع مصادر الدخل والحد من الاعتماد على النفط والغاز الطبيعي بدرجة رئيسية سواء للإيرادات العامة للدولة أو بالنسبة للإيرادات من الصادرات فقد بدأت دول المجلس خلال العقود الثلاثة الماضية في الاتجاه نحو التصنيع وتمت إقامة العديد من الصناعات الأساسية في مجالات الصناعات النفطية والبتروكيمائية وصناعة الألمنيوم والصناعات الغذائية والمعدنية ومواد البناء وغيرها بالإضافة إلى إقامة العديد من الصناعات الصغيرة والمتوسطة، كما تم إصدار بعض التشريعات الهادفة الى تشجيع وتحفيز القطاع الخاص للاستثمار في القطاع الصناعي وقد أدى ذلك إلى زيادة نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس.

ومن المتوقع أيضا أن يستمر التزايد في معدلات النمو الصناعي بدول المجلس نتيجة للعديد من العوامل التي منها:

الزيادة في معدلات النمو السكاني والوعي المتزايد من قبل المواطنين بأهمية التصنيع.

اتجاه دول المجلس إلى الاهتمام بتشجيع القطاع الخاص الصناعي وبعمليات التدريب وتطوير الموارد البشرية.

انضمام العديد من دول مجلس التعاون إلى منظمة التجارة العالمية.

لجوء دول المجلس إلى سن قوانين لتنظيم الملكية الصناعية وحمايتها

الاهتمام بتطبيق معايير الجودة العالمة في الإنتاج في (ISO 9000) وغيرها.

فتح الأسواق الخليجية أمام المنتجات الصناعية الوطنية بدول المجلس التي لا تقل القيمة المضافة الناشئة عن إنتاجها في هـــذه الـــدول عن 40% مــن قيمتهـــا النهائيـــة عنـــد إتمــام إنتاجهـــا والمضي في تطبيق بنود الاتفاقية الاقتصادية الموحـدة.

وتهدف خطط وبرامج التنمية الصناعية في دول مجلس التعاون إلى تحقيق العديد من الأهداف التي تتمثل أهمها فيما يلي:

زيادة نسبة مساهمة القوى العاملة الوطنيـــة فـــي القطاع الصناعي والعمل على زيـــادة إنتـــاج السلع المصنعة بدول المجلس.

دفع عجلة التصنيع بما يتناسب مع إمكانيات وظروف كل دولة والعمل على زيادة نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي.

الاهتمام بالصناعات التي تقوم على استغلال الموارد الطبيعية المتوفرة وخاصة الصناعات الموجهة نحو السوق المحلي والخارجي بالإضافة إلى تلك الصناعات التي تساعد على زيادة فرص نجاح الصناعات القائمة حاليا في دول المجلس مثل صناعات الألمنيوم، والحديد والصلب، والبتروكيمائيات والأسمنت وغيرها.

ومن هذا المنطلق فقد قامت دول المجلس بوضع مجموعة من السياسات لتحقيق التنمية الصناعية حيث تدور في مجملها حول الأمور التالية:

توفير المزيد من مرافق البنية الأساسية والخدمات الصناعية بما في ذلك المناطق الصناعية المتكاملة بهدف تخفيض تكاليف إنتاج تشغيل المشروعات الصناعية.

تقديـــم حوافـــز صناعيـــة لتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في مجال التنمية الصناعية.

تسهيل عملية نقل التكنولوجيا والمعارف الفنية من الخارج بالإضافة إلى تشجيع أساليب الإنتاج الموفرة للعمل. الاستفادة من المزايا النسبية المتوفرة في دول المنطقة بما يساهم في تحسين جودة الإنتاج وتخفيض التكاليف.

إعطاء المزيد من الاهتمام لصناعات بدائل الواردات وتخفيض رسوم الصناعات التصديرية المستخدمة للمواد الخام ومصادر الطاقة المحلية خاصة البترول والغاز الطبيعي.

الاهتمام بتحقيق وتعميق التكامل والتنسيــق الخليجي في المجال الصناعي وفقا لما تنص عليه الاتفاقية الاقتصادية الموحدة.

وقد اعتمدت دول المجلس في تنفيذ هذه السياسات على تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في مجالات التنمية الصناعية المتنوعة وكذلك الاهتمام بتأسيس المشروعات الصناعية المشتركة خاصة المشروعات الخليجية المشتركة مع الاهتمام بالعمل على جذب التكنولوجيا الحديثة والاستثمارات الأجنبية.. وعلى الرغم من اطراد نمو ناتج القطاع الصناعي في دول المجلس ولو بنسب مختلفة من دولة إلى أخرى فلا تزال نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي منخفضة مما يشير إلى أن دور هذا القطاع في النشاط الاقتصادي لا يزال دون المستوى المستهدف لكي يلعب دورا فعالا في إحداث التنويع المطلوب في مصادر الدخل في هذه الدول، ولكي يلعب القطاع الصناعي هذا الدور فلا بد من الاستمرار في الاستثمار في المجالات الصناعية المختلفة بمعدلات عالية بهدف تنويع القاعدة الصناعية بالإضافة إلى ضرورة التحسين والتطوير المستمر في الموارد البشرية.

ونظرا لعدم كفاية القوى العاملة الوطنية المتاحة في دول الخليج العربية وعدم وجود بعض التخصصات والمهارات اللازمة لتأسيس الأنشطة الصناعية المختلفة فقد زاد الطلب على القوى العاملة الوافدة وخاصة الآسيوية. ولتنويع مصادر الدخل بتطوير القطاع الصناعي، فلا بد من الشروع في إعداد وتأهيل القوى العاملة الوطنية لمتطلبات القطاع الصناعي سواء في التعليم أو في التدريب. وأيضا الاستغلال الأمثل للقوى العاملة الوافدة في القطاع الصناعي.